التوتر الإقليمي يكسر مؤشرات التهدئة: فرص التسوية الرئاسية تتضاءل

كتب منير الربيع في المدن: تتنافس معطيات التهدئة مع معطيات التوتر، وارتفاع منسوبه في المنطقة. تعود مؤشرات التوتر للتصاعد بعدما كانت مؤشرات التهدئة هي المتقدمة. هذا كله ينذر بتشدد من قبل القوى الإقليمية في الشرق الأوسط، وسيكون له انعكاسات كثيرة. قبل فترة كانت المساعي تتركز حول تهدئة الأوضاع ومنع تفاقمها، إلا أن الأحوال تبدّلت. استهداف ميناء الضبة النفطي في اليمن، أثر سلباً على الهدنة اليمنية، وكانت هذه ضربة إيرانية مزدوجة للأميركيين وللمملكة العربية السعودية. بعدها جاءت عمليات الداخل الفلسطيني، والتي أربكت الإسرائيليين إلى حدود بعيدة. يتوازى ذلك مع إعلان إيران عن إصرارها بالتخصيب بنسبة 60 بالمئة. وهو ما تعتبره إسرائيل تهديداً استراتيجياً. كل ذلك يأتي بالنسبة إلى الإيرانيين في إطار الرد على الاحتجاجات الداخلية الآخذة بالتوسع.

ملفات ملتهبة
لدى الولايات المتحدة الأميركية أولويات متعددة، أبرزها كيفية التعاطي مع الملف الإيراني، بالإضافة إلى التهتمام بمرحلة ما بعد القمة الصينية الأميركية، وبتطورات الأحداث الروسية الأوكرانية، أما الملف الأكثر حماوة فسيكون مرتبطاً بالتعامل مع حكومة بنيامين نتنياهو التي تصر على التصعيد بوجه إيران، واستئناف عملياتها الأمنية والعسكرية ضدها. كل ذلك من شأنه أن يضع الوضع في المنطقة على شفير التوتر المتجدد، بعد محاولات حثيثة لإرساء التهدئة، وللبحث عن أفق لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى عودة المفاوضات بين إيران ودول الخمسة زائد واحد، وأيضاً وسط محاولات لتجديد الحوار السعودي الإيراني برعاية سلطنة عمان.

في الشرق الأوسط يبقى الاهتمام الأميركي في الملف الإيراني الإسرائيلي، ومنع حصول أي صدام قد يؤدي إلى إشعال المنطقة. لا سيما أن الإسرائيليين نفذوا عملية تتضمن ضربة قوية للإيرانيين، من خلال اغتيال الضابط في الحرس الثوري الإيراني، والذي يرقى إلى مستوى أرفع قائد عسكري في سوريا. علماً أن هذا الضابط كان أحد المسؤولين عن احتجاز الجنود الأميركيين في العام 2016. في المقابل، هناك تهديدات إسرائيلية باستهداف إيران، على خلفية الاستمرار في عمليات التخصيب ووصوله إلى مستوى 60 بالمئة. فيما لا تريد واشنطن أي تصعيد من هذا النوع.

ملفات مؤجلة
الأساس يبقى حول كيفية تشكيل الحكومة إسرائيلية، وإذا ما كان نتنياهو سينجح بانتزاع غطاء أميركي للقيام بعمليات عسكرية ضد الإيرانيين في سوريا، بالإضافة إلى تصعيد عملياته في فلسطين. ولكن في المقابل، أن يتم التفاهم معه حول الخطوط الحمر الأخرى المرتبطة بإيران، وعدم قيام اسرائيل بأي عملية أمنية أو عسكرية ضد إيران قد تستدعي رداً من قبل الإيرانيين، خصوصاً أن ذلك قد يؤدي إلى تغير المعطيات الداخلية الإيرانية، وإعادة شد العصب وانتهاز ذلك كفرصة للتشدد في مواجهة المتظاهرين. كما أن أي ضربة إسرائيلية قد تؤدي إلى اشتعال المنطقة ككل.

كل هذا التصعيد، يعني أن ملفات المنطقة ككل ستكون مؤجلة، وخاضعة للكثير من التجاذب السياسي وحتى الأمني. ما يعني انتهاء لحظة الاحتفاء اللبناني بملف ترسيم الحدود. إذ أنه في حال حصول أي اشتعال أمني في المنطقة، لا بد للبنان أن يتأثر. وقد بدأ هذا التأثر بالظهور وفق المعطى السياسي الذي يشير بوضوح إلى تراجع فرص الوصول إلى تسوية سياسية قريبة، من خلال الاتفاق على رئيس للجمهورية وآخر للحكومة وآلية تشكيلها.