المصدر: النهار
الكاتب: عبد الرحمن أياس
الثلاثاء 23 أيلول 2025 11:34:39
بين اليوم الوطني في 23 أيلول 2024 واليوم الوطني في 23 أيلول 2025، أثبتت المملكة العربية السعودية أن "رؤية 2030" لم تعد مشروعاً طموحاً على ورق، بل باتت واقعاً تقيسه الأرقام.
تميّزت الأشهر الاثني عشر هذه ببلوغ مؤشرات أساسية مستويات غير مسبوقة، مع إنجاز مستهدفات كثيرة لعام 2030 قبل أوانها، في حين تكشف المقارنات مع عام 2016، تاريخ إطلاق الرؤية، حجم التحول الهيكلي.
في الاقتصاد الكلي، نما الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 1.3% في عام 2024، مدفوعاً بارتفاع غير نفطي بلغ 4.3%. وبحلول أيلول 2025، ارتفعت مساهمة الأنشطة غير النفطية إلى 56% من الناتج المحلي، تعادل 4,5 تريليونات ريال (نحو 1,2 تريليون دولار)، بعدما كانت أقل من 40% في عام 2016.
هذه النقلة تعكس نجاح التنويع الاقتصادي، إذ باتت الصناعات التحويلية والتعدين والسياحة والخدمات المالية محركات نمو موازية للنفط.
في التجارة، بلغت قيمة الصادرات غير النفطية في عام 2024 نحو 515 مليار ريال (نحو (137,3 مليار دولار)، أي 25.2% من الناتج غير النفطي، في مقابل أقل من 200 مليار ريال (نحو 53,3 مليار دولار) في عام 2016، وفق تقرير الرؤية الصادر في وقت سابق من العام الحالي. بالتوازي، ارتفعت تقديرات الموارد المعدنية غير المستغلة إلى 2.5 تريليون دولار، ما يضع المملكة في موقع محوري ضمن سلاسل المعادن العالمية.
وشهد الاستثمار توسعاً لافتاً. ارتفع رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 977 مليار ريال (152 مليار دولار) في عام 2024 (بزيادة 9% مقارنة بعام 2023)، فيما استقطبت المملكة 660 مقراً إقليمياً لشركات عالمية بحلول عام 2025، متجاوزة مستهدف عام 2030 البالغ 500 مقر.
داخلياً، تضاعفت أصول صندوق الاستثمارات العامة من نحو 570 مليار ريال (152 مليار دولار) في عام 2016 إلى 3,53 تريليونات ريال (941,3 مليار دولار) تحت الإدارة بحلول نهاية 2024، مع أصول إجمالية فاقت 4,3 تريليونات ريال (1,147 تريليون دولار).
وتحولت السياحة إلى محور اقتصادي رئيسي؛ في عام 2016، لم تتجاوز أعداد الزوار 18 مليوناً، بينما استقبلت المملكة 116 مليون زائر في عام 2024 بإنفاق للوافدين بلغ 168,5 مليار ريال (44,9 مليار دولار)، لتغدو السياحة أحد أعمدة التنويع وأداة لتوليد الوظائف. ومتوقع أن تحقق السياحة في عام 2025 أرقاماً أعلى.
وتُعَد سوق العمل أبرز قصص نجاح الرؤية. انخفض معدل البطالة بين السعوديين من 12.3% في عام 2016 إلى 6.3% في الفصل الأول من عام 2025، فيما ارتفعت مشاركة المرأة من أقل من 20 إلى 36.3% خلال الفترة نفسها، متجاوزة مستهدف عام 2030 البالغ 30%. عمّقت هذه التحولات قاعدة الاستهلاك والإنتاج وأعادت تشكيل بنية سوق العمل.
ويتقدّم قطاع الإسكان بدوره بخطى واضحة، إذ ارتفعت نسبة التملك من 47% في عام 2016 إلى 65.4% في عام 2024، مقتربة من المستهدف النهائي البالغ 70%.
وعلى مستوى الإدارة والحوكمة، قفزت المملكة إلى المرتبة السادسة عالمياً في مؤشر الحكومة الإلكترونية والسابعة في المشاركة الإلكترونية، متخطية مستهدفات عام 2030 قبل موعدها. كذلك، كشف تقرير الرؤية أن 93% من المؤشرات إما تحققت أو قاربت مستهدفاتها، وأن 85% من المبادرات مكتملة أو على المسار.
تعكس هذه الأرقام مجتمعة ما تحقق بين يومين وطنيين: اقتصاد أكثر تنوعاً، وقاعدة استثمارية أعمق، وقطاع خاص أكثر ديناميكية، وسوق عمل أكثر شمولية. وإذا كان عام 2016 قد مثّل خط البداية برؤية جريئة، يعكس عام 2025 واقعاً جديداً باتت فيه المملكة أقرب إلى تجاوز مستهدفاتها لا مجرد تحقيقها، لتتحول "رؤية 2030" إلى قصة نجاح يُحتفَى بها في اليوم الوطني وتُروَى بالأرقام.