المصدر: نداء الوطن
الكاتب: باتريسيا جلاد
السبت 22 شباط 2025 06:54:07
يعتبر القطاع السياحي في لبنان محرّكاً أساسياً للعجلة الاقتصادية وتدفّق العملة الصعبة إلى البلاد، وبرز هذا القطاع كمتضرّر أكبر من الأزمة الاقتصادية والمالية التي مضى عليها ست سنوات، وخصوصاً القطاع الفندقي. اليوم، تعوّل المؤسسات السياحية والمطعمية على الاستقرار الأمني والسياسي لتحسّن وضعها في المرحلة المقبلة، خصوصاً أننا مقبلون على شهر رمضان.
تسرّع المؤسسات المطعمية عجلة تحضيراتها لشهر رمضان المقبل وهو شهر الإفطارات الذي يحلّ في شهر آذار. فالمطاعم تعدّ في مثل هذا الشهر لائحة بالطعام تقدّم لطالبي الإفطارات، وتكون set menu في حين أن السحور يكون A la carte أي حسب الطلب .
في ظلّ الوضع الراهن، وبما أن القدرة الشرائية لا تزال متواضعة، كما يقول رئيس نقابة أصحاب المطاعم والملاهي والباتيسري طوني الرامي لـ»نداء الوطن»، فإن «الأسعار ستكون حتماً مدروسة للتمكن من استقطاب زبائن، خصوصاً مع إحجام المؤسسات عن تنظيم إفطارات رمضانية كما كان الوضع عليه في السابق أي قبل نهاية العام 2019، لأن الهمّ الأكبر للشركات هو الاستمرارية».
وبالنسبة إلى التسعيرة المطعمية، يعتبر الرامي أنها مدروسة وتختلف حسب مستوى الخدمات التي يوفّرها المطعم أو المقهى، إذ تبيع المؤسسة المطعمية ماركة Brand ونوعية ومركزاً جغرافياً، وقائمة الطعام معلّقة على الباب، كما تقتضي القوانين. لذلك فإن مروحة الأسعار في القطاع المطعمي تناسب كل الميزانيات وعلى الزبون أن يختار المطعم الذي يناسب ميزانيته.
حالياً، تعوّل النقابة على العهد الجديد لمستقبل واعد جديد للبنان ولديها كامل الثقة بالعهد الجديد على غرار كافة اللبنانيين. ويأمل الرامي حصول انفراج سياسي في المرحلة المقبلة معتبراً خطاب القسم أهم خريطة طريق سياحية، لأن الأمن والاستقرار السياسي من جهة والسياحة من جهة أخرى توأمان لا يفترقان. إذا هناك استقرار أمني وسياسي يكون موسم السياحة جيداً. والقطاع الخاص يلتقط هذه الفرصة، فالمبادرات الفردية مهمة خصوصاً في القطاع المطعمي، هناك تحضيرات وأمل. وبالنسبة إلى الموسم السياحي في الصيف رأى الرامي أن بوادر الموسم الصيفي سنلمسها من وجود مصالحة مع الدول العربية أم لا، لأن المعادلة تتغير بأكملها في حال عاد «العرب» إلى لبنان.
الحركة في المطاعم
بالنسبة إلى الحركة التي تشهدها المطاعم، يقول الرامي إنها مقبولة خلال أيام الأسبوع وناشطة في نهايته أي في الـ «ويك أند». ماذا تغيّر بعد انتخاب رئيس للجمهورية؟
يجيب الرامي: «القدرة الشرائية لم ترتفع حتماً ولكن ما تغير هو العامل النفسي وهو محرّك أساسي في الاقتصاد، إذ تتزايد قابلية المواطن على الصرف.
تحتاج البلاد إلى 4 أو 5 أشهر من الاستقرار لاستعادة القدرة الشرائية في البلاد. ويتوقّع خلال شهري أيار وحزيران تحسّن الأوضاع على صعيد السياحة الداخلية إذا تحسّنت الظروف المعيشية والاقتصادية والمالية.
البيان الوزاري
بالنسبة إلى البيان الوزاري الصادر عن حكومة نوّاف سلام يشير الرامي إلى أنه لم يسلّط الضوء على القطاع السياحي على غرار سائر القطاعات. وبذلك لم تأخذ السياحة حقّها في البيان الوزاري للأسف.
وإذا عدنا إلى السنوات السابقة وتحديداً في العام 2010 شكّل القطاع السياحي في خلاله نسبة 20% من الناتج المحلّي. اليوم القطاع السياحي أكبر «مشغّل» للموظفين في سوق العمل، إذ يضمّ 150 ألف عامل ثابت، مسجّلين بالضمان الاجتماعي عدا عن الصبايا والشباب الذين يعملون خلال المواسم والبالغ عددهم 50 ألفاً، ليصبح مجموع قوى الإنتاج 200 ألف عامل.
الحاجة إلى تشريعات
السياحة، مثلها مثل سائر القطاعات، تحتاج إلى تشريعات سياحية، طالما نحن في عهد الإصلاحات. وفي هذا السياق، يقول الرامي، يترتّب على وزارة السياحة تحديث التشريعات السياحية لناحية تصنيف المؤسسات السياحية ما يحدّ من انتشار الدكاكين السياحية. فالتشريعات القائمة اليوم تعود إلى 50 سنة انتدابية عثمانية، من هنا نحتاج إلى التشدّد في تأمين السلامة العامة في المؤسسات السياحية وسلامة الغذاء والدفاع المدني. فلا يستطيع أي كان أن يفتح مؤسسة سياحية من دون توفير الشروط تلك الأساسية والضرورية. فكل مستثمر يترتب عليه الالتزام بالتشريعات والحصول على إجازة نهائية، الأمر الذي يحدّ من المؤسسات غير النظامية على غرار كل دول العالم. على كل مؤسسة سياحية أن تحصل على ترخيص قبل مزاولة عملها فتحصل على دفتر شروط وتطبق المواصفات المطلوبة لإنشاء المؤسسة، فيتمّ الكشف عليه من قبل وزارة السياحة قبل أن يتمّ منحها الرخصة أي الإجازة لها بمزاولة العمل.
المؤسسات السياحية التي تفتح بشكل غير قانوني هي سيف مسلط على رقاب القطاع، من هنا يطالب الرامي تحديث التشريعات السياحية وتنظيم القطاع السياحي الذي يشكل ضمانة للقطاع. فالدورة السياحية تبدأ من مكاتب السياحة والسفر وتأجير السيارات وصولاً إلى المساكن السياحية والفنادق وبيوت ضيافة، المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري والأدلاء السياحيين.
استقطاب السائح والمستثمر
لا يقتصر عمل المؤسسات السياحية على استقطاب السائح في المواسم فقط، بل استقطاب المستثمر أيضاً، الذي ليس لديه قوانين ترعاه وتحميه وتحمي استثماراته. وسأل الرامي: نحن اليوم في العام 2025 فهل من الجائز أن تكون تشريعاتنا السياحية موديل الـ 75؟ أي عمرها أكثر من 50 سنة، وهذا الأمر ينطبق على قطاعات أخرى، مشدّداً على الحاجة إلى لفتة نظر جدية إلى التشريعات السياحية.
كل نجمة يحملها الفندق في لبنان تتطلب مواصفات عند التأسيس وطوال مرحلة العمل. لذلك يتطلب الأمر قيام مندوبي وزارة السياحة بزيارة revolving visit للتأكّد من أن مواصفات النجمة أو النجوم 3 أو 4 أو 5 لا تزال نفسها، وإذا تبين أنها لا تستوفي المواصفات يتمّ خفض تصنيف الفندق من 4 نجوم مثلاً إلى 3 أو 2...
عنوان المرحلة المقبلة
يبقى عنوان المرحلة المقبلة واحداً، إذا كان هناك استقرار أمني وسياسي هناك سياحة وإذا توفرت رؤية أو خارطة طريق سياحية ستصبح السياحة أهم بكثير ومردودها أعلى. من هنا يتمنّى الرامي على وزارة السياحة أن تنظّم القطاع. فإلى جانب الخطة السياحية التي يحتاجها القطاع المطعمي لا بدّ أيضاً من الترويج السياحي خارج لبنان لأن الترويج في الداخل أي في لبنان لا ينفع، خصوصاً أن عدداً من فنادق الـ 5 نجوم التي كانت مقفلة في بيروت تعدّ عدّتها لفتح أبوابها مثل Le gray و»فور سيزن» و»vendome»، فيما الفندق الوحيد (5 نجوم) الذي لا يزال يعمل في بيروت هو «فينيسيا».
وللتذكير، «يبقى القطاع السياحي عموماً والقطاع المطعمي خصوصاً، عابراً للأزمات كما يقول الرامي، إذ رغم الأزمات السياسية والأمنية والاجتماعية وأخيراً الحرب، استطاع هذا القطاع إثبات وجوده في مراحل عدّة في السنوات السابقة باستثناء مرحلة الحرب، إذ «لم يعد في يده حيلة». فهل يعود هذا القطاع إلى مجده مجدّداً؟