الفاتيكان مع انتخاب رئيس سيادي... الحوار لكن ليس على حساب الدستور!

يزور أمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين لبنان في 23 الجاري بدعوة من منظمة فرسان مالطا، وكان قد استقبل منذ أيّام الموفد الرئاسيّ الفرنسيّ الخاصّ إلى لبنان جان إيف لودريان، إلى مشهديّة سيامة أمين سرّ مجمع الكنائس الشرقية المطران ميشال الجلخ في بكركي، وقد استنفر هذا الحدث الكنسيّ غرفاً سوداء لتسويق بروباغندا تُنافي حقائق ثبات الكرسيّ الرسوليّ على مواقفه في رفض محاولات تغيير هويّة لبنان الحضاريّة، وامتعاضه من تعليق العمل بالدستور، وإسقاطه لحلف الأقليات وتأكيده على موجبات المواطنة في العيش معاً، ورصده لاستباحة السّيادة، وزجّ لبنان في صراعات لا علاقة له بها، ناهيك بطروحات تغيير الصيغة والميثاق من أطراف متناقضة، لكنها تتحالف موضوعيّاً للإجهاز على الثّوابت التّاريخيّة التي قامت عليها دولة لبنان الكبير، وفي مقدمها الحريّة والتّعدّديّة، وهذه كلّها على نقيض أيّ خيارات أيديولوجيّة شموليّة أو تفتيتيّة على حدّ سواء، ويقاربها الكرسيّ الرسوليّ بموقف أخلاقيّ حازم  ومتماسك بعيداً عن أي انحيازات سياسيّة تكتيكيّة.

في هذا السّياق، وإذ رشحت معلومات عن برودة بين الكرسيّ الرسوليّ والولايات المتّحدة الأميركيّة بسبب من التباس حول محاولة إنجاز ترتيبات فيها انحياز لقراءة للأمر الواقع في لبنان، بمعنى محاورة من يمسك بزمام القرار دون التّطبيع مع خياراته، أشار أكثر من مصدر مواكب لـ"المركزية" الى أنّ "الكرسيّ الرسوليّ يواكب عن كثب مساعي الخماسيّة الدّوليّة، وكان قد أشار بدقّة إلى أنّ إنقاذ لبنان يقتضي تطبيقاً للدّستور، وفي مقدّمة هذا التطبيق انتخاب رئيس للجمهوريّة يشتمل في خياراته على الرؤية الإصلاحيّة الإنقاذيّة وبالتّالي السّياديّة، من هنا كان امتعاض من بعض الطروحات الفرنسيّة في مراحل سابقة، ما أنتج ديناميّة تصويب عربيّة – دوليّة استعادت التوازن، إلى مرافقة الديناميّة المحليّة، والتي انطلقت من العمل الجادّ على وثيقة بكركي الوطنيّة، على أنّ فيها ثوابت الدّولة اللّبنانيّة التاريخيّة، لكنّ أيضاً خارطة طريق مبدئيّة للمعالجات، مع ضرورة توسيع مروحة التشاور حولها مع كلّ المكوّنات دون انزياحٍ عن الثوابت، وفي مقدمها قيام الدولة بكلّ مهامّها في صون العقد الاجتماعي الذي ينصّ عليه اتفاق الطائف، وتطبيق  كل القرارات الدولية ، وتحييد لبنان عن الصراعات".

وتضيف المصادر المواكبة: "الكرسيّ الرسوليّ يعبّر عن مواقفه دون التباس، وهو يعلم عمق المأزق، ولا تعنيه بروباغندا من هنا أو هناك، وإذا كان يعتمد منهجيّة الصمت وعدم الردّ على هذه الحملات، فلأنّه عليمٌ بالأجندات المُضلّلة التي تختبىء خلفها".

وإذ تشير المصادر عينها إلى  أنّ "زيارة أمين سرّ الدّولة الكاردينال بييترو بارولين ذات طابع رعويّ" لكنها تشدّد على "أنّ محرّكات الديبلوماسيّة الفاتيكانيّة تعي خطورة ما يواجهه لبنان لجهة محاولة تغيير هويّته، وهي تثق بأنّ الشّعب اللّبنانيّ من مقيمين ومغتربين، مرّ بظروف حرجة كثيرة، وبقي ثابتاً في نضاله، والدّعوة إلى صحوة ضمير بعيدة عن أيّ انحياز لموازين قوى أو محاور فاقتضى التنويه".

وتختم المصادر: "كنيسة لبنان ثابتة في دفاعها عن تاريخ عريق في الحريّة والعيش معاً ، والحديث عن خلاف مع الكرسي من نسج أوهام أصحابه، وغداً لناظره قريب. الحوار، كلّ حوار، يؤسّس لخلاص لبنان مرحّب به، لكن ليس على حساب الدّستور".