الحكومة تتعهد متابعة الخلافات العقارية... فما أبرز المناطق التي تشهد نزاعات وهل من حلول؟

قرار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي تأليف لجنة للبت في مسألة نزاعات الحدود العقارية وتلك المتعلقة بالمياه في اكثر من منطقة لبنانية، )القرار صدر اول من امس وتم تجميده امس) يأتي بعد الحادث الاليم في بشري والعجز عن إيجاد حلول لهذه المعضلة المستعصية. فما ابرز المناطق التي فيها نزاعات عقارية وما الذي يمنع التوصل الى حلول بشأنها؟


النزاع في لاسا
أعادت مأساة القرنة السوداء وسقوط الضحيتين مالك وهيثم طوق من بلدة بشري تسليط الضوء على النزاعات العقارية، ليس فقط بين بشري والضنية (بقاعصفرين) وانما في اكثر من منطقة، ومنها النزاع العقاري بين اليمونة والعاقورة، وكذلك بين فنيدق والقموعة، اضافة الى النزاع في بلدة لاسا بين الاهالي الشيعة والمطرانية المارونية.

في لاسا، على سبيل المثال، لا يزال النزاع العقاري مستمراً ويقفز الى الواجهة مع كل حادث ولو صغيرا في تلك المنطقة، وملخص النزاع ان هناك منشأت اقامها مواطنون من لاسا على اراضٍ تابعة للمطرانية بحسب ما يقول بعض نواب المنطقة.

فالنائب سيمون ابي رميا كان مكلفاً من الرئيس السابق ميشال عون متابعة الخلاف العقاري في لاسا واليمونة والعاقورة. ويشرح لـ"النهار" ان "النزاع بين اليمونة والعاقورة قديم، وان ما يحكمه هو فقط القانون والقرارات القضائية".


خلاف اهالي اليمونة والعاقورة
وتجدر الاشارة الى ان اهالي اليمونة لا يعترفون ببعض الاحكام القضائية الصادرة منذ عقود، ومنها ما صدر في العام 1936، والاعتراض عليها ناجم عن هواجس متصلة بالحقبة اللبنانية السابقة، اي ما كان يسمى "حكم المارونية السياسية". فبعض المتضررين من اهالي اليمونة يعزون "الظلم الذي لحق بهم الى سيطرة سياسية لبعض القوى من خلال الصيغة اللبنانية السابقة وإن كان نواب من بعلبك - الهرمل يؤكدون ان القرارات القضائية صحيحة من حيث الشكل لكن الظروف التي صدرت فيها تجعل منها قرارات غير عادلة، وانه يجب اعادة النظر فيها بما يحقق العدالة لجميع الاهالي في اليمونة والعاقورة ".

بيد ان ابي رميا يؤكد ان "اعتراضات اهالي اليمونة يجب ان تبتّ من خلال المسلك القضائي"، داعيا الى "عدم استغلال الامر والابتعاد عن اللعب على وتر التوترات الطائفية والمذهبية في هذا الملف، خصوصا بين الجيران الذين تربطهم علاقات تاريخية".

وفي الوقت عينه يرفض نائب جبيل "التعديات التي تحصل على املاك العاقورة"، علماً ان الحديث عن التعديات كان يثار لدى تعرّض البعض لعمال من بلدية العاقورة.


ابي رميا: الملكية تثبتها الصكوك والمستندات
اما عن الخلاف في لاسا فيوضح ابي رميا انه "لحل النزاع تم تأليف لجنة من فاعليات البلدة ومن المطرانية، وان الطريق الافضل هو ان يُظهر من يدّعي الملكية صكوكا تثبت ذلك، مع الاشارة الى ان بعض المسّاحين لم يستطيعوا اكمال عملهم بسبب منعهم من بعض الاهالي". ويلفت الى ان "هناك تصنيفات للاراضي المتنازع عليها وتتوزع ما بين عقارات معروف اصحابها وفق الصحيفة العينية ونوع آخر من الاراضي التي لا تزال موضع خلاف، والفئة الثالثة هي عقارات تابعة للمطرانية المارونية وعليها مبان لأهالي لاسا الشيعة، وهذا النوع من العقارات بحاجة الى حل. وعادة ما يكون الحل اما عن طريق اثبات الملكية او التفاوض مع المالك للتوصل الى حلول ترضي الاطراف كافة سواء عبر شراء العقارات او أي طريقة اخرى، وفي حال تعذر ذلك تبقى ازالة المنشآت من بين الاقتراحات المطروحة".

ويذكر ابي رميا ان "هناك عقارات عليها اعتراضات، وهذه الاعتراضات تتجدد بشكل دوري، والحل يكون بالركون الى القضاء واحكامه وفي الوقت عينه الحفاظ على حسن الجوار مع الجيران سواء في لاسا او في اليمونة".


منع اعمال البناء حتى المستوفية للشروط القانونية!
في المقابل، يستغرب اهالي لاسا عدم السماح لهم حتى ببناء منازل على رغم استيفاء المعاملات كل الشروط القانونية، ويلفت امين سر رابطة عائلة المقداد ماهر المقداد الى ان "مخفر لاسا يمنع البناء وينصح المواطنين بمراجعة الفصيلة في جونية".

ويوضح المقداد لـ"النهار" ان "اهالي بلدات لاسا وسرعيتا والغابات وغيرها تربطهم علاقات وطيدة جداً وليس من خلافات او فتور بينهم، لكن التوظيف السياسي هو الذي يستغل الخلافات، وتعمل بعض القوى على ابقاء التباينات على حالها بما خص الخلافات العقارية، وهذا الامر ينسحب على كل الاحزاب المعنية بالامر سواء التيار الوطني الحر او حزب الله او امل او القوات اللبنانية".

ويؤكد ان النزاع العقاري بدأ في المنطقة منذ العام 1939 بعد وقف التحديد والتحرير الاجباري، ويضيف: "استمر الخلاف حتى العام 1975 عندما دأبت احزاب على استغلال المسألة بحكم الامر الواقع، ولاحقاً بعد الحرب تم تأليف لجنة مشتركة لحل النزاع العقاري".

وتابع المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى مع البطريركية المارونية الامر على امل التوصل الى حل، وخلال تولي العميد مروان شربل وزارة الداخلية اجترح حلولاً للقضية وكانت بنّاءة لاعادة الامور الى مجاريها، لكن الامر لم يُكتب له النجاح، وبحسب المقداد "ان الاحزاب هي التي عملت على اجهاض الحلول وفي الوقت عينه لا تزال عاجزة عن تقديم اقتراحات عملية تنهي النزاع المزمن".

اما في فنيدق فالنزاع بينها وبين عكار العتيقة ليس جديدا، ويعود الى غياب ترسيم الحدود العقارية لكل بلدة، وفي العام 1972 أعلن القاضي العقاري اختتام أعمال التحديد (وضع حدود فاصلة) والتحرير (يصبح للعقار رقم ثابت في قيود السجل) من دون أن يقفل الحدود بسبب النزاعات بين الطرفين على الأحقية في المشاعات واستثمارها. واستمر الخلاف على 20 عقاراً في القموعة ممسوحة على اسم الجمهورية اللبنانية، وتبلغ مساحتها مئات آلاف الامتار المربعة .

وشهدت المنطقة سقوط اكثر من ضحية من ابناء فنيدق وعكار العتيقة ولم يحسم القضاء النزاع الحدودي.