المصدر: المدن
الكاتب: نغم ربيع
الخميس 10 تشرين الثاني 2022 15:24:23
إذا كان عموم اللبنانيين متخوفين من التعرفة الجديدة للكهرباء، فإن هذا التخوف أكبر عند مواطني منطقة جزين ومحيطها حين ستصدر الفواتير الجديدة وفق التعرفة التي أقرت منذ مطلع تشرين الثاني الجاري. يتحدث وسام، وهو صاحب متجر في المنطقة، عن كيفية تأمين حوالى 25 مليون ليرة كل شهرين لدفعها لكهرباء لبنان بعد أن كانت فاتورته في السابق لا تتجاوز المليونين ليرة.
والمعلوم أنه بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان منذ العام 2019، وعدم قدرة مؤسسة الكهرباء على شراء الفيول، شهدت البلاد انقطاعاً شاملاً للتيار الكهربائي.. إلا أن المناطق التي تتغذي من المعامل العاملة على المياه لم تتأثر بهذه المشكلة. أما اليوم، وبعد طرح مسألة زيادة ساعات التغذية الكهربائية بين 8 و10 ساعات يومياً مرفقة بزيادة ضخمة بالتعرفة، لتمويل شراء الفيول، فإن سكان مناطق جزين، البقاع الغربي وقاديشا، الذين يتمتعون بالطاقة الكهرومائية، يشعرون أنهم سيتحملون عبئاً إضافياً لا شأن لهم به.
التعرفة الجديدة
التسعيرة الجديدة ستكون 10 سنتات لأول مئة كيلوواط من استهلاك الكهرباء، و27 سنتاً لكل كيلوواط بعد المئة، بالإضافة إلى تعرفة شهرية ثابتة، وهي 21 سنتاً لكل أمبير، على أن يكون سعر الدولار حسب منصة صيرفة، الذي يبلغ اليوم 30.300 للدولار الواحد.
في عملية حسابية بسيطة، إذا استهلك سكان منزل ما 500 كيلوواط على عدّاد 20 أمبيراً (ما يعتبر استهلاكاً طبيعياً) في الشهر، سيدفع لكهرباء لبنان مع بدل تأهيل 3 ملايين و833 ألف ليرة لبنانية. وهو ما يعتبر رقماً ضئيلاً لسكان هذه المنطقة التي تتمتع بـ20 ساعة كهرباء في اليوم، مقارنة مع ما يدفعه مواطنون آخرون لا يمتلكون ميزة الحصول على كهرباء منتجة من المياه. إذ قد لا يكفي هذا المبلغ لتسديد فاتورة اشتراك المولد لشهر واحد مقابل 5 أمبير فقط و16 ساعة من التغذية الكهربائية يومياً.
كلفة الانتاج بالدولار
"كنا نعيش في نعمة الكهرباء المنتجة على المياه ومتوفرة 20 ساعة في اليوم هنا، بتكلفة معقولة. الآن مع التعرفة الجديدة نتمنى أن لا تأتي لساعة واحدة. إذ كيف سأسدد الفاتورة الجديدة؟" هكذا عبّر أحد سكان قرى بلدة جزين، الذي يرى رئيس اتحاد بلدياتها خليل حرفوش، أن التعرفة اليوم منخفضة نسبة لغلاء الدولار وكلفة الانتاج. والصيانة تحتاج إلى العملة الصعبة. ويضيف حرفوش عبر "المدن": "صحيح أن الإنتاج على عاتق مصلحة الليطاني، لكن كهرباء لبنان هي التي تقوم بالتوزيع. رغم ذلك، سنحاول تحسين وضع سكان هذه المناطق. وطلبت لقاء مدير عام كهرباء لبنان كمال حايك، لمناقشة هذا الموضوع، على اعتبار أن كلفة الانتاج على المياه أقل منها على الفيول. وسنسعى لإيجاد حل مدروس إذا كان القانون يسمح في أن تدفع منطقة أقل من أخرى".
بدوره يعتبر رئيس اتحاد البحيرة (منطقة القرعون)، جهاد ضاهر، أن من حق الدولة زيادة التعرفة التي سيكون لها تأثير أكيد على المواطنين بشكل عام، وموظفي الدولة بشكل خاص، إلا أن تأمين الكهرباء يتطلب أموالاً يجب أن تدفع.
مصلحة الليطاني تطالب برفع التعرفة
حسب المدير العام لمصلحة الليطاني، الدكتور سامي علوية، فإن المصلحة تبيع حالياً الكيلوواط لشركة كهرباء لبنان بـ60 ليرة، وتطالب بأن تصبح 800 ليرة الكيلو واط أو 4 سنت على سعر صيرفة، لكن لا جواب حتى الآن من شركة الكهرباء. ونحن نسعى للحصول على موافقة وزير الطاقة وليد فياض، الذي يمكن أن يوفق بين الطرفين، كي نتمكن من المحافظة على استمرارية كهرباء لبنان والمعامل الكهرمائية وتغطية مصاريفنا التشغيلية، حيث تصل كلفة إنتاج الكيلوواط من 2 إلى 4 سنت.
وحسب علوية، فإن انتاج معامل الليطاني يقدر بحوالى 10% من الإنتاج على الشبكة العامة في السنوات الغنية بالأمطار، ونسبة 3% في السنوات الجافة.
مع العلم أن هذه الطاقة تباع إلى مؤسسة كهرباء لبنان بـ4 سنت (بسعر 1500 ليرة للدولار) للكيلو واط ساعة، بينما إنتاج الكيلو واط ساعة من مصادر أخرى يكلف الخزينة العامة أكثر من 10 سنتات من الدولار الاميركي، أي أن ما حققته معامل الليطاني من وفر على الخزينة العامة خلال عامي 2019-2020 بلغ أكثر من 159 مليون دولار أميركي.
بكل الأحوال، وبعد سنوات من تنعم تلك المناطق بالنور ومن مصدر طاقة نظيفة ورخيصة، إن في كلفة إنتاجها أو في فاتورة استهلاكها، يجد سكانها أنفسهم ملزمين بتسديد ثمن "فيول" لا يستهلكونه. والأسوأ في هذه الحال، أن غالبية اللبنانيين سيدفعون فاتورة 8-10 ساعات تغذية وفق التعرفة الجديدة، أما هم فسيدفعون فاتورة أكثر من 20 ساعة كهرباء يومية. هكذا تحولت النعمة إلى نقمة.