المصدر: eremnews
الخميس 6 تشرين الثاني 2025 15:50:30
كانت هزيمة ريال مدريد أمام ليفربول بنتيجة 0-1 على ملعب "آنفيلد" أكثر من مجرد انتكاسة مزعجة في دوري أبطال أوروبا، بل كانت تذكيرًا صارخًا بمدى الطريق الطويل الذي لا يزال مشروع تشابي ألونسو بحاجة إلى قطعه.
فالمدرب الإسباني، في موسمه الأول مع الفريق، تلقى الخسارة الثالثة له أمام منافس كبير، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان ريال مدريد، رغم حيويته الهجومية وجاذبية أسلوبه، قادرًا على المنافسة بثبات في أعلى المستويات.
علامات القلق لم تكن جديدة، ففي وقت سابق من هذا العام، تعرّض ريال مدريد لهزيمة قاسية أمام باريس سان جيرمان بنتيجة 0-4 في نصف نهائي كأس العالم للأندية، وهي نتيجة اعتبرها البعض حينها مجرد "آلام البداية" لمشروع جديد تحت قيادة ألونسو، الذي كان يسعى لغرس فلسفته التكتيكية وبناء انسجام جديد داخل الفريق.
لكن بعد مرور عدة أشهر، يبدو أن المشكلات نفسها عادت لتظهر مجددًا في المباريات الكبرى.
وجاء الاختبار الكبير التالي في ديربي مدريد، وكانت النتيجة أكثر إيلامًا، إذ تعرّض الفريق لهزيمة قاسية بنتيجة 2-5 أمام أتلتيكو مدريد بقيادة دييغو سيميوني.
صحيح أن الفوزين المتتاليين على يوفنتوس وبرشلونة أعادا بعض الأمل لجماهير الميرينغي، لكن أداء الفريق في آنفيلد أظهر بوضوح أن ريال مدريد لا يزال بعيدًا عن الوصول إلى الصورة المثالية التي يطمح إليها ألونسو.
الهزيمة كشفت عن عدة نقاط ضعف جوهرية، يحتاج المدرب الإسباني إلى معالجتها بشكل عاجل.
وفيما يلي أبرز ثلاث قضايا رئيسة ينبغي عليه التعامل معها سريعًا.
1- الدفاع في الكرات الثابتة: كابوس يتكرر
أحد أبرز الهواجس التي تطارد ريال مدريد هذا الموسم هي عجزه عن الدفاع بفعالية أمام الكرات الثابتة.
فالهزيمة أمام ليفربول على ملعب "آنفيلد" جاءت مجددًا من كرة ثابتة، بعدما تُرك أليكسيس ماك أليستر يتحرك بحرية تامة داخل منطقة الجزاء ليسجل دون رقابة.
لكن هذه المشكلة لم تبدأ في ليفربول، ففي ديربي مدريد أمام أتلتيكو، تلقى الفريق هدفي الشوط الأول من كرتين رأسيتين، كما تسبب في ركلة جزاء من ركلة ركنية خلال الشوط الثاني، في مشهد يؤكد أن الخلل أصبح نمطًا مقلقًا ومتكررًا يكلف ريال مدريد الكثير في المباريات الكبرى.
وما يزيد من غرابة الوضع أن الجهاز الفني يضم سيباس بارّيا، المساعد الموثوق لتشابي ألونسو، والذي يُنسب إليه الفضل في تحويل باير ليفركوزن إلى واحد من أفضل فرق الدوري الألماني في التعامل مع الكرات الثابتة، إلا أنه، حتى الآن، لم يتمكن من نقل هذا النجاح إلى العاصمة الإسبانية.
ولإدراك حجم الأزمة، استعان ريال مدريد مؤخرًا بالمدرب المتخصص في الكرات الثابتة خيسوس رويدا من نادي ليغانيس، في محاولة لتحسين المنظومة الدفاعية، وهو ما يعكس وعي الإدارة الفنية بالمشكلة، لكن الحل الجذري لم يتحقق بعد.
أمام ليفربول وحده، سمح ريال مدريد بثماني تسديدات من كرات ثابتة، اضطر تيبو كورتوا للتصدي لسبعٍ منها، وهو رقم يعكس هشاشة واضحة في المنظومة الدفاعية.
وفي المجمل، يُعد الهدف الذي تلقاه الفريق في آنفيلد الرابع من كرة ثابتة هذا الموسم، رقم غير مقبول تمامًا بالنسبة لنادٍ بحجم وتاريخ ريال مدريد.
الجبهة اليمنى ما زالت غير مستقرة
أحد أبرز التحديات التي تواجه تشابي ألونسو حاليًا يتمثل في عدم استقرار الجبهة اليمنى داخل منظومته التكتيكية، فبعد الفوز في الكلاسيكو، بدا وكأن المدرب الإسباني قد وجد التوازن المثالي بتشكيلة تضم أربعة لاعبي وسط، مع منح إدواردو كامافينغا حرية التقدّم أحيانًا نحو الطرف الأيمن لدعم عملية بناء اللعب.
لكن ما نجح أمام برشلونة، انهار تمامًا في آنفيلد، فقد عانى كامافينغا من فقدان الاستحواذ، وتمريرات خاطئة، وتمركز غير منضبط، ما اضطر ألونسو لاحقًا إلى إعادته إلى العمق والدفع بـأردا غولر لتأمين العرض والاتساع الهجومي.
غير أن هذا التعديل جاء متأخرًا، إذ كان شكل الفريق التكتيكي قد تفكك بالفعل، مما سمح لـليفربول بالسيطرة الكاملة على مجريات اللعب.
وفي وقت سابق من الموسم، منح ألونسو الفرصة للموهوب الصاعد فرانكو مستانتونو لشغل هذا المركز، على أمل أن يقدّم الحل المستقبلي في الجناح الأيمن، لكن اللاعب الشاب لم يرتقِ بعد إلى مستوى التطلعات، سواء من حيث النضج التكتيكي أو الفاعلية الهجومية.
هذه الفوضى في هوية الجبهة اليمنى تمثل تحديًا تكتيكيًا حقيقيًا أمام ألونسو، إذ يحتاج إلى إيجاد توازن واضح بين الأدوار الدفاعية والهجومية في هذا الجانب لضمان استقرار المنظومة واستعادة الانسجام الذي فقده الفريق في الأسابيع الأخيرة.
إيجاد المزيد من الهدافين
يُعد اعتماد ريال مدريد المفرط على كيليان مبابي أحد أبرز المشكلات التي لم يعد بالإمكان تجاهلها داخل مشروع تشابي ألونسو.
فالنجم الفرنسي سجّل 18 هدفًا هذا الموسم، وهو رقم مذهل مقارنة بزميله فينيسيوس جونيور الذي لم يسجّل سوى خمسة أهداف فقط، في وقت لم ينجح فيه سوى عدد محدود من اللاعبين في المساهمة التهديفية بشكل منتظم.
إجمالًا، لا يتجاوز عدد اللاعبين الذين هزّوا الشباك مع ريال مدريد هذا الموسم سبعة لاعبين فقط، وهو رقم يعكس ضيق قاعدة التهديف داخل الفريق ويجعل أداء الميرينغي قابلًا للتوقّع بسهولة من قِبل المنافسين.
فعندما يتمكّن الخصم من إيقاف مبابي أو فينيسيوس، أو حتى جود بيلينغهام في بعض الأحيان، يصبح ريال مدريد بلا أفكار هجومية واضحة ويبدو عاجزًا عن خلق الخطورة.