تطمينات هوكشتاين لا يُبنى عليها

ثمة قلق كبير على لبنان، وذلك على الرغم من الضخ المنهجي للتفاؤل حول ارتفاع حظوظ إتمام صفقة في غزة بين الإسرائيليين وحركة "حماس" تنعكس آليا على الجبهة اللبنانية وفق الوعد الذي اطلقه الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله. وأيضا على الرغم من ان "التطمينات" التي تبلغها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين ومفادها ان الهدنة في غزة اقتربت، وان "حزب الله" سيلتزم بهدنة فورية ساعة يتوقف القتال في غزة، حتى لو تبين فيما بعد ان الهدنة مؤقتة ولن تفضي الى وقف تام لإطلاق النار من المحتمل جدا ان يمتنع "حزب الله" عن اطلاق النار على الشمال الإسرائيلي.

مصدر تطمينات هوكشتاين منبعه حصيلة محادثات أميركية - إيرانية حصلت في سلطنة عُمان. وثمة مصادر تعتبر ان المحادثات افضت الى تفاهم على حصر التوتر الإقليمي لاسيما على الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية مخافة ان يعمد بنيامين نتنياهو الى استغلال الموقف واشعال حرب واسعة تهدف الى توريط الاميركيين فيها وتحميلهم مسؤولية دعم إسرائيل بمواجهة ايران وفصائلها في المنطقة.

لكن "التطمينات" الاميركية ليست ثابتة، وخصوصا ان الوضع السياسي الداخلي الأميركي ليس ثابتا في ضوء المفاجآت التي حصلت مؤخرا بدءا بالمناظرة بين الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب، وانتهاء بمحاولة اغتيال دونالد ترامب حيث تغير مسار الحملة الانتخابية لكل من المرشحين. بما يشي باحتمال تأثر الحملة الانتخابية بأي حادثة قد تشهدها البلاد في الأشهر القليلة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات في ٥ تشرين الثاني المقبل. فقبل المناظرة الكارثية للرئيس جو بايدن ما كان احد يظن ان صورة بايدن ستتأثر سلبا بإدائه الضعيف الذي فتح الباب على نمو معارضة في الحزب الديموقراطي لترشيحه. وقبل محاولة اغتيال ترامب ما احد يتصور ان تتخذ الحملة الانتخابية هذا المسار الدراماتيكي، الذي فتح امام الأخير طريقا شبه معبدة نحو البيت الأبيض. وبالتالي فإن ما يحدث خلال الأشهر التي تفصلنا عن موعد ٥ تشرين الثاني ستؤثر حكما على مسار الحرب الجارية في كل من غزة ولبنان. اكثر من ذلك قد ينعكس ارتفاع حظوظ المرشح دونالد ترامب، واختياره جاي دي فانس مرشحا لموقع نائب الرئيس على سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واستجابته لضغوط الإدارة الأميركية الحالية. كما سينعكس على سلوك ايران الإقليمي في ظل مسارعة دونالد ترامب الى تهديدها قبل ان ينتخب. في حالة الحكومة الإسرائيلية ليس مستبعدا ان يحاول نتنياهو انتزاع موافقة ضمنية من ترامب بإطالة امد الحرب وربما توسيعها قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. من هنا الخطر على لبنان من تعنت ايران وبالتالي "حزب الله" في مواصلة الحرب والمجازفة بكل المكاسب التي حققتها طهران عن طريق الحزب المذكور في لبنان بعدما تحول الى محمية خاضعة لسيطرة ايران. فاستمرار الحرب يزيد من احتمال اندلاع حرب واسعة ومدمرة. كما انه يرفع منسوب الخطر على بقاء "حزب الله" كأهم استثمار خارجي للنظام الإيراني منذ ١٩٧٩.

انطلاقا مما تقدم لا يجوز البناء على تطمينات آموس هوكشتاين وحدها. فالموفد الرئاسي الأميركي يتحرك في مرحلة باتت فيها الإدارة بطة عرجاء. بوجود رئيس بات في اضعف أيامه. ويمكن ان يفاجئ الجميع بالتنحي قبل المؤتمر العام للحزب الديموقراطي في منتصف الشهر المقبل. و الأهم ان المستوى السياسي الإسرائيلي مختلف حول كل شيء تقريبا، غير انه متفق على ان الوضع على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية يجب ان يتغير بشكل او بآخر.