الجانب اللبناني من الحَراك الفرنسي في السعودية سيموت في مهده... الإعتذار أوّلاً!

يركض الداخل اللبناني، وبعض من في الخارج، وعلى رأسهم فرنسا، تحقيقاً لهدف إعادة دول الخليج العربي، وعلى رأسها السعودية، مع أموالها، الى لبنان.

ولكن هل ان مُنطلقات الأزمة اللبنانية تعود الى الانكفاء العربي السياسي والمالي عن لبنان فقط؟ وماذا عن التدخلات الإيرانية في الشؤون اللبنانية، و(ماذا) عن الإحتلال الإيراني للبنان، الذي ساهم في طرد السعودية والعرب (وحتى الغرب) منه، في ظلّ سلطة لبنانية وضعت كل رصيدها في مصارف السياسات الإيرانية، لتجد الإفلاس والإنهيار، والدمار السياسي والمالي والإقتصادي؟ 

دولة صديقة

ربما يحقّ لنا كلبنانيين، المطالبة بتعويضات من جراء مفاعيل الإحتلال الإيراني، وذلك من خلال الحصول على بعض المليارات الإيرانية من تلك التي تطالب طهران بتحريرها، في هذا الوقت أو ذاك. والملموس الوحيد، هو أن فرنسا تنطلق في عملها اللبناني من عقم، لتصل إليه من جديد، انسجاماً مع أن ما يحتاجه لبنان ليس عودة سعودية أو خليجية أو عربية (أو حتى غربية إليه)، فقط، بل إخراج الإحتلال الإيراني منه، مع الإبقاء على أفضل العلاقات مع إيران، كدولة إقليمية صديقة، لا أكثر ولا أقلّ. 

سيطرة كاملة

فالأزمة ترتبط باحتلال إيراني يجب أن ينسحب من لبنان، وإلا سنكون أمام عودة عربية وسعودية تحضيرية لخروج جديد، في وقت لاحق، نظراً الى استحالة التزاوُج العربي - الإيراني على الساحة اللبنانية، وسط سيطرة إيرانية كاملة على تلك الأخيرة. 

هيمنة إيرانية

لفت مصدر مُطَّلِع الى أن "الإدارة الفرنسية الحالية تعمل على تثبيت موقعها في الشرق الأوسط. فيما ينتمي لبنان أيضاً الى الخطّ الذي تسعى باريس الى توسيع نفوذها فيه، والذي ينطلق من المغرب العربي وليبيا، وصولاً الى المشرق العربي".

ورأى في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أنه "انطلاقاً من تلك المعطيات، قبِلَت فرنسا بتحوير مبادرتها التي أطلقتها في لبنان العام الفائت. وهي رغم كل شيء، تحاول إقناع السعودية بالاندفاع الإيجابي باتّجاهه (لبنان)، وبإعادة تعويم أوضاعه الإقتصادية، وبمساعدته على النهوض من جديد، في حين أن المشكلة ليست في الانهيار الإقتصادي اللبناني فقط، بل في الوضع السياسي الداخلي، وفي الإحتلال الايراني، والهيمنة الإيرانية على السياسيين اللبنانيين". 

استجابة؟

وشدّد المصدر على أن "الإحتلال الإيراني يضغط من خلال الفريق اللبناني التابع له، بهدف اتخاذ قرارات لبنانية تدور في الفلك الإيراني، فيما نجد الإدارة الفرنسية تنمّق هذا الواقع".

وأكد أن "آخر ما يرشح عن المباحثات والإتّصالات على الخطَّيْن الأوروبي - العربي، والفرنسي - السعودي، هو أن الرياض ليست في وارد الاستجابة للمطالب الفرنسية مجاناً، نظراً الى عدم وضوح الرؤية اللبنانية تجاهها، وتجاه منطقة الخليج العربي". 

عموميات

وأشار المصدر الى أنه "كيف تسعى الدولة اللبنانية لإعادة وصل ما انقطع بينها وبين الرياض، فيما لم نجد حتى الساعة أي اعتذار يصدر، لا من قِبَل رئيس الجمهورية ميشال عون، ولا من جانب رئيس الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي، عن كل التهجّم الذي طال السعودية خلال سنوات ما قبل بَدْء الابتعاد الدولي والعربي عن لبنان رسمياً؟".

وأضاف:"التهجّم على السعودية خلال السنوات الماضية لم يَكُن عادياً، وهو وصل الى حدّ الفتور في مواقف وزارة الخارجية اللبنانية نفسها، تجاه كل الإعتداءات الإيرانية على الرياض والعرب في منطقة الخليج، وفي اليمن. وبما أن لا تغيير سلوكياً لبنانياً من مستوى تقديم اعتذار علني وصريح وواضح، أبعَد من المواقف التي تنادي بعلاقات أخوية عربية من باب العموميات، فإن لبنان سيثبت في خانة الدول التي ما عادت من أولويات الإهتمامات السعودية، في الوقت الحاضر". 

البطريرك

وشرح المصدر:"ضجر السعوديون من الكلام اللبناني الذي لا يقترن بالأفعال، والذي أدى الى الغضب السعودي على الرئيس سعد الحريري نفسه. وهم ينتظرون خطوات لبنانية رسمية واضحة، تمنع "حزب الله" من التدخل في الشؤون السعودية، ومن العمل ضدّ الرياض في اليمن".

وختم:"بما أن تحقيق ذلك لبنانياً ليس متاحاً حالياً، فإن الجانب اللبناني من الحراك الفرنسي باتّجاه السعودية سيموت في مهده. فلا يجوز أن تنام السلطة السياسية على أمور يتوجّب عليها القيام بها، فيما مواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، توضح الإطار السياسي الواجب اعتماده في لبنان، من أجل استعادة العلاقات العربية والدولية، للدولة اللبنانية".