"انحطاط" التعليم الرسمي: إقبال كثيف على مدارس البكالوريا الأجنبية

رغم انتهاء المهل التي حددتها المدارس الخاصة لإعادة تسجيل الطلاب، ما زالت غالبية أهالي الطلاب مترددة حيال هذا الاستحقاق، وتنتظر مطلع فصل الخريف المقبل لتحديد مصير أبنائها، سواء لناحية الاستمرار في مدارسهم أو الانتقال إلى مدارس أخرى أقل كلفة. والصورة العامة تتسم بتمنع وتردد جزء كبير من الأهالي في دفع رسوم إعادة التسجيل، لأن الأمور ما زالت ضبابية والأهالي لا يعرفون إلى أين يتوجهون.

تراجع مستوى الشهادة الرسمية
في مقابل هذا التردد بين أهالي الطلاب، نظراً للضغوط الاقتصادية، يعمل العديد من أهالي الطلاب على نقل أولادهم إلى المدارس التي تعتمد نظام البكالوريا الأجنبية، كما تؤكد رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور، لما الطويل. وتقول في حديث لـ"المدن" إن عدم استقرار التعليم الرسمي والخوف من تراجع مستوى الشهادة الرسمية، عزز قناعة الأهالي بضرورة تسجيل الأبناء في المدارس التي تعتمد الأنظمة الأجنبية.

وتوعز الطويل هذا الأمر إلى سببين. فوزير التربية عباس الحلبي قال مؤخراً إن عدم توفر التمويل الدولي لوزارته سيؤدي إلى عدم انطلاق العام الدراسي في القطاع الرسمي. ما يعني البقاء في الحلقة المفرغة عينها للسنتين السابقتين، على مستوى تخفيض المناهج وتراجع مستوى الشهادة الرسمية. أما السبب الآخر، فهو ارتفاع أقساط الجامعات الجيدة في لبنان. ما يدفع أهالي الطلاب إلى البحث عن تعليم الأولاد خارج لبنان، لأنها أقل كلفة عليهم. وهذا سبب إضافي لتفضيل المدارس التي تعتمد نظام البكلوريا الأجنبية، لأنها بمثابة ضمانة إضافية لهم لتعليم الأبناء في الخارج. والأمر لا يقتصر على أهالي الطلاب المقتدرين. بل هناك قناعة بين أهالي الطلاب أنه يمكنهم أن يعيشوا ضائقة اقتصادية لثلاث سنوات لقاء نقل الأبناء الذين أنهوا الرابع متوسط إلى ثانويات لديها نظام الشهادة الأجنبية. وبذلك يضمنون مستقبل أبنائهم.    

البكالوريا الفرنسية
مصادر إدارية في إحدى مدارس البعثة الفرنسية تلفت إلى أن ازدياد الطلب على البكلوريا الأجنبية مرده فقدان اللبنانيين الثقة بالشهادة اللبنانية. فطالب البكلوريا الفرنسية يمتحن على مدى سنتين (الثاني والثالث ثانوي) والامتحان النهائي يكون تتويجاً لمرحلة البكالوريا (60 بالمئة من العلامة النهائية للامتحان النهائي و40 بالمئة للامتحانات المستمرة لصفي الثاني والثالث ثانوي). وتصدر نتيجة الامتحان النهائي في نهاية شهر حزيران وبداية تموز. وهذا العام صدرت نتائج البكلوريا الفرنسية في مطلع تموز، والطلاب حصلوا على موافقات من الجامعات في الخارج وأنجزوا كل الوثائق المطلوبة منهم للسفر. هذا فيما تتسم الامتحانات الرسمية في لبنان بالفوضى وعدم وجود رؤية لدى وزارة التربية. فالطالب غير واثق من حصول الامتحان من عدمه، حتى إلى ما قبل أسبوع من الامتحان. وقد ألغت وزارة التربية امتحان البروفيه قبل أسبوع من موعده، وسرت شائعات عن إمكانية إلغاء امتحان الثانوي أيضاً.

وتضيف المصادر، أن هناك حالات لأهالي طلاب أنهى أبناؤهم صف الأول ثانوي هذا العام في مدارس خاصة، لكنهم فضلوا الانتقال إلى مدارس البعثة الفرنسية وإعادة صف الأول الثانوي وإجراء امتحان الدخول إليه، خوفاً على مستقبل أولادهم. ما يعزز عدم ثقة اللبنانيين بالشهادة الرسمية بعد ثلاث سنوات على تراجع المستوى المضطرد.

مدارس البعثة الفرنسية تبدو الأكثر ثباتاً في الظروف الراهنة. فالتوقعات للعام الدراسي السابق، في مدارس البعثة كانت بتراجع الطلاب بنسبة بنحو 15 بالمئة. لكن لم يتراجع عدد الطلاب، بل ارتفع عددهم لهذا العام بنسبة 9.5 بالمئة عن العام 2022، كما ظهر في نتائج امتحانات البكالوريا. أما حركة التسجيل للعام المقبل فتسجل ثباتاً في مدارس البعثة في المناطق، وتزايداً بعدد الطلاب في الليسيه الكبرى في بيروت. ويلاحظ هذا الأمر من خلال ارتفاع عدد الشعب للعام المقبل حتى في المرحلتين المتوسطة والثانوية. فبعدما لجأت إدارة هذه المدرسة إلى خفض الشعب منذ ثلاث سنوات، بسبب تراجع عدد الطلاب حينها، عادت ورفعت عدد الشعب للعام المقبل. أما بما يتعلق بمدرسة الليسيه عبد القادر فيُسجل للعام المقبل ارتفاع جديد في عدد الطلاب، بعد انخفاض العدد سابقاً، سواء بسبب الهجرة أو بسبب تفضيل أهالي الطلاب الذهاب إلى الكوليج بروتستانت. والأخيرة كانت أقساطها سابقاً معقولة وفضلها الأهالي على المشاكل الكثيرة بين لجان الأهل والإدارة. لكن بسبب ارتفاع أقساط الكلويج (4500 دولار المساهمة التي طلبتها المدرسة) عاد أولياء أمور الطلاب، ولا سيما الذين لديهم أكثر من ابن، لتسجيلهم في عبد القادر للعام المقبل.