المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
السبت 1 آذار 2025 11:22:29
في وقت تُرسِّم إسرائيل حدود"المنطقة العازلة" في كل من لبنان وسوريا ومصر عند معبر فيلادفيا ،خرج رئيس الأركان الإسرائيلي المستقيل هرتسي هاليفي بتصريح يضع جمهورية مصر على محك الدول "التي تُقلق" إسرائيل .هاليفي قال:" نحن قلقون جدا. لدى مصر جيش كبير مزوّد بوسائل قتالية متطورة مع طائرات وغوّاصات وصواريخ متطورة، بالإضافة إلى عدد كبير من الدبابات وسلاح المشاة. هذا الأمر لا يشكل تهديداً في الوقت الراهن وهو ليس من أولوياتنا حالياً، لكن يجب أن نقول ذلك".
ما قاله هاليفي يؤكد وجود حالة ترقب وحذر من الجانب الإسرائيلي بسبب تعاظم ترسانة الجيش المصري العسكرية الذي يحتل المرتبة الـ19 عالميا في تصنيف الجيوش الأكثر قوة في العالم، بينما تحتل إسرائيل المرتبة 15.
مصادر متابعة لهذا الشأن تشير لـ"المركزية" الى أن "خشية إسرائيل من تعاظم نفوذ الجيش المصري مرده إلى الريبة من حصول خلل في ميزان القوى العسكرية في المنطقة خصوصا بعدما عملت الدولة المصرية على تطوير أنظمتها الدفاعية واعتماد تكنولوجيا متقدمة".
وتوضيحا لما يتم التداول به حول جدوى تطوير مصر أنظمتها الدفاعية واستقدام غواصات ودبابات وطائرات طالما أن ليس هناك أي تهديد في المنطقة ضد مصر، تقول المصادر أن الدول الكبرى والقوية مثل مصر تلزمها جيوش قوية قادرة على الدفاع عن الأمن القومي بأبعاده الشاملة" .
بالتوازي، تذكّر المصادر أن مصر هي من أوائل الدول التي أرست دعائم السلام في الشرق الأوسط وهي ملتزمة بقضية السلام كخيار استراتيجي، لكنها في المقابل قادرة على الدفاع عن أمنها القومي من خلال جيش قوي. وما مسألة تنمية القوى العسكرية إلا للحفاظ على السلام. وطالما أنها تملك ترسانة عسكرية متطورة ولديها جيش قوي فلن يجرؤ أحد على مهاجمة مصر او تهديد استقرارها وشعبها".
إنكار وجود أي تهديد مباشر لمصر لا يلغي التهديدات الموجودة عند حدودها. "حاليا تواجه مصر أربع تهديدات من أربع جهات: إسرائيل، وليبيا بعد القذافي، والجنوب السوداني، والبحر المتوسط الذي ستبدأ المشاكل على مياهه في مسألة استخراج الغاز. من هنا يمكن أن نفهم أهداف عملية تقوية الجيش المصري للحفاظ على الأمن القومي وليس التهديد أو التلاعب بموازين القوى في المنطقة".
أن يسلّط هاليفي الضوء على ترسانة الجيش المصري القوية والمتطورة فهذا أمر شبه طبيعي، لكن أن يقرن القلق بعدم الإهتمام واعتباره في أولويات اهتمامات الحكومة الإسرائيلية، يصبح بديهيا السؤال عن الأسباب التي دفعت إلى إطلاق هذه التصريحات في هذا التوقيت؟.
"الأرجح أن اختيار هذا التوقيت يخدم الدعاية الإسرائيلية. فالرسالة موجهة إلى الشعب الإسرائيلي ليضمن استمرار دعمه للجيش الإسرائيلي والميزانية المخصصة لجيش الدفاع الإسرائيلي. إذاً هي مخاوف ذات أبعاد معنوية لأن السلاح المصري غير مصوّب في وجه أحد، إلا إلى من يهدد الأراضي المصرية والأمن القومي المصري.
وفقاً لمعهد ستوكهولم، فإن أعمال التسلح في مصر ازدادت منذ تولي الرئيس السيسي سدة الحكم ولكن ما أثار قلق إسرائيل تسلُّم مصر الدفعة الأولى من طائرات صينية مقاتلة من طراز j10 فهل يأتي ذلك مع تمسك إسرائيل بمحور فيلادلفيا واتخاذ بنيامين نتانياهو قرار إنشاء مناطق عازلة على جميع الجبهات وتحديدا لبنان وسوريا ومصر بحجة حماية أمن إسرائيل؟
ليس خافيا أن الصدمة التي تلقتها إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023 تحتم على حكومتها التفكير بما هو أبعد من خططها الدفاعية عند الحدود لحماية أمنها وسكان المناطق الحدودية. من هنا يأتي الترويج للمنطقة العازلة، علما أنها بذلك تقتطع جزءاً من اراضي الدولة التي تقيم فيها "المنطقة العازلة" مما يُعتبر انتهاكا للإتفاقات القائمة. أيضا وبحسب مصطلح "المنطقة العازلة" فهي تعني منطقة بين دولتين وهذا ما هو قائم في الجنوب اللبناني وعند الحدود السورية مع إسرائيل. لكن ما الذي تريد أن تفصل بينها وبين مصر عند محور فيلادلفيا؟
إلى السبب الأمني الذي ترجح المصادر أنه وراء المنطقة العازلة عند محور فيلادلفيا حيث كان ممرا أساسيا لتهريب الأسلحة والسيارات والمسلحين لحماس كما كان يشكل مصدر رزق لها من ناحية الضرائب ، وعلى رغم تعاون مصر مع إسرائيل لتدمير كل الأنفاق إلا أن الضمانات غير متوافرة .إلا أن هناك سببا سياسيا يتمثل باستخدام نتانياهو لهذا المحور كنقطة استراتيجية لحماية أمن إسرائيل ومن الصعب جدا أن يتخلى عنه.
بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة ولبنان أطلق نتانياهو عهدا بتغيير معالم الشرق الأوسط. والواضح أنه يسعى قدر الإمكان للإستفادة من أي هامش مناورة من شأنه أن يجعل منه شريكا في أي تسوية تحصل ومنها الإبقاء على 5 نقاط في جنوب لبنان والتدخل بشكل مباشر في سوريا لإحراج النظام السياسي الجديد فيها كما العهد الجديد في لبنان، من خلال تثبيت نظرية أن التعامل مع الإحتلال الإسرائيلي لم يعد كما كان عليه قبل انطلاق عملية طوفان الأقصى. وهذا ما سيشعل جدلاً في الداخل اللبناني خصوصا أن بقاء إسرائيل في لبنان إلى أجل غير مسمى يأتي بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأميركية. وبهذا الدعم اللامتناهي ستسمح إسرائيل لنفسها بتبرير استيلائها على أجزاء من الأراضي اللبنانية إلى أن تدق ساعة التوقيع على معاهدة السلام، تختم المصادر.