المبادرة المصرية "لم تنته"... وجهود لتفادي الحرب

لم يقدم جناحا الديبلوماسية والاستخبارات في مصر على الإعلان أن مهمّتهما الشاقة في لبنان قد انتهت نتيجة جملة من الحواجز التي ترفعها تل أبيب أولاً، بل على العكس فإنهما يواصلان اتصالاتهما مع شركاء القاهرة وغيرهم لبلورة مخرج قبل أن تشن إسرائيل حرباً كبرى ضد "حزب الله" وتهديد كل لبنان واستعادة فصول المشهد التي عاشها البلد قبل سنة ولم يتجاوز ارتداداتها إلى اليوم.

انتهت زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان وحُمّلت جملة من الرسائل ورُبطت بإمكان تدخل الفاتيكان في محاولة إنقاذ لبنان من حرب جديدة مع تصاعد حملات التهديد التي يطلقها بنيامين نتنياهو وأركان آلته العسكرية في الإعلان عن استعدادها لنزع كل سلاح "حزب الله" في جنوبي الليطاني وغيره من المناطق في الضاحية الجنوبية والبقاع. وفي خضم كل هذه السخونة من التصريحات تتوجّه الأنظار إلى القنوات الديبلوماسية ومدى قدرتها على منع الإسرائيليين من خوض معارك أكبر في لبنان حيث تجتمع اليوم لجنة "الميكانيزيم" لتقييم حصيلة الأسابيع الأخيرة على الأرض. وسيقدّم ممثلو الجيش اللبناني حصيلة عمل وحداته في جنوب الليطاني في جمع السلاح من منشآت الحزب ومستودعاته التي تكفّل بإنهائها قبل نهاية الشهر الجاري، في وقت لم تبد فيه أميركا وإسرائيل "كامل رضاهما" عن أداء الجيش حيال تعاطيه مع سلاح الحزب من دون التوقف عند الظروف الصعبة والحواجز التي تعترض مهمة الجيش، ولم تظهر تل أبيب أي إشارة إلى نيّتها في انسحاب قريب من النقاط والمساحات التي تحتلها في الجنوب.

ومع سخونة تصريحات المسؤولين الإسرائيليين هل أقفلت النوافذ الديبلوماسية، ولا سيما الأميركية والمصرية، مع مواكبة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأزمة لبنان، وهذا ما شدّد عليه للرئيس جوزف عون؟

يؤكد مصدر لبناني مواكب عن كثب لكل المهمة التي تقوم بها القاهرة من وزير خارجيتها بدر عبد العاطي ورئيس المخابرات العامة اللواء حسن رشاد، أن "المبادرة المصرية ما زالت قائمة ويمكن البناء عليها وهي لم تنته وثمة متابعة يومية لها بواسطة المعنيين بها في بيروت والقاهرة".

وما صحّة أن الوزير عبد العاطي حمل تهديدات إسرائيلية إلى لبنان وأبلغها إلى المسؤولين؟

يؤكد المصدر لـ"النهار" أن الكلام الذي نقله البعض عن وزير الخارجية المصري في العشاء الذي جمعه مع عدد من النواب "جرى فيه تضخيم كلام رئيس الديبلوماسية المصرية ولو أن من غير المنطقي التقليل من الأخطار الإسرائيلية ضد لبنان، وأن ما نقله اللواء رشاد تم بطريقة مختلفة، ولا سيما بعد الاجتماع الذي عقده مع بنيامين نتنياهو قبل أيام من زيارته لبيروت".

في غضون ذلك، لا تخفي القاهرة حجم الأخطار التي تهدّد لبنان إن لم تنجح حصيلة الاتصالات الديبلوماسية المفتوحة. هذا ما يقوله لـ"النهار" سفير مصر علاء موسى. ويؤكد ثابتة أن بلاده لن تتأخر في متابعة اتصالاتها مع الشركاء وغيرهم للعمل على وقف التصعيد ضد لبنان "وسنواصل من جهتنا هذا الجهد مع مختلف الجهات داخل الإقليم أو خارجه، لأننا نخشى أن تتطوّر الأمور نحو الأسوأ".

وهل من خطر (إسرائيلي) حقيقي على لبنان في هذا التوقيت؟

يرد موسى: "إذا استمرت الوتيرة على هذا الشكل من دون تدخل فإن احتمالات التصعيد ستزيد. ونحن على تواصل مفتوح مع المسؤولين في الدولة اللبنانية بغية أن تثمر كل هذه الجهود في المرحلة الأولى لمنع وقوع حرب".