المصدر: النهار
الكاتب: رضوان عقيل
الثلاثاء 23 أيلول 2025 07:37:38
درجت الديبلوماسية السعودية على التعامل بهدوء مع ملفات لبنان، وها هي في اندفاعة واضحة المعالم منذ انتخاب الرئيس جوزف عون، مع معاينة دقيقة لما يحدث من تغييرات سياسية في المنطقة وخصوصا في سوريا.
لا يمكن فصل سياسة المملكة في لبنان عما يحصل في المنطقة وما تقوم به إسرائيل، مع ترقب التقارب المفتوح بين الرياض وطهران في ظل الحراك الأميركي الكثيف، حيث تعمل الدول المعنية على تطبيق سياسة "تخفيف الأكلاف" قدر الإمكان.
وبالنسبة إلى لبنان، فهو يحتل مساحة واسعة في الديبلوماسية السعودية من خلال الزيارات الدورية التي يقوم بها موفدها الأمير يزيد بن فرحان واجتماعه بفئة كبيرة من الشخصيات السنية وغيرها من مكونات.
ويخلص من التقوا بن فرحان إلى اعترافه بالمشكلات التي تهدد لبنان ووصفه لها بـ"الصعبة جدا". ولا يدعو إلى التفرج عليها ولا السكوت عنها، بل يفضّل التوجه إلى العمل لإيجاد حلول، ويعكس في الوقت نفسه ارتياحا لا بأس به إلى ما تم إنجازه حتى الآن.
وقد ظهّر بن فرحان في لقاءاته تصميم المملكة على استمرارها في دعم مؤسسات الدولة وتعاونها مع الرئيسين عون ونواف سلام، وإبقاء قناة التواصل مع الرئيس نبيه بري انطلاقا من موقعه الرسمي وتمثيله الشيعة، وترى فيه رجل دولة يمكن التعاون معه.
ومن النقاط التي تناولها الموفد السعودي في زيارته الأخيرة ضرورة دعم الحكومة في تطبيق قرار حصر السلاح في يد الجيش وتنفيذ خطته بدءا من الجنوب، على أن يترافق الأمر مع انسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة في الجنوب ووقف اعتداءاتها. وفي رأيه أن سلاح "حزب الله" يجب ألا يشكّل مادة خلافية وانقسامية، وإن كانت المملكة لا تحيد عن مبدئية حصر كل السلاح في يد الدولة، على أن يترافق الملف مع ضرورة قيام الحكومة بجملة من الخطوات الإصلاحية في أكثر من وزارة، وإبداء اهتمام خاص بدور الجيش وضرورة دعمه ليقوم بالمهمات المطلوبة منه.
ولم تخلُ لقاءات بن فرحان من البحث في تحصين البيت السنّي، وهو لا يخفي حرصه على احتضان الجميع وضرورة العمل على استقرار لبنان. وكان لافتا تخصيصه الرئيس تمام سلام بزيارة، في حضور نجله صائب الذي يستعد للترشح للانتخابات النيابية.
تحاول المملكة أن تكون على مسافة واحدة مع مختلف الرموز السنية في العاصمة، فهي تدقق جيدا في مسار التوجهات الانتخابية عند السنة في الشمال الذين يشكلون نحو نصف عدد أبناء الطائفة، وتعمل على جمع الجهات السنية الفاعلة في الشمال واستكشاف حضور الجميع، مع التوقف عند علاقة كل فريق أو نائب بدار الفتوى وما تمثله من تأثير في وجدان مكونها.
وإذا كانت لا تشجع أي تعاون مع "الجماعة الإسلامية"، فهي تفضّل السير بخيار "جمعية المشاريع"، والتعاون مع رموز معروفة كانت تربطها علاقات جيدة بـ"حزب الله" والنظام السوري السابق، من دون أن تبدي أي إشارة في اتجاه "تيار المستقبل" الذي لم تعرف قواعده مسار البوصلة الانتخابية في صيدا والإقليم والعاصمة والبقاع وصولا إلى الشمال.