العلاقات اللبنانية السعودية إلى الواجهة: تشكيل مجلس أعمال... واتفاقات تنتظر "السياسة"

أعاد الإعلان عن تشكيل "مجلس الأعمال اللبناني السعودي" إلى الأذهان مصير العلاقات الاقتصادية بين لبنان والمملكة العربية السعودية، وما يمثل هذا التشكيل من "تطوّر، يحمل في طيّاته رسائل تعكس عودة تدريجية للدفء في العلاقات بين الرياض وبيروت بعد سنوات من الفتور" وفق رئيس المجلس رؤوف أبو زكي، الذي رأى أن هذه الخطوة "تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون والشراكة بين البلدين".

في الانتظار، لا تزال العلاقات الاقتصادية اللبنانية السعودية، أسيرة الموقف السعودي تجاه الوضع اللبناني، واشتراط المملكة عودة سلطة الدولة على كامل التراب، وحصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية فقط، بالإضافة إلى إصرار السعودية ومعها دول الخليج العربي، على ضرورة تشدّد لبنان في ضبط الحدود المشتركة مع سوريا، وقطع مسارب تهريب المخدرات والكبتاغون إليها عبر المرافق البحرية اللبنانية.


22 اتفاقاً في ثلاجة الانتظار
ليس خافياً أن تشدد موقف المملكة السياسي والأمني انعكس سلباً على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ودفع بنحو 22 اتفاقاً بين الدولتين إلى ثلاجة انتظار الحلّ السياسي وعودة الدولة اللبنانية إلى دورها الطبيعي في ممارسة سلطتها ووظيفتها، في ضبط التفلت المؤذي لمصالح البلدين.
يقول أبو زكي إن "نيّة التقارب موجودة، والرغبة أيضاً، لكن الظروف السياسية هي التي تتحكم بالعلاقة بين الجانبين. وهذا ما ينطبق على الاتفاقات الـ22 التي تعود إلى الفترة التي كان يتولى فيها سعد الحريري رئاسة الحكومة"، موضحاً أن "الجانبين اللبناني والسعودي لم يوقّعا بعد على الاتفاقات"، علماً بأن المشكلة برأيه "ليست في التوقيع، بل في القرار السياسي". 
ولكن الأمر لا يتوقف على الاتفاقات، وفق أبو ابو زكي، بل "يبدأ من السماح بدخول السعوديين إلى لبنان، وكذلك السماح للصادرات اللبنانية بالدخول إلى السعودية. وهذا هو المؤشر الأساسي في هذه القضيّة".
أما في السياسة، فيقول "ثمة أمور لا تزال عالقة مثل قرار سحب السلاح غير الشرعي، وهي قرارات لها أبعاد دولية يُتفَق عليها بين الدول الكبرى وتُترجم محلياً". 
وختم بالإشارة إلى أن "ثمة استعداداً سعودياً لعقد الاجتماع المشترك للمجلس الأعمال اللبناني السعودي في بيروت، وكذلك إعادة تفعيل المؤتمر الاقتصادي السعودي اللبناني الذي كان يُعقد دورياً".

كلام لافت للسفير السعودي
في اللقاء الأخير مع عدد من الإعلاميين كشف السفير السعودي في لبنان وليد بخاري أن المملكة تنتظر من لبنان أن يوقع الاتفاقات الـ22 التي سبق أن وقعتها من جانبها"، كاشفاً أن "بعض الوزراء اللبنانيين تجاوب، فيما البقيّة لم يتابعوا الموضوع". بيد أن رئيس هيئة "تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية" إيلي رزق أكد لـ"النهار" أن الجانب اللبناني وقّع على الاتفاقات فيما الجانب السعودي وهو "على حق"، ينتظر من الحكومة اللبنانية خطوات ملموسة حيال تنفيذ القرار 1701 بكامل بنوده. فالمملكة تتعامل مع لبنان وفقاً لما تنجزه حكومته على الأرض، لا بناءً على عواطف أو نيات".


ويضيف "حتى الآن، كلما حاولت المملكة أن تتقدم خطوة في علاقاتها مع لبنان تحدث تطورات أمنية وسياسية على الساحة اللبنانية تؤخر هذا التقدم، وهو ما حصل أخيراً عندما بشّرنا السفير السعودي بإمكان رفع الحظر عن قدوم السعوديين إلى لبنان، فوقعت غارة عنيفة على الضاحية الجنوبية. وكأن هناك من يتعمّد تعكير صفو العلاقة".


أما في ما يخص تصدير المنتجات اللبنانية إلى المملكة، فيشير رزق إلى أن "الحظر لا يزال قائماً، ولم يسجَّل أيّ تقدّم يُذكر في هذا الملف". يأتي ذلك "على الرغم من زيارات متكررة للجنة أمنية سعودية متخصصة قامت بتفقد مطار رفيق الحريري الدولي ومرفأ بيروت، بالإضافة إلى مرافق أخرى. ورغم أنها اطمأنت إلى الإجراءات الأمنية المتبعة في تلك المرافق، لا تزال بقية المعابر والمرافق حتى اليوم خارج السيطرة الكاملة للقوى الشرعية اللبنانية، بما يتيح للمهربين استغلالها لتسريب منتجات قد تصدَّر إلى المملكة".