التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان: عمولات غير شرعية وتفرّد في القرار

أصدرت شركة Alvarez & Marsal الاستشارية تقريراً جنائياً لا هوادة فيه حول إدارة البنك المركزي اللبناني، يشير إلى الدور الهائل لحاكمه السابق رياض سلامة في الإشراف على البنك، والذي يتميز بنهج «شخصي» و «غير خاضع للرقابة».

 

 

 

كان الهدف هو فحص المعاملات المالية وفقاً للقانون والكشف عن عمليات الاختلاس المحتملة ويغطي التقرير، الذي يمتد على 332 صفحة عبر 14 قسماً، الفترة من 2015 حتى أوائل 2020.

 

 

ودقق في الامتثال والرقابة الداخلية في مصرف لبنان، وكشف عن ممارسات محاسبية غير نظامية، ونقص في الشفافية، وضعف آليات الرقابة. وظهر رياض سلامة باعتباره صانع القرار الرئيسي، مع ضوابط محدودة للغاية على سلطته.

 

 

العمولات غير المشروعة

 

 

وجدت «ألفاريز ومارسال» دليلاً على «عمولات غير مشروعة بلغ مجموعها 111 مليون دولار» خلال الفترة المحددة. هذا يكمل الفحص المستمر للعمولات المشبوهة التي يبلغ مجموعها 330 مليون دولار والتي تم تحويلها إلى شركة Forry Associates Ltd من عام 2002 إلى عام 2016. يشتبه المحققون الأوروبيون في أن سلامة قام بتحويل الأموال العامة من خلال شركة Forry، وهي شركة شقيقه، بموجب اتفاق غير منتظم (أو غير قانوني ) مع البنك المركزي اللبناني.

 

 

خلال هذا الوقت، كانت تحصل «فوري» على عمولة قدرها 0.38 في المائة من البنوك التجارية دون علمها ودون تقديم أي خدمات في المقابل في كل مرة تشتري فيها أدوات مالية من البنك المركزي.

كشف تحليلهم النقاب عن وسطاء إضافيين، مما يبرز وجود المزيد من العمولات الموجهة إلى نفس «الحساب الاستشاري».

 

 

وتجدر الإشارة إلى أن تقرير «ألفاريز ومارسال» يدرس بشكل أساسي حقبة ما بعد «فوري»، حيث توقفت عمليات النقل إلى الشركة بعد عام 2015.

 

 

وكتب المدققون: «يبدو أن هذا استمرار لمخطط قيد التحقيق من قبل سلطات الادعاء اللبنانية والدولية».

 

 

تمّ إيداع الحساب بطرق مختلفة، بما في ذلك من خلال المعاملات مع شركة Optimum Invest، وهي وسيط لبناني، ومن تحويلات المدفوعات المستلمة من مصارف. وكتب المدققون أن هذه المعاملات تبدو «غير منتظمة للغاية».

 

 

ومع ذلك، لم تتمكن «ألفاريز ومارسال» من تحديد اسم المستفيد النهائي أو حسابه للتحويلات من الحساب «الاستشاري» في مصرف لبنان حيث تم إيداع العمولات، حيث حجب البنك المركزي تفاصيل المستفيد من مقتطفات Swift، بحجة قوانين السرية المصرفية.

 

 

كما رفض مصرف لبنان إجراء مقابلات وجهاً لوجه مع موظفيه، مما أدى إلى اعتماد نهج استبيان مكتوب يقتصر على عدد محدد من الموظفين.

 

 

كما تناولت «ألفاريز ومارسال» المعايير المحاسبية «غير التقليدية» لمصرف لبنان، والتي سمحت للمؤسسة بنشر بياناتها المالية بشكل غير شفاف وإخفاء خسائرها.

 

 

قالوا إن البنك المركزي استخدم عدداً من الأساليب غير التقليدية لإدارة ميزانيته العمومية، والحفاظ على واجهة للربحية كل عام والسماح له باستمرار بتخصيص حوالى 40 مليون دولار سنوياً لحساب وزارة المالية.

 

 

على مدى عدة عقود، خصص مصرف لبنان الخسائر المتراكمة على رأس ماله لحساب مخصص، بهدف تعويضها من خلال الإيرادات المستقبلية.

 

 

يشار إلى هذه الإيرادات باسم «Seigniorage» - الأرباح التي يحققها البنك المركزي من إصدار الأموال أو من أنشطة الوساطة المصرفية.

لكن مصرف لبنان أفرط في استخدام هذا النهج لإخفاء خسائره الهائلة، التي زادت بشكل خاص منذ عام 2016 فصاعداً.

«حتى السياسة المحاسبية غير التقليدية، لكي تكون سياسة، تحتاج إلى بعض الميزات الأساسية، على سبيل المثال، أن يتم تحديدها بوضوح، وقادرة على المراجعة وعدم الاعتماد على الحكم الذاتي. لقد فشلت السياسة المحاسبية لمصرف لبنان في هذا الصدد»، كتب المدققون.

وبحسب مدققي الحسابات، انتقل مصرف لبنان من فائض في العملة الأجنبية بلغ 10.7 تريليونات ليرة لبنانية (7.2 مليارات دولار) في عام 2015 إلى عجز قدره 76.4 تريليون ليرة (50.7 مليار دولار) في نهاية عام 2020.

وأضاف التقرير أن هذا التدهور «لم يتم الإبلاغ عنه في الميزانية العمومية لمصرف لبنان المعروضة في بياناته المالية السنوية، والتي تم إعدادها باستخدام سياسات محاسبية غير تقليدية».

عدم وجود ضوابط داخلية

كما انتقد تقرير»ألفاريز ومارسال» الافتقار إلى الحوكمة الجيدة وترتيبات إدارة المخاطر في البنك المركزي، فضلاً عن دور سلامة «كشخصية رئيسية في صنع القرار»، قائلاً إنه «مارس سلطة غير خاضعة للرقابة إلى حد كبير».

«كان هذا ممكناً بسبب ضعف الحوكمة وإطار الضوابط داخلياً، وآلية الإشراف الخارجي غير الفعالة إلى حد كبير ونقص الموظفين».

وفقاً للقانون اللبناني، كان المجلس المركزي، الذي من المفترض أن يحكم مصرف لبنان ويضع السياسة النقدية، «غير فعال إلى حد كبير كهيئة حاكمة، دون أي حد لممارسة الحاكم لسلطة صنع القرار».

ويضم المجلس المركزي، الذي تصدر قراراته بأغلبية الأصوات، المحافظ وأربعة نواب للمحافظ وممثلَين حكوميَين هما مدير عام وزارة المالية ومدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة. قالت «ألفاريز ومارسال» إنهما «لم تحددا أي تحد أو آراء / وجهات نظر معارضة في هذه المحاضر».