انقسام كويتي حول مقترح قانون "حظر التجميل والوشم"

أثار مقترح قانون قدمه خمسة من نواب مجلس الأمة في الكويت والمنتخب حديثاً بحظر عمليات التجميل والوشم جدلاً واسعاً في البلد الخليجي، إذ ذكر المقترح المجتمع الكويتي بوثيقة قدمت العام الماضي وتدعو إلى "الحفاظ على القيم الكويتية".

إبان ذلك اعتبر بعضهم الوثيقة "تقييداً للحريات وخلطاً للدين بالسياسة" وأنها لا تلائم  طبيعة الكويت المدنية، قبل أن يعود خمسة من نواب مجلس الأمة أخيراً لتقديم اقتراح قانون يقوم على تنظيم إجراء الجراحات التجميلية وربط إجرائها بالحصول على موافقة من لجنة مختصة في وزارة الصحة.

وقدم المقترح لبرلمان 2023 النواب محمد هايف وحمدان العازمي وفهد المسعود، وكذلك محمد المطير وحمد العبيد، إذ طالبوا بحظر عمليات التحول الجنسي وتغيير الجنس من الهوية الرسمية، إضافة إلى حظر القيام بالوشم والإعلانات الترويجية لعمليات التجميل في العيادات والمراكز الصحية، إلى جانب فرض عقوبة جزائية بالسجن لمدة لا تجاوز خمس سنوات وغرامة لا تقل عن ألف دينار كويتي (3257 دولاراً) أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من يخالف أحكام القانون المقترح.

ردود أفعال

واستمراراً لردود الأفعال الجدلية على منصات التواصل الاجتماعي علق وزير الإعلام الكويتي السابق سعد بن طفلة عبر حسابه على منصة "تويتر" بأنها "أولويات قندهارية"، فيما طالب النائب السابق في مجلس الأمة هشام الصالح بقية النواب بالتحرك ودعم الحقوق والحريات.

وأشار المحامي عماد السيف إلى خطأ بعضهم في "تحميل المسؤولية للناخب الذي انتخب هؤلاء النواب"، لافتاً إلى أن "هذا المقترح الكهفي مسؤولية تقديمه خطيئة، ورمي هذا التخلف على الديمقراطية جريمة، وأن المتهم الوحيد هو من سمح بدخول هذا الفكر إلى الكويت وسكت عنه ورعاه حتى صار له ناخب ونائب".

ومن جهة أخرى يرى بعض المتابعين أن مقترح القانون يساعد في تنظيم القطاع التجميلي في الكويت، ويحد من عمليات التحول الجنسي والتشبه بالجنس الآخر، إذ غردت الكاتبة الكويتية أنفال العبيدلي قائلة "للعلم أنا أتفق في منع ممارسة عمليات التجميل في أماكن غير مرخصة أو على يد غير متخصصين، لما لها من خطورة على الناس"، مشددة في الوقت نفسه على منح الأولوية لإصلاح أحوال البلد الخليجي.

تنظيم وحماية

بدوره قال أحد مقدمي الاقتراح النائب فهد المسعود لـ"اندبندنت عربية" إن "مقترح القانون الذي قدم لمجلس الأمة لا يعتبر إلغاء أو تدخلاً في الحريات، بل لحماية المجتمع ووقف الفوضى المنتشرة فيه، من خلال تنظيم الحق في إجراء العمليات بما يتسق مع الشريعة في ما يحرم التغيير في خلق الله، ومع ذلك يراعي الاقتراح الحاجة إليها".

وعن تفاصيل المقترح استطرد المسعود قائلاً "يتكون القانون من سبع مواد، الأولى والثانية تتعلقان بضرورة الحصول على موافقة من لجنة خاصة، والثالثة تتناول إنشاء اللجنة التي تفحص طلبات إجراء العمليات التجميلية التي تشكل من سبعة أطباء منهم متخصصان اثنان في جراحة التجميل، ويكون لهم حق القبول أو الرفض، وتعمل تحت إشراف وزير الصحة وقراره".

وأكمل النائب البرلماني "المادة الرابعة حظرت إجراء عملية التحول الجنسي والوشم، وذلك لثبوت الحرمة بأدلة شرعية ثابتة وكذلك الإعلانات الترويجية لها، إضافة إلى حظر إجراء العمليات في عيادات ومراكز صحية غير معتمدة".

ونوه المسعود بأن "المادة الخامسة حددت عدداً من الشروط لإجراء عمليات التجميل، منها عدم وقوع أضرار معنوية أو جسدية"، مشدداً على ضرورة إخطار إدارة تحقيق الشخصية بوزارة الداخلية حتى لا تكون العمليات نافذة للهرب من العدالة.

وأضاف النائب البرلماني أن المادة السادسة قضت بإنشاء الجمعية الكويتية لجراحي التجميل لتكون ذات نفع عام في المجتمع، وأن تقوم بدور توعوي في تحذير الناس من النصب، على أن يصدر وزير الشؤون الاجتماعية والعمل قراره بهذا الشأن، بينما تحدد المادة السابعة عقوبات من يخالف القانون بالغرامة أو السجن أو بإحدى هاتين العقوبتين.

تقييد الحرية

من جهتها قالت مساعد نائب مدير جامعة الكويت حنين الغبرا إن "الوشم شيء تعبيري يخص الشخص وهويته فقط، إذ إنه من الممكن أن يتعلق بالعقيدة أو الأب أو الأم"، موضحة أنه نوع من الفن الذي يرسم على جسد الإنسان، فمن "يقوم به لديه خبرة بالنقش على جسم من يملك حرية القرار والاختيار".

وأضافت الغبرا "أوجه رسالة لنواب مجلس الأمة بأن لدينا ملفات خطرة في الكويت منها ما يرتبط بالفساد والاقتصاد، وعلينا إيجاد بدائل للنفط والطاقة وتطوير المنظومة السياسية التي تحتاج إلى تعديل، في حين تناقشون أموراً هامشية مثل اليوغا والوشم".

وقف العبث

ودعت ست جمعيات نفع في بيان لها نشر بالأمس إلى وقف العبث بمكتسبات المرأة الكويتية، منتقدة بعض الأطروحات في مجلس الأمة التي تعادي مسيرتها والحريات العامة في البلاد، مطالبة النواب الالتزام بالدستور كما ارتضاه الشعب، وكذلك التراجع عن استهداف المرأة ومحاولة تحجيم دورها.

وأضاف البيان أنه "من الإجحاف أن تبقى المرأة الكويتية في حال نضال دائم للحصول على أبسط المكتسبات، ومن ثم عليها أن تخوض كفاحاً آخر للحفاظ على ما حققته"، لافتاً إلى أن بعض أعضاء مجلس الأمة دأبوا على "التركيز الشديد على الحريات الشخصية وتحجيمها بوسائل عدة وطرق تتصدرها الظواهر السلبية التي أقل ما يمكن وصفها بالهامشية، مثل وضع قواعد لعمليات التجميل ومنع الوشم وما إلى ذلك من الأمور غير المهمة وتتنافى مع المادة 30 من الدستور التي تنص على أن الحرية الشخصية مكفولة"، مشدداً على أنهم "تناسوا قضايا الوطن الملحة مثل تحسين وتطوير مستوى التعليم والقضاء على الفساد المستشري واستباحة المال العام".

وختمت الجمعيات بيانها بتأكيد أن "هذه الأطروحات أدت وستؤدي إلى فقدان الشباب للقناعة بدور مجلس الأمة التشريعي وأهميته، لاسيما وأن الدول المحيطة تبدو أكثر تسامحاً وتقبلاً لتميز الفرد واحترام دور المرأة فيه".