الوزير البديل لجورج قرداحي يجدّد التأزم السعودي-اللبناني

كتبت رين قزي في المدن:

منذ لحظة الكشف عن وزير الإعلام اللبناني الجديد، زياد مكاري، الذي عينته الحكومة بديلاً للوزير المستقيل جورج قرداحي، اشتعلت مواقع التواصل السعودية بالانتقادات للحكومة اللبنانية التي تدور في حلقة مفرغة، ولم تأتِ بوزير جديد "أقل استفزازاً" للسعودية، وهو السبب الذي أدى الى أزمة بين لبنان والخليج في وقت سابق، وأطاح الوزير قرداحي من منصبه.


صدر، الخميس، المرسوم الرقم 8919، القاضي بتعيين زياد مكاري وزيراً للإعلام خلفاً لقرداحي، ووقعه كل من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي. لكن تعيينه لم يحجب حقيقتين، أولهما أن الرجل القادم من عالم الهندسة، لا تتضمن سيرته الذاتية أي ارتباط بعالم الإعلام، وثانيهما أنه وزير مسيّس، سرعان ما أثار تعيينه أزمة مع المغردين السعوديين.

 

والحال ان تسميته، جاءت بتزكية من النائب طوني فرنجية، نجل رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية. لم تعد هذه الحقيقة خافية عن أحد. فهو مقرب من النائب الشاب، وريث أبيه للمقعد النيابي عن زغرتا، وساهم دفع فرنجية الابن لتعيينه، بإقناع والده بالتخلي عن قراره السابق القاضي بعدم تعيين بديل لقرداحي إثر الأزمة مع السعودية التي أدت الى استقالة قرداحي.

 

وإذا كانت استقالة قرداحي قد "فرملت" التصعيد السعودي ضد لبنان، على خلفية تصريحات سابقة لقرداحي بخصوص حرب اليمن، من دون أن تُعالج ذيول المشكلة وتعيد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الى مرحلة ما قبل الأزمة، فإن التصريحات السابقة لزياد مكاري بخصوص السعودية، باتت عبئاً على العلاقة، وهو ما أوحى به مغردون سعوديون منذ الإعلان عن تعيين مكاري.


فقد نبش السعوديون في حسابه في "تويتر"، وأخرجوا تغريدات له تعارض القرارات القضائية بحق هشام حداد على خلفية انتقاده ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وقال في إحداها: "كي لا ينسى القضاء، نحن لسنا في السعودية، نحن في لبنان"، علماً أن حداد ممنوع حتى هذا الوقت من دخول الأراضي السعودية، حسبما صرح أخيراً في مقابلة تلفزيونية مع رودولف هلال على شاشة "صوت بيروت انترناشيونال".


وأخرج المغردون السعوديون أيضاً تغريدات له منذ العام 2017، انتقد فيها ما سمّاه "استدعاء" قوى 14 آذار الى السعودية، منتقداً شعارات "السيادة" التي يرفعونها. كما قال المغردون السعوديون إن مكاري يؤيد فريق "حزب الله" وإيران. وفي مؤشر على غضب سعودي، قال أحد المغردين البارزين: "تعيين زياد مكاري وزيراً للإعلام يرفع ورقة التوت عن كل من كان يقول يجب دعم لبنان وعلى الخليج مساعدته".

ولا تقتصر هفوات تعيينه على هذا الجانب السياسي المرتبط بالتأزم المتواصل مع دول الخليج. فالرجل القادم من خلفية عالم الهندسة، لم يرد في سيرته الذاتية ما يبرر تعيينه في وزارة الاعلام، ما يؤكد أن ذهنية إسقاط الأسماء على الحقائب، ما زالت تحكم مسار التعيينات الحكومية.

 

وتقول السيرة الذاتية لمكاري إنه حاصل على شهادة عليا في الهندسة المعمارية من جامعة البلمند – الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ALBA)، ومن جامعة باريس بيلفيل (Paris-Belleville) للهندسة المعمارية (ENSAPB) – اختصاص في الهندسة الاسلامية وهندسة دول البحر المتوسط. هو مهندس معماري متخصص في العمارة اللبنانية والحفاظ على التراث الثقافي وترميمه، وحالياً أستاذ متفرغ في كلية الفنون الجميلة والعمارة في الجامعة اللبنانية. وله أيضاً العديد من الأبحاث الهادفة إلى الحفاظ على المواقع التاريخية والأثرية، ومن بينها دراسة أجراها لليونيسكو حول التنظيم المدني لمدينة طرابلس والمينا (1995)، ودراسة شاملة للحفاظ على وادي قاديشا الأثري. ويعمل مكاري الآن كمستشار للعديد من المبادرات المتعلقة بإعادة اعمار المباني المهدمة والمتضررة من انفجار بيروت في 4 آب/أغسطس2020 . لديه شغف خاص بالعمارة اللبنانية حيث يهتم بتجديد وإعادة تاهيل المنازل اللبنانية القديمة.