المصدر: المدن
السبت 15 تشرين الثاني 2025 02:22:13
أشارت مصادر دبلوماسيّة غربيّة لـ"المدن" إلى أنّ إدارة البنك الدولي في واشنطن بدأت أخيراً التعبير عن "استياء شديد" من مجريات الأمور في مجلس النوّاب، بعدما تمّ إقحام مشروع قانون قرض إعادة الإعمار -الذي يفترض أن يموّله البنك- في دهاليز التجاذبات السياسيّة الداخليّة. وأكّدت المصادر ما ذكره وزير الماليّة ياسين جابر، بخصوص إمكان إلغاء هذا التمويل، إذا لم يتم إقرار مشروع قانون في البرلمان خلال الأسابيع المقبلة.
ومن المعلوم أنّ وزارة الماليّة كانت قد فاوضت فريق البنك الدولي طوال الأشهر الماضية، وتمكنت من الحصول على موافقة على قرض بقيمة 250 مليون دولار أميركي. ورغم إقرار مشروع قانون القرض في الحكومة، وإحالته إلى المجلس النيابي، لم يتم إقراره حتّى اللحظة هناك، بسبب عدم توفّر النصاب اللازم لانعقاد الهيئة العامّة للبرلمان، منذ حصول الخلاف حول تعديل قانون المغتربين.
وأشارت المصادر إلى أنّ إدارة البنك الدولي أبلغت وزارة الماليّة في لبنان اتجاهها للتريّث في استكمال العمل على سائر المشاريع المرتبطة بلبنان، في انتظار معالجة المسألة في مجلس النوّاب، تفادياً لتكرار سيناريو قرض إعادة الإعمار. مع الإشارة إلى أنّ البنك الدولي كان قد وافق أيضاً على قرض آخر للبنان بقيمة 257 مليون دولار أميركي، لتحسين خدمات إمدادات المياه في بيروت وجبل لبنان، غير أنّ استعمال المبلغ ما زال متعذّراً أيضاً في انتظار إقراره في البرلمان أيضاً.
ومن المعلوم أنّ البنك الدولي يمتلك تجارب سابقة غير مشجعة مع لبنان، لجهة استنزاف وقت فرقه التقنيّة على مشاريع لم يجري تنفيذها لاحقاً، إما بسبب الأزمات والخلافات السياسيّة أو بسبب حصول تغيّرات في أولويّات السلطات المتعاقبة. وفي الوقت الراهن، يُعبّر دبلوماسيون غربيّون عن خشيتهم من عودة لبنان إلى هذا النوع من الممارسات، التي تُفقد الإدارة العليا للبنك الثقة في أي مشاريع جديدة يجري التفاوض في شأنها حالياً.
وتجدر الإشارة إلى أنّ قرض إعادة الإعمار، المُعلّق في المجلس النيابي حالياً، يفترض أن يشكّل رأسمال تأسيسي لصندوق ستتجاوز قيمته المليار دولار أميركي مستقبلاً. وبينما سيتكوّن ربع هذا المبلغ من قرض البنك الدولي، من المفترض أن يتأمّن الجزء المتبقي من مؤسّسات دوليّة أخرى أبدت لوزارة الماليّة استعدادها للمساهمة في الصندوق.
وتكمن المشكلة الأهم حالياً في احتمال خسارة لبنان لاهتمام المؤسّسات الدوليّة الأخرى الحاضرة لتمويل هذا الصندوق، إذا قرّر البنك الدولي إلغاء موافقته على القرض بسبب سوء إدارة هذا الملف. وفي هذه الحال، ستخسر البلاد مصدر التمويل الوحيد المتوافر لإعادة ترميم البنية التحتيّة والخدمات العامّة في المناطق المُتضرّرة من الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان، فيما يُفترض أن يحرص لبنان على تعزيز صمود السكّان في تلك المناطق في وجه أي مشروع لتهجيرهم.