المصدر: المدن
الكاتب: فرح منصور
الجمعة 24 أيار 2024 16:34:59
تنتهي اليوم الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية. وابتداءً من يوم غد، لن تتوزع العناصر الأمنية بشكل عشوائي في المنطقة وشوارعها، وستنسحب تدريجيّا. ولن تتم مصادرة أو احتجاز الدراجات النارية أو السيارات المخالفة.
هذه الخطوات لم تصدر عن وزارة الداخلية والبلديات، بل هي "مطالب" مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله، وفيق صفا، الواضحة، بعد اجتماعه برفقة مساعده، مسؤول اللجنة الأمنية في الضاحية الجنوبية، علي أيوب، بضباط سرية الضاحية الجنوبية في مكتب قائد السرية، العميد أسامة بدران، المحال إلى المجلس التأديبي سابقاً والمحكوم من المحكمة العسكرية بجرائم سرقة واختلاس أموال، والذي أعاده بواسطة من "أشرف الناس" ليتولى قيادة من سرسة الضاحية.
"هيبة" مفقودة؟
الأمر الواضح اليوم، والذي لا يحتاج إلى شروحات كثيرة، أن "هيبة" الدولة مفقودة في الضاحية الجنوبيّة، وأن الأجهزة الأمنية ممنوعة من تجاوز الخطوط الحمراء في هذه البقعة تحديدًا. ببساطة، لأن حزب الله هو صاحب القرار الأخير. ولعل تسريب الصورة مساء أمس (والتي تضمنت أحد الشخصيات الأمنية المحال سابقَا إلى المجلس التأديبي والمحكوم من المحكمة العسكرية بجرم "اختلاس الأموال"، إلا أنه يتولى حاليًا متابعة بعض الأمور في سرية الضاحية وذلك بمعية حزب الله)، كان بمثابة "رسالة" بسيطة تؤكد أن هذا الحزب قادر على تأجيج الشارع وعلى ضبطه في آن معًا. ويمكن اعتبار هذه الصورة على أنها رسالة إلى أهالي الضاحية الجنوبية بأن الدرك على تنسيق مع حزب الله.. وإلى قوى الأمن الداخلي بأن الكلمة الأخيرة لوفيق صفا.
إزالة الحواجز
ميدانيًا، تقلص عدد العناصر الأمنية في الضاحية الجنوبية بشكل كبير منذ أيام، وخصوصًا بعد الإشكال الذي وقع بين عدد من أصحاب الدراجات النارية وعناصر من مخفر المريجة، الذين خرجوا وباشروا بإطلاق النار لتفرقة المحتجين الذين تجمهروا بالقرب من مداخل المخفر. إضافة إلى أن رئيس بلدية الغبيري، معن الخليل اعترض على هذه الخطة الأمنية، واصفًا إياها بأنها تطبق بناءً لـ"أجندات مجهولة"، وذلك بعدما احتجزت العناصر الأمنية مئات الدراجات النارية بشكل عشوائي، وأيضًا قامت بمصادرة آلية تابعة للقسم البيئي في بلدية الغبيري، واصطدمت بعناصر تابعة لبلدية الغبيري وقامت بضربهم وسحلهم.
انتهاء الخطة الأمنية
وتجنبًا لنشوب أي نزاع آخر بين أهالي المنطقة والعناصر الأمنية، تدخل صفا بشخصه في هذا الملف، والتقى يوم أمس، بمجموعة من ضباط سرية الضاحية. وفي حديث خاص لـ"المدن"، أكدت مصادر متابعة لهذا الملف، أن الاتفاق الذي جرى بين الطرفين "هو أن يوم الجمعة 24 أيار سيكون اليوم الأخير لتطبيق الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية، والتوقف عن مصادرة الدراجات النارية، واتفقا على الاستمرار على التعاون وإلقاء القبض على المطلوبين للعدالة المتواجدين في الضاحية الجنوبية". علماً أنها لا تدخل الضاحية إلا بإذن. بمعنى أوضح، إنهاء الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية يعني انسحاب العناصر الأمنية من المنطقة والتوقف عن مصادرة الدراجات النارية والآليات، أي أن هذه الخطة "جُمّدت" لفترة لاحقة، وربما إلى حين معالجة أزمة النافعة.
بيان خجول!
من جهتها، نفت مديرية قوى الأمن الداخلي هذا الأمر وأصدرت بيانًا جاء فيه: "كان من المقرر أن تنتهي الخطة الأمنية بتاريخ 23 أيار إلا أنها وبعد أن أثبتت فعاليتها ولاسيما انخفاض نسبة الجرائم، سيتم تمديدها لعدة أيام أخرى في بيروت الكبرى بما فيها منطقة الضاحية الجنوبية".
وعلى ما يبدو، وحفاظًا على ما تبقى من "هيبة" الدولة، فإن قوى الأمن الداخلي غيّرت الخطة الأمنية لتتماشى مع مضمون زيارة صفا، وذلك حفاظًا على "ماء وجهها"، وأضافت في بيانها: "إن قوى الأمن ستعمد فيما بعد إلى إجراء حملات مختلفة بصورة متقطعة وفجائية بخلاف هذه الخطة التي أعلن عنها سابقًا، وذلك بغية ملاحقة مرتكبي الجرائم والمطلوبين للقضاء وضبط المخالفات الشائعة".
في السياق نفسه، وفي حديث "المدن" مع مصدر أمني رفيع المستوى، أكد أن خبر انتهاء الخطة الأمنية غير صحيح، ولا صحة لما تم تداوله عن وقف تطبيقها في الضاحية الجنوبية، وأكد أن "الخطة مستمرة ولن تتوقف"، وردًا على سؤال "المدن" حول حقيقة هذا الاجتماع، اكتفى بالقول "بصرف النظر عن حصول هذا الاجتماع أو لا، الخطة الأمنية مستمرة".
من جهة أخرى، من البديهي القول أن الخطة الأمنية هي أمر ضروري في جميع المناطق اللبنانية، وتحديدًا في منطقة الضاحية الجنوبية، وذلك من أجل الحد من الفوضى المسيطرة على المنطقة، ولكن ما لا يمكن تجاهله هو الخطأ الجسيم الذي اقترفة وزير الداخلية والبلديات، القاضي بسام المولوي، حين قرر بدء تنفيذ هذه الخطة والتي تتزامن مع إقفال أبواب النافعة، وعجز جميع المواطنين عن تسجيل آلياتهم، أو فك حجزها أو الاستحصال على رخص القيادة، وكان الأجدى أن تطبق هذه الخطة بعد معالجة أزمة النافعة. وفي تصريح سابق لوزير الداخلية، قال إن عناصر الأمن احتجزت 1654 دراجة نارية، وتم فكّ حجز 500 دراجة نارية بعدما تقدم أصحابها إلى النافعة.
خلاصة الأمر، ومع إصرار قوى الأمن الداخلي على التأكيد نجاح الخطة الأمنية وانخفاض نسبة الجرائم خلال الأيام الماضية، إلا أنها اليوم ستكون أمام خيارين، إما الانسحاب من جميع المناطق اللبنانية وتجميد هذه الخطة الأمنية، إما استكمالها في باقي المناطق اللبنانية غير الخاضعة لسيطرة حزب الله.