تظاهرات دروز السويداء حدودها والابعاد... هل تطأ أرض الجبل؟

 بحجم الصرخات المطالبة بإسقاط بشار الأسد التي انطلقت من حناجر متظاهرين في محافظات إدلب وحلب ودير الزور والحسكة والرقة ودرعا والسويداء السورية،  جاء كلام شيخ عقل الطائفة الدرزية في محافظة السويداء حمود الحناوي الذي طالب فيه السوريين بألا يحيدوا عن "خط أسلافهم في الوطنية" مشدداً على أن "الفرد أساس في الدولة، والجميع يعلم اليوم بالأخطار المحدقة؛ من تفشي المخدرات وغياب القانون والأمن والأمان والتسلط والاستبداد. ومن حق المواطن أن يطالب بصوت جريء ووقفة لا رجعة عنها لإيجاد الحل الحاسم، ...فللصبر حدود".

كلام الحناوي تلقفه النظام فجاء الرد غير المباشر على الإحتجاجات في الجنوب السوري حيث وصفت المستشارة الإعلامية وإبنة السويداء  لونا الشبل المحتجين على النظام بـ"المرتزقة"، وقالت" مَن لم تهزمه عشرات الدول ومليارات الدولارات ومئات آلاف الإرهابيين من كل أصقاع الأرض، لن يهزه عشرات المرتزقة هنا أو هناك، معك عالمرة قبل الحلوة ولعيونك". . وأرفقت المنشور بصورة للرئيس بشار الأسد.

بدوره، توعَّد النائب عن درعا في مجلس الشعب، خالد العبود، في منشور مماثل على حسابه أهالي السويداء، بمصير مشابه لما جرى في درعا قبل 10 أعوام. وكتب:" نعتقد أن سيناريو درعا الذي تأخر أكثر من 10 سنوات، يمر اليوم في السويداء، وقطار الخراب والدمار والتهجير والتنكيل، لن يكون بعيداً عن هذه المحافظة الباسلة!".

ردود فعل لا بد منها لرفع العتب وتبييض ماء الوجه أمام أتباع النظام. إلا أن الترجمة لن تكون على مستوى مضمون الوعيد والتهديد لا في الداخل السوري ولا حتى في لبنان وتحديدا في الجبل معقل الطائفة الدرزية."فسوريا الأسد عند اندلاع الثورة في آذار 2011 لم تعد كما كانت عليه بعدما أُعيد طرح مسألة النظام السوري على طاولة التغيير. وبالنسبة إلى المجتمع الدولي فإن أي حل لا يمكن أن يُطرح في ظل وجود بشار الأسد على رأس هذا النظام"."  تقول مصادر معارضة للنظام السوري.

ومن أبرز العناصر التي تعمل عليها المعارضة السورية لإضعاف النظام وإسقاط الأسد  تتمثل في جعله ورقة غير رابحة وضامنة لحماية الأقليات في سوريا بعدما يدعي أنه حامي الأقليات المسيحية والدرزية والعلوية في وجه جماعة المسلمين السنة. وتضيف المصادر لـ "المركزية" :مسألتان رئيسيتان تحددان مسار الأمور في سوريا اليوم: الإنتفاضة الكبيرة للدروز في السويداء وانتفاضة العلويين ضد النظام، إذ للمرة الأولى نسمع صرخات من أبناء الطائفة العلوية تطالب بإسقاط بشار الأسد ومحاسبته وهذا مؤشر بارز على أن فكرة الأقليات الملتفّة حول النظام تتراجع".

بالتوازي مع هاتين الإنتفاضتين هناك أيضا الحراك الدولي المتمثل بالقوات الأميركية في سوريا وهو يؤشر لرسم خارطة تقسيم جديدة. والسؤال الذي تطرحه المصادر المعارضة "هل سيؤدي ذلك إلى تقسيم داخلي أم فيدرالية موسعة ضمن نظام سياسي جديد في سوريا؟

الأكيد أن لا إمكانية لاستمرار بشار الأسد في الحكم نظراً إلى الخطوات المتسارعة التي تترجم ومن أبرز ملامحها توقف عجلة الإنفتاح العربي تجاه النظام السوري وعدم التزام الأسد بالوعود التي قطعها ومن أهمها وقف تهريب الكبتاغون إلى الدول العربية بحجة أن الأخيرة مسؤولة عن إحداث الخراب في سوريا، إضافة إلى وقف التواصل التركي –السوري ولم يبق هناك من سند وحليف إلا إيران بعدما سحبت روسيا قوات فاغنر وتراجعت عن حدود القواعد في السواحل عدا عن انشغالها في حربها مع أوكرانيا.

مشهد البراميل المتفجرة التي ألقاها سلاح الجو السوري بأمر من الرئيس بشار الأسد خلال الحرب السورية،لا تزال ماثلة أمام عيون الرأي العام السوري والدولي وموثقة لدى مجلس الأمن الدولي وحقوق الإنسان فهل يقدم على تكرارها لوقف تمدد التظاهرات الإحتجاجية المطالبة بإسقاطه؟ " لم يعد بشار الأسد جزءا من المعادلة لا في سوريا ولا في المنطقة. فالنظام السوري بات مجرد دمية ورئيسه  يقبع في قصر المهاجرين من دون أن يملك أي قرار، فهو في يد إيران وروسيا. وتنفي المصادر استعادة مشهدية البراميل المتفجرة على رؤوس المواطنين في السويداء وحوران نظرا إلى الإعتبارات الدولية المختلفة جدا بالنسبة إلى الدروز.

يبقى الأبرز وهو انعكاس التطورات في السويداء على الداخل اللبناني وتحديدا على الجبل وامتداداته. وتشير المصادر إلى أن المحاولات التي قام بها كل من رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال إرسلان ورئيس حزب التوحيد وئام وهاب لإخماد الثورة في السويداء باءت بالفشل. أكثر من ذلك فقد واجههم المنتفضون بكلام عنيف مما يعكس حجم الأزمة التي تواجهها إيران وحلفاؤها في جنوب سوريا،والثابت أن أيا من أبناء السويداء وحوران لم ينس بعد الأسلوب المتوحش الذي مورس بحقهم من قبل ايران وحلفائها.

حتى اللحظة كل المؤشرات تدل على أن التظاهرات ستتطور وتمتد في المرحلة المقبلة بعدما لمس أهالي درعا والسويداء أن الظرف الدولي مناسب وبهزيمة محور الهلال الإيراني في سوريا والمنطقة. أما على مستوى انعكاس هذه التطورات على الداخل اللبناني، فتؤكد المصادر "أن زعيم المختارة وليد جنبلاط نجح في إقامة نوع من إدارة العلاقات مع حزب الله لتفادي أي اشتباك مباشر معه، والحزب يهادن جنبلاط في هذه المرحلة ربطاً بالموقف السياسي العام. ولا ضرورة لحصول أي اشتباك أمني، أما السياسي فقائم ومستمر" تختم المصادر.