المفاوضات النووية تتعثر مجددا...ضغط اسرائيلي وايران نحو "القنبلة"!

بسرعة قياسية تبددت المناخات الايجابية التي سادت الملف النووي لتفسح مكانها لموجة واسعة من السلبيات، موحية باندثار الجهد الاوروبي والرغبة الدولية بالوصول الى اتفاق سريعا. الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة توقعت اليوم أن تكون إيران زادت مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب. وأعربت عن مخاوف متزايدة إزاء إحجام طهران عن المشاركة في تحقيق أصبح نقطة شائكة بجهود إحياء الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية. وأبلغت الأعضاء في تقريرها الفصلي السري، بأنها تعتقد أن إيران لديها ما يقدر بنحو 55.6 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب لدرجة نقاء انشطارية تبلغ ستين في المئة تقريبا، بزيادة تقدر بـ 12.5 كيلوغراما مقارنة بشهر أيار الماضي وهذه النسبة تمثل خطوة تقنية لا تبعد سوى خطوة واحدة أخرى عن مستويات التخصيب التسليحي التي تبلغ تسعين في المئة. 

 

وحذر خبراء حظر انتشار الأسلحة النووية من أن إيران لديها الآن ما يكفي من اليورانيوم المخصب لإعادة معالجته وتحويله إلى وقود لصنع قنبلة نووية واحدة على الأقل. وبينما تصر إيران منذ فترة على سلمية برنامجها النووي، بات مسؤولوها يناقشون الآن علانية قدرة طهران على الحصول على قنبلة ذرية إذا أرادت ذلك.

 

وفي قراءة لمصير جهود إحياء الاتفاق النووي يرى السفير السابق في واشنطن رياض طبارة عبر "المركزية" أن "التفاؤل حول المفاوضات مع إيران كان له بعض المبررات منها أن الغرب وأوروبا تحديداً باتت بحاجة إلى تأمين الطاقة سريعاً في ظل الحرب الأوكرانية، من هنا اعتبر البعض أن الاتفاق، إن تم، يمكن أن يسدد، ولو جزءا، من حاجة أوروبا وأميركا للطاقة"، مضيفًا "الإدراة الأميركية الحالية تعدّ إلى حدّ ما تكملة لإدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك اوباما التي أبرمت الاتفاق قبل انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب منه على اعتبار أن يمكن تحسينه إلا أن تقديراته باءت بالفشل".

 

ويلفت إلى "الجوّ الذي كان سائداً في الإدارة الحالية، لا سيما في وزارة الخارجية، والذي يروج لضرورة الانتهاء من الملف النووي والعودة إلى الاتفاق لأن من دونه يتفاقم خطر زيادة إيران التخصيب النووي ما يوقع أميركا في حرب هي بغنى عنها. لكن، المعارض الأكبر لاتجاه العودة إلى الاتفاق كان إسرائيل التي تعتبر أنه يضر بمصالحها بشكل استراتيجي وحياتي إن لم يتم بشكل كامل، بمعنى انه عندما أبرم عام 2015 اعتبر مضمون الاتفاق خطوة أولى على أن تشمل الخطوة الثانية التوافق على ألا يكون له مدّة انتهاء ما يمنع طهران من إنتاج السلاح النووي إلى الأبد، إلى جانب تطرقه إلى علاقتها مع دول المنطقة من خلال سحب ميليشاتها من دول الجوار، كذلك كان من المفترض أن ينص على تحجيم صواريخ ذات الرؤوس النووية. كل الإدارات الأميركية تتفق على ضرورة توسيع الاتفاق. اليوم إسرائيل تطالب بان يحصل كاملاً أو الأفضل ألا يحصل من الأساس وهذا ما دفعها إلى ممارسة ضغوط اخيراً على أميركا والضغط الأكبر مارسه اللوبي الإسرائيلي الذي جنّد حاخامات لهذه الغاية، ما أدى إلى فرملة تقدم المفاوضات. المطلب الإسرائيلي توسيع الاتفاق ليشمل بالحد الأدنى الميليشيات المتحالفة مع إيران في المنطقة. وهددت تل أبيب بأن في حال العودة إلى اتفاق غير مكتمل ستحتفظ بحقها في الدفاع عن نفسها عبر ضرب المفاعلات النووية وجرّ أميركا إلى حرب. اليوم من غير المعروف كيف ستحلّ اميركا هذه الإشكالية، إلا أن عودتها إلى الاتفاق تأجلت لحين التوصل إلى حل لقضية الميليشيات والصواريخ في الاتفاق".

 

ويعتقد طبارة أن "إيران تريد الاتفاق كما كان لأنه سيفتح باباً كبيراً أمام دخول الأموال إليها. وفي اليوم الأول ستفرج كوريا الجنوبية عن 7 مليارات دولار لها وفكّ الحجز يتم فوراً. كذلك مردود البترول سيكون طائلاً".

 

ويشير إلى أن "الانتخابات النصفية الأميركية على الأبواب ومن المتوقّع أن يربح خلالها الجمهوريون، بالتالي يتخوّف الإيرانيون من انسحاب واشنطن مجدداً. من هنا، يطالبون بضمانات لا يمكن للإدراة الحالية إعطاءها نيابةً عن رئيس سيلي الرئيس الحالي".

 

وعن تأثير تطورات الملف النووي على لبنان، يستعبد طبارة أن "يكون للبلد علاقة مباشرة بالمفاوضات. طبعاً إن كانت نهايتها سعيدة سيرتاح مختلف الفرقاء ومعهم دول المنطقة ومنها لبنان. وإذا تم الاتفاق بشكل منقوص يمكن للبنان ان يتأثر لأن موازين القوى في المنطقة ستميل لطهران وسيزداد نفوذها فيها وستتكاثر أموالها وتتمتع ببحبوحة، علما أن ذلك يستغرق وقتاً".