المصدر: المدن
الاثنين 4 آب 2025 12:13:25
على مستويات متعددة تتوزع التحديات التي يواجهها لبنان، ولا سيما جلسة الحكومة يوم الثلاثاء المقبل. هناك تحديات داخلية وأخرى خارجية. الجميع يتهيب الموقف باعتبارها المرة الأولى منذ سنوات طويلة يُطرح ملف السلاح على طاولة مجلس الوزراء لاتخاذ قرار بسحبه. لطالما كان حزب الله يستند على ورود كلمة المقاومة في البيان الوزاري لتكريس الشرعية الرسمية التي يحظى بها. علماً أن هذه الحكومة لم تتضمن أي إشارة لعبارة المقاومة. لذا، فإن حزب الله يتعاطى مع أي قرار سيُتخذ هو عبارة عن نزع الشرعية عنه.
إنهاء الصراع
يتم تصوير المشكلة بأنها تقتصر على "وضع جدول زمني" لمسار تسليم السلاح، علماً أن ذلك يبقى تفصيلاً ضمن العنوان الأكبر، هو الانتقال إلى مرحلة جديدة في لبنان مختلفة عن كل ما سبق، لا يكون فيها أي سلاح أو أي مشاريع عسكرية خارج نطاق الدولة، وهذه الدولة يُفترض بها أن تتماهى مع كل التحولات والتطورات الدولية، أي إنهاء حالة الصراع مع إسرائيل، بغض النظر عن التسمية التي سيتم اختيارها، سواء كانت هدنة طويلة الأمد، أو اتفاق ترتيبات أمنية لوقف النار، او حتى اتفاق سلام. تبقى كل هذه المسميات عبارة عن تفاصيل أيضاً، وهنا لا بد من الإشارة إلى ما قاله السفير الأميركي الذي يفترض أن يتسلم مهامه قريباً في لبنان، ميشال عيسى. إذ أشار إلى أن المطلوب من لبنان نقطتين، نزع السلاح الذي يمثل ضرورة فورية، والدخول في اتفاقات التطبيع أو في المسار الإبراهيمي.
هذا المسار بكليته هو ما يرفضه حزب الله، وضمناً يرفض أي بحث في تسليم سلاحه. لذا، فإن المشكلة لا تقتصر على مسألة تحديد جدول زمني للبدء بسحب السلاح، بل المشكلة على العنوان والمضمون وليس على التفصيل. فأي قرار سيُتخذ من قبل السلطات الرسمية اللبنانية، يشير إلى اتخاذ قرار بسحب السلاح وتكليف أي جهة رسمية أخرى بالعمل على وضع خطة لذلك، يعني هذا سحب أي شرعية عن حزب الله وسلاحه، والتعاطي معه كـ"ميليشيا". وهذا ما يرفضه الحزب ويسعى إلى أن يتحداه.
الحفاظ على الاستقرار
استباقاً لموعد جلسة الثلاثاء، تتزايد الاتصالات الداخلية والخارجية للوصول إلى صيغة تكون مقبولة، ولا تؤدي إلى مشكلة داخلية. لذا، فإن الحدّ الأدنى الذي يتم العمل عليه هو الوصول إلى صيغة موحدة تخرج بها الحكومة في جلستها، تُظهر أن الموقف اللبناني موحد، بما يتوافق مع حصر السلاح بيد الدولة وكيفية العمل على ذلك، وبما يحافظ على الحكومة وعلى الاستقرار الداخلي. من هنا، فإن مصادر متابعة تكشف أن العمل مستمر للوصول إلى هذه الصيغة، والتي تشير إلى مراحل معينة لسحب السلاح، من دون الالتزام بجدول زمني، واستناداً إلى اتفاق الطائف والبيان الوزاري. ولدى سؤال المصادر عن إذا ما كانت هذه الصيغة ترضي القوى الدولية؟ تجيب: "الموقف الدولي في مكان آخر، الشروط كبيرة والضغوط كثيرة. الأهم هو تحصين الوضع الداخلي". يبدو الجواب وكأنه واضح لجهة عدم تلبية الشروط الدولية في القرارات التي ستتخذ.
طالما أن حزب الله ينظر إلى ما يجري بوصفه حرباً وجودية، فإن التحديات الداخلية ستفرض نفسها. أولها، كيف سيتعاطى الحزب مع الجلسة؟
حتى الآن هو على استعداد للمشاركة فيها، ولا يريد القيام برد فعل يسبق الفعل، فلا بد له أن ينتظر ما ستقرره الحكومة. وفي حال كان القرار مرضياً له، يبقى الستاتيكو الحالي قائماً.
ينظر الحزب إلى الجلسة باعتبارها شبيهة بجلسة 5 أيار 2008، والتي سبقت اجتياحه لبيروت والجبل في 7 أيار. وهنا تنقسم التقديرات بين من يؤكد أن الحزب ليس في وارد الإقدام على أي خطوة توتير أمني، وبين اللجوء إلى اعتصامات أو إضرابات وتحركات احتجاجية على هذا القرار.
أن تتخذ الحكومة قراراً واضحاً بسحب السلاح، ولكن يرفض حزب الله التعاون من أجل تنفيذه، وبالتالي لا يتجاوب مع كل الضغوط، ولا يكرر ما جرى في جنوب الليطاني عندما تعاون مع الجيش اللبناني للدخول إلى المواقع وسحب السلاح منها.
اتخاذ الحكومة قراراً لا يتضمن جدولاً زمنياً ولا نصاً صريحاً حول سحب السلاح. وهذا قد يدفع بقوى أخرى داخل الحكومة كالقوات اللبنانية وحزب الكتائب ووزراء آخرون إلى التصعيد سياسياً وتكثيف الضغوط.
التحديات الخارجية
أما التحديات الخارجية فهي مستمرة من خلال الضغوط والعناوين المطروحة، وهي تتصل بالعناوين الأميركية الواضحة، بأنه حان الوقت للبنان أن يسلك مساراً جديداً، مشابهاً للمسار السوري. وهذا ما ورد على لسان المسؤولين الأميركيين، وهنا تتعدد الاحتمالات:
أن لا يرضي القرار الحكومي الشروط الإقليمية والدولية، وعندها تقرر هذه الجهات سحب يدها من الملف اللبناني وعدم تقديم أي مساعدات، وترك اللبنانيين إلى مصيرهم، وتغذية صراعاتهم الداخلية.
أن ينعكس الرفض الخارجي لما قررته الحكومة تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً كبيراً في لبنان، وهذا سيفتح الباب أمام العودة إلى الحرب أو التعايش مع نتائجها وتداعياتها.
أن يبقى الوضع على حاله، أي تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية والأمنية وعمليات الاغتيال من دون أي رادع.