القضاة الاوروبيون يحققون بجرائم مالية... هل تفتح القضية شهية دول أخرى؟

 بدأ المحققون الاوروبيون بالوصول الى لبنان تباعاً حتى ٢٠ الجاري للشروع في التحقيقات ‏في جرائم مالية، وابرزها عمليات تحويل أموال إلى الخارج بعد ثورة 17 تشرين بمبالغ طائلة. وقد وصلت التبليغات الى معظم الشخصيات المطلوبة للإستجواب وابرزهم مصرفيون ورؤساء مجالس ادارات مالية. وشدد وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال هنري خوري في مؤتمر صحافي على ان "كل تعاون قضائي دولي يتم وفق القواعد لا يُعد تعديا ‏على السيادة اللبنانية وكل خروج عن القواعد سنواجهه‎". وقال: "لم يعد سرًا أن لبنان تلقى ‏طلبات تعاون قضائية من سويسرا ولوكسمبورغ وفرنسا وألمانيا باشتباه وجود جرائم ‏مالية‎"‎‏.  

في المقابل، ومع الإعلان عن مجيء الوفد القضائي الاوروبي، سرت التساؤلات حول ما إذا كان من شأن هذا الأمر أن يفتح شهية دولٍ أخرى للتحقيق في ملفات مالية تخصها، كملف تهريب الأموال العراقية إلى لبنان في عهد الرئيس صدام حسين، أو حتى الليبية بعد الثورة وسقوط نظام معمر القذافي، أو السورية التي تحدّث عنها الرئيس بشار الأسد مشيراً إلى وجود ما بين 40 مليار دولار و60 ملياراً من الأموال السورية المجمدة في المصارف اللبنانية. فهل هذا الأمر ممكن؟ 

مدّعي عام التمييز السابق القاضي حاتم ماضي يؤكد لـ"المركزية": "هناك شرطان يسمحان للدول التحرك في هذا المجال، الاول ان تكون عضوا في اتفاقية مكافحة الفساد، والثاني ان تكون لديها قضية عالقة في محاكمها مصدرها لبنان، اي لها علاقة بقضية لبنانية بهدف الاستطلاع واستكمال البحث فيها، واستقصاء معلومات إضافية او الحصول على مستندات متعلقة. وإذا لم تكن الدول التي تم ذكرها ملتزمة بهذه الاتفاقية، فلا يحق لها المجيء الى لبنان"، مشيراً إلى ان "عمل الوفد القضائي الاوروبي شرعي وقانوني وتنفيذا لاتفاقية دولية هي اتفاقية مكافحة الفساد الذي ينضوي لبنان تحتها، والتي تلزمنا كلبنانيين ان نتعاون معهم او مع غيرهم ضمن الشروط التي ذكرناها. ولبنان يقدم لهم كل المساعدة المطلوبة، وهذا ما يحصل حالياً مع هذه اللجنة". 

هل من يمكن حصول عرقلة مقصودة لعمل اللجنة، يجيب ماضي: "هنا دخلنا في التفاصيل. قد تكون هناك عرقلة وقد لا تكون، وبالتالي قد تحصل بعض الامور التي تنقص او تزيد عن حدّها إلا ان لا يمكن لي أو لغيري التحكّم في التفاصيل، فالسماح له بالاطلاع على مستند معين او حجبه عنه، يبقى من التفاصيل. لكن الامر الاساسي هو اننا استقبلنا الوفد وسنتعاون معه في كل ما يطلبه".  

هل تنتهي التحقيقات مع مغادرة الوفد بيروت في السادس والعشرين من الجاري، يجيب ماضي: "حسب تصوري كقاض، عندما تنتهي تحقيقاتهم في لبنان يعودون الى بلدانهم ويقومون بغربلة المعلومات التي بحوزتهم، وبعدها قد يتخذون قرارا معينا او يحفظون الملف او يبرئون أشخاصاً و يلاحقون آخرين. يسيرون بالملف حتى النهاية. كيف يستخدمون هذه المعلومات في بلادهم هذا يعود اليهم. حتى أن يمكنهم وضع الملف في الجارور وإقفاله، هم يقررون لكن في بلادهم، هنا فقط يجمعون المعلومات. وفي النهاية يرسلون تقريرا بنتائج تحقيقاتهم الى لبنان". 

وردا على سؤال حول عدم وجود وفد سويسري ضمن الوفد القضائي رغم ان معظم الأموال المهرّبة من لبنان موضوعة معظمها في مصارف سويسرية، يجيب: "لا أعرف السبب، الجانب السويسري هو من قرر عدم المجيء رغم أنه في البداية حسب المعلومات المتوافرة كان سيحضر، لكن لا أعرف لم قرر في اللحظات الأخيرة عدم الحضور". 

وعن زيارة قاضي تحقيق فرنسي شهير لبنان للاستفسار عن معلومات طلبها القضاء الفرنسي حول انفجار مرفأ بيروت ولم يحصل على أجوبة بشأنها، يقول ماضي: "من بين ضحايا المرفأ اشخاص من الجنسية الفرنسية، وهذا الامر يعني الفرنسيين وان احد رعاياهم توفي في حادث مأسوي، وجاؤوا لاستطلاع الأجواء، لكن هذا الأمر لا علاقة له بالتحقيق وبملف المرفأ العالق في لبنان ولأسباب محض لبنانية. وبالتالي وجود الفرنسيين لا يحرك ملف المرفأ، والأمر بروتوكولي، هناك رعايا والدولة الفرنسية تسأل عنهم".