المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: يولا هاشم
الخميس 10 نيسان 2025 14:57:50
بسط الدولة اللبنانية سلطتها على كافة الأراضي اللبنانية وسحب السلاح غير الشرعي، مسألتان وضعتا على نار حامية، بعد زيارة نائبة المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط مورغان اورتاغوس الى بيروت، التي أبلغت المسؤولين اللبنانيين أن مسألة سلاح "حزب الله" "تجب معالجتها في أسرع وقت"، مشددةً على "ضرورة حصر السلاح بيد الدولة".
وأفاد زوار قصر بعبدا ان رئيس الجمهورية جوزاف عون أبلغ أورتاغوس سيطرة الجيش اللبناني بالكامل على منطقة جنوب الليطاني، مشيرة الى انه سيقود مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وبمشاركة رئيس الحكومة نواف سلام حواراً مباشراً مع حزب الله بهدف حصر السلاح بيد الدولة والبحث في كيفية استيعاب هذا السلاح ضمن إطار استراتيجية وطنية شاملة.
فهل تنجح الدولة اللبنانية في وضع يدها على سلاح "حزب الله" أم ان الامور ستنحو باتجاه المواجهة والانفجار مجددًا، خاصة في ظلّ الكلام الذي صدر عن البعض بأن السلاح ليس للتسليم. فهل الدولة قادرة حقيقة أن تنفّذ المطالب الأميركية بالسرعة المطلوبة، لأن سقف المهل على ما يبدو محدد؟
مدير مركز المشرق للدراسات الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يؤكد لـ"المركزية" ان "دور الدولة متوقف على قرارها، لكن اليوم الظرف مؤاتٍ للتنفيذ لأن السلاح فقد وظيفته، بمعنى ان حزب الله فقد الخيار العسكري، على الأقل من الآن الى فترة من الزمن. فبعد سقوط بشار الاسد في سوريا سقطت خطوط الإمداد، أضف الى ذلك الضربة التي تلقاها على مستوى القيادة وعلى المستوى العسكري، ناهيك عن وضع ايران في المنطقة، وبالتالي فإن الخيار العسكري والاستمرار بالنهج الذي كان يعتمده، لم يعد قائمًا. لكن مسألة إبقاء "الحزب" على السلاح أو تسليمه الى الدولة، تعنيه وتعني الدولة اللبنانية".
ويشير نادر إلى أننا "سمعنا في خطاب القسم كما في البيان الوزاري كلامًا، إلا أن الأداء لم يكن بموازاة هذا الكلام، بل رأينا تعويلًا وعودة الى بعض تعابير الماضي، وبأن هذا الأمر يُحَلّ على طاولة الحوار، أو بأنه شأن داخلي، علمًا أنه لم يعد شأنًا داخليًا لأنه ورّط لبنان في حرب، وأصبح مطلبًا دوليًا، ناهيك عن الضغط الاسرائيلي في هذا الموضوع وإمكانية إدخال لبنان في حرب جديدة، لأننا عندما نتحدث عن السلاح ننسى بأن هناك قرارات دولية في هذا الشأن وعلى رأسها القرار 1559، ولبنان كان مطالبا بتطبيقها قبل الحرب، فكيف بعدها؟"
ويشدد نادر على ان "هناك شرطا جديدا اليوم لإطلاق المساعدات الدولية للبنان ألا وهي أن تبسط الدولة سيطرتها على كافة الأراضي اللبنانية. لذلك، لم تعد ممكنة معالجة الأمر كما في السابق، من خلال ترحيله الى طاولة الحوار. اليوم، يتحجج بعض من في الحكومة بأنهم يخشون من وقوع مشكلة داخلية، لكنهم بعد زيارة اورتاغوس، أعادوا التزامهم بمسألة حصرية السلاح. هذه مسألة جوهرية ومركزية، لا يمكن القفز فوقها أو تمييعها أو إغراقها أو ترحيلها، وباتت شرطا لأي خطوة الى الأمام. والسؤال المطروح، هل هناك محاولة اليوم للحصول على بعض المكاسب السياسية مقابل السلاح؟ مع الدعوة الى حوار لا يمكننا ان نقول بأنه من غير الممكن ان يكون موجودًا. لننتظر ونرى الى أين تتجه الأمور. لكن الأهم ان لبنان ملتزم القرارات الدولية ومُطالَب دوليًا بحصرية السلاح بأسرع وقت ممكن، وبالتالي هذا شرط كي يخطو لبنان الى الامام باتجاه بناء الدولة والاستقرار".
وعن دعوة الرئيس عون الى الحوار المباشر، يجيب نادر: "إذا كان هذا الشكل والإخراج فهذا جيد، لكن ماذا لو لم يتفقوا على طاولة الحوار؟ هل تنتهي الدولة؟ لا يمكن للدولة ان تقوم إلا على مسألة حصرية السلاح. ماذا لو لم ينجح الحوار؟ هل هذا يعني ان نعيد النظر بالصيغة اللبنانية؟ من الجيد القول بأننا نذهب باتجاه الحوار لكن علينا وضع إمكانية عدم نجاحه نصب أعيننا وأخذها بعين الاعتبار. لدينا تجارب سابقة حيث كانوا يطرحون مسألة الحوار، ثم لا يتفقون على أي أمر وتستمر الأمور على حالها".
ويختم نادر: "الدولة مطالبة بخطة تنفيذية، لأن بمجرد ذكر هذا الامر في خطاب القسم وتكراره، لا يمكنه ان يبقى شعارًا. لا يجوز ان تكون خطابات القسم والبيانات مجرد كلام والتنفيذ شيء آخر. هذا الزمن ولّى، لأننا نواجه خطر عودة الحرب، ونحتاج إلى خطوات حقيقية. هذه قضية مركزية لا يمكن التهرّب او التفلّت منها على الطريقة القديمة. لا يمكن ان نرضي الشعب بشعارات لا نطبّقها، او بقوانين لم تُطبّق، والأمثلة كثيرة عن قوانين إصلاحية أُقَرّت: قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، قانون محاربة الفساد، قانون الشراء العام، قانون السرية المصرفية الذي أقر لمدة عام ثم سقط... لكنها لم تُطبَّق. اليوم المطلوب التطبيق".