اللبنانيون على قارعة الانتظار

يعيش اللبنانيون حالة انتظار دائمة، خصوصا في هذه الأيام، إذ يرصدون الأصوات، ويحاولون التمييز بين خرق جدار الصوت، وقصف يمكن أن ينذر بتوسيع حالة الحرب القائمة جنوباً منذ أكثر من عشرة أشهر، بقرار اتخذه "حزب الله"، متفرداً كما العادة، تلبية لحسابات الدولة الراعية له، إيران. واستتباعا، دفع ثمنع غالياً من ناسه والحجر والأرزاق، من دون أن يملك القدرة على التراجع أو إعادة النظر في صوابية الخطوة من عدمها.

اللبنانيون على قارعة انتظار مفاوضات هنا وهناك، حول حرب غزة، بعدما تم ربط مصيرهم بمصير غزة، كأن ذلك كان ينقصهم، هم الذين عانوا كل حروب الآخرين على أرضهم. ينتظرون ضوءا يلوح في الأفق لعله ينعكس عليهم، فلا يستمرون في دفع الأثمان بغير إرادتهم، بل غصباً عنهم.

اللبنانيون على قارعة الانتظار، بعضهم ينتظر عودة مغترب، وآخر موعد انتهاء عطلة ذويه، لعلهم يصلون بالسلامة، أو يغادرون باكراً. وفي الحالتين يرتاح الأهل ويطمئنون، لأنهم يأبون تحويل أبنائهم ضحايا من أجل لا شيء.

اللبنانيون على قارعة انتظار جني محاصيلهم، وتمكنهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية وممتلكاتهم، في قرى تتعرض لقصف وغارات متكررة، وقد خسروا فيها الأمان الاجتماعي والاقتصادي وهناء العيش، مع وعود بتعويضات لا تعوض ما فات.

اللبنانيون ينتظرون اتفاق السياسيين في ما بينهم، والتقاء مصالحهم، الضيقة غالبا، لانتخاب رئيس للجمهورية بعد شغور في الموقع يقرب من سنتين.

وينتظر اللبنانيون خططاً حكومية ونيابية لحل مشكلة النازحين السوريين التي تفاقمت كثيراً، وباتت تهدد الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي، إضافة إلى تداعياتها السيئة على الاقتصاد المتهالك.

واللبنانيون على قارعة انتظار خطة حكومية تعيد لهم ودائعهم الضائعة بين المصارف ومصرف لبنان والدولة برمتها، وهم يأملون، رغم تراجع منسوب الأمل لديهم، أن يصدق المسؤولون من وزراء ونواب في وعودهم المتكررة، فلا تكون كلاما معسولاً، وتذهب سدىً.

واللبنانيون ينتظرون إعادة ترميم علاقة بلادهم بالدول العربية الشقيقة التي وقفت إلى جانب لبنان زمن المحن والحروب وفي أقسى الظروف، ولم تقابل إلا بالتهديد والوعيد، وتصدير الإرهاب والمخدرات إليها.

اللبنانيون ينتظرون صحوة ضمير من المسؤولين لعلّهم يجتمعون مجدداً لتجديد الصيغة اللبنانية الفريدة، فتكون أبهى، بدل أن يصادروا البلد لمصلحة مشاريع لا تشبهه في تاريخه وواقعه، ولا تضمن له مستقبلاً مشرقاً.

هذه هي حال اللبنانيين، كأنه كتب عليهم الانتظار المفعم بأمل في غد أفضل، أو ... الهجرة.