المصدر: جريدة الحرة
الكاتب: شليطا بو طانيوس
الجمعة 30 أيار 2025 11:38:40
قد يُخيَّل للبعض أن نيكول الجميّل خسرت، وأن حزب الكتائب اللبنانية – أقوى قوة مسيحية في المتن الشمالي – هُزم في عقر داره. لكن الحقيقة أعمق من مجرد نتائج. نيكول لم تخسر، بل قد تكون الرابحة الأكبر في وجدان كل من آمن بالرؤية، بالخدمة، وبالنهج الحضاري التقدّمي لبناء لبنان الأفضل.
هي حفيدة مؤسس أحد أكبر وأقوى الأحزاب في تاريخ لبنان الحديث والمعاصر، الشيخ بيار الجميّل، وابنة فخامة الرئيس الشيخ أمين الجميّل، وشقيقة الوزير الشهيد بيار أمين الجميّل، ورفيقة نضال رئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميّل.
لكن قبل كل ذلك، نيكول هي ابنة المتن… المتن النابض بتاريخ من النضال والثقافة. هي رئيسة بلدية بكفيا، المعروفة بعفويتها الصادقة وتواضعها الذي لم يتغيّر يومًا، فكانت بقربها من الناس تعيد إلى السياسة معناها الإنساني، حيث تكون القيادة خدمة لا سلطة، وتكون الخدمة مجّانيّة لا منّة فيها لأحد.
نيكول الجميل لا تتصنّع الكاريزما، بل تجسّدها ببساطة الحضور وصدق الكلمة. تنظر إلى الناس في أعينهم، من قرب، كما لو أنها واحدة منهم. تعرف وجعهم، وتحمل أحلامهم. ومن خلال مشروعها للمتن، طرحت رؤيتها لمتنٍ أفضل، وزرعت الأمل في مشروع حضاري جعل الناس – ولو للحظة – يتخيلون أنهم في دولة أوروبية، لا في لبنان، ولا حتى في المتن.
برنامجها كان حلمًا قابلاً للتحقيق، تمثّل في:
إقامة نظام نقل عام موحّد، مع تطبيقات تنقّل ذكية تتيح التتبّع بأوقات دقيقة، ما يخفف الازدحام والتلوّث ويربط بين الريف والمناطق الساحليّة.
إنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي، ومرافق لإعادة التدوير وإدارة النفايات بكفاءة، ما يحمي البيئة ويدعم الصحة العامة.
تطوير الواجهة البحرية من برج حمود إلى ضبيّة، وجعلها مساحة ترفيه وثقافة لجميع الفئات.
مشاريع إسكان ميسّر تحفظ كرامة الشباب وتدعم ذوي الدخل المحدود.
زراعة حضرية، مراكز تكنولوجيا وابتكار، فرص عمل للشباب…
لائحة تطول، لكنها ليست ضربًا من الخيال، بل خطة حقيقية كانت تنتظر لحظة التنفيذ.
هذه ليست سويسرا. هذا قلب لبنان النابض، المتن، كما كان يمكن أن يكون.
ضاعت هذه الفرصة، لا بسبب نقص في الرؤية أو في الإمكانيات، بل بسبب حسابات ضيّقة، ومصالح آنية، وإغراءات متنوّعة لبعض رؤساء البلديات.
نيكول الجميل، لم تخسري.
لقد خسر المتن رئاسة الاتحاد، لكنه ربح قامةً سياسية نزيهة، ورؤيةً ستبقى حيّةً إلى أن تتحقّق…