بين استيراد اليخوت الهائل وعدمه... أين الحقيقة؟

في تصريح تلفزيوني صادم في ظل الأزمة الاقتصادية التي تستفحل يوماً بعد يوم، أكّد المدير العام لوزارة الاقتصاد الدكتور محمد أبو حيدر، أنّ حجم استيراد السلع الفاخرة يزداد في لبنان.

خلال الحوار، تعجّب أبو حيدر من ارتفاع حجم الاستيراد في لبنان وعودته إلى 19 مليار دولار، في ظل واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية، وهو حجم الاستيراد الذي كان ما قبل الأزمة. وفيما وصف أبو حيدر لبنان بـ"بلد التناقضات" قال: "أفهم أن يستورد لبنان ألواح طاقة شمسية بحوالي مليار و200 مليون دولار، لكن لا يمكن أن نفهم أنّ لبنان استورد العام الماضي ثمار البحر بـ50 مليون دولار وأن يكون استيراده لليخوت في عام 2019 بلغ 3 ملايين دولار وارتفع في عام 2022 إلى 41 مليون دولار!".

الأرقام التي استند إليها أبو حيدر هي أرقام الجمارك اللبنانية، وبالتالي هي أرقام رسمية. لكن بالحديث مع المعنيين على أرض الواقع، تباين كلامهم مع الأرقام. فمن جهته، يستغرب رئيس المصلحة البحرية في  Automobile and Touring Club of Lebanon (ATCL)  في جونية – حيث ترسو اليخوت الخاصة – نعمان الخوري، في حديث لـ"النهار"، هذه الأرقام، "إذ لا أحد يستورد اليخوت ولا استيراد منذ ما قبل 2019 منذ 5 سنوات، ولا حركة شراء يخوت باستثناء الأتراك الذين يأتون إلى لبنان لشراء اليخوت نقداً، أي إنّ عدداً كبيراً من اليخوت اللبنانية حالياً تورَّد ولا تُستورَد".

إلى ذلك، أحد كبار مستوردي اليخوت في لبنان، في حديثه لـ"النهار"، ينفي أيضاً أن يكون هناك استيراد لليخوت في لبنان، و"هذا الكلام غير منطقي وغير واقعي، لا بل على العكس، فإنّ الاستيراد تراجع 95 في المئة منذ 2018 حتى اليوم، إن لم يكن أكثر من ذلك".

وحتى إنّ تبديل اليخوت القديمة بالجديدة هو حركة شبه معدومة وفق المستورِد، واليخوت الموجودة في لبنان، هي وجهة لتجّار أتراك يأتون إلى هنا لشرائها بسبب زيادة الطلب عليها، لأن تركيا مشهورة بالسياحة البحرية، إضافة إلى تراجع قيمة العملة التركية ورغبة بعض الرأسماليين بشراء ممتلكات بأموالهم للحفاظ على قيمة ثرواتهم. وهذه الحركة رائجة منذ حوالي 3 سنوات في لبنان، منذ أن حجزت المصارف على أموال المواطنين، بحيث يدفع الأتراك ثمن هذه اليخوت نقداً بالدولار، وبأسعار معقولة جداً لكونها مستعمَلة. وبطبيعة الحال، يكون سعر اليخت المستعمَل أرخص، وصاحبه يفضّل بيعه على ركنه دون استخدامه، لأنّه يحتاج إلى مصروف كبير لصيانته، لذلك فإنّ عرض اليخوت يفوق العقارات. كذلك، لا طلب أبداً على استئجار اليخوت لإقامة الحفلات والسهرات.

ويفيد مصدر متابع لـ "النهار"، أنّ ما قاله المعنيّون باليخوت صحيح وغير صحيح في آن واحد. فمنذ 3 سنوات، مع حلول الأزمة الاقتصادية في تركيا، وجد التجّار الأتراك في شراء اليخوت من لبنان وسيلة لضمان أموالهم وقيمتها مع تراجع قيمة الليرة التركية، فيما تنتشر السياحة بكثافة هناك. ومنذ ذاك الحين، يستورد التجار في لبنان اليخوت لبيعها للأتراك لا لاستخدامها في لبنان للاستخدام الفردي المحلي. بذلك، يوضح المصدر أنّ المستوردين يستوردون اليخوت لمعاودة بيعها إلى الخارج، طبعاً إلى جانب بيع جزء من اليخوت الخاصة التي كانت أساساً موجودة في لبنان، وهذا ما يفسّر ارتفاع حجم استيراد اليخوت.