المصدر: المدن
الأحد 18 نيسان 2021 17:23:24
على الرغم من محاولات وزارة الاقتصاد خفض أسعار اللحوم مع بداية شهر رمضان، وإعادتها إلى مستويات 45 ألف ليرة لبنانية لكل كيلوغرام، خصوصاً بعد اللقاء الذي عقده وزير الاقتصاد، راؤول نعمة، مع تجار المواشي والقصابين بداية الأسبوع، إلا أن الأسعار لا تزال عند مستويات 60 ألف ليرة، وفي بعض الأماكن تخطت حاجز 75 ألف ليرة (للكيلوغرام الواحد من لحم العجل).
المشكلة التي تضرب هذا القطاع ليست جديدة، ولكنها هذه المرة مزدوجة. فمن جهة، الأسعار لا تتناسب ورواتب فئة كبيرة من اللبنانيين. ومن جهة أخرى، فإن التلويح برفع الدعم، وترك السوق لأهواء التجار يهدد القطاع وينذر بتكرار سيناريو الفوضى الذي عاشه القطاع الأسبوع الماضي.
يرى رئيس نقابة تجار ومستوردي اللحوم، غابي دكرمنجيان، أن محاولات وزارة الاقتصاد لدعم اللحوم لم تنجح حتى الآن، بدليل أن اللحوم تباع بأسعار مختلفة، وتتخطى في أحياناً كثيرة السعر المدعوم. وهو فعلاً ما يطرح سؤالاً حقيقياً عن آلية الضبط، وأسباب عدم الالتزام بالسعر المدعوم.
ويقول دكرمنجيان لـ"المدن": إن غياب الآلية الواضحة لتدخل الوزارة في كيفية لجم الأسعار، شجع الكثير من التجار على البيع بأسعار مرتفعة، تارة تحت حجة إمكانية توقف الدعم، وأخرى بسبب نقص الدولار، وعدم القدرة على الاستيراد.
صحيح أن أزمة الدولار أثرت بشكل كبير على استيراد اللحوم، وصحيح أيضاً أن وزارة الاقتصاد تحاول تأمين الدعم، إلا أن مصدراً لـ"المدن"، أرجع أسباب الارتفاع إلى عمليات التهريب. وحسب المصدر، فإن المواشي المدعومة يتم تهريبها إلى خارج لبنان وبيعها بأسعار مرتفعة، فيحقق بذلك بعض التجار أرباحاً مزدوجة. فمن جهة يستفيدون من الدعم، ومن جهة أخرى يحققون الأرباح المضاعفة بعد بيع المواشي بالدولار الأميركي.
مؤشر الأسعار
مع بداية شهر رمضان المبارك، تراوح سعر الكيلوغرام من اللحم العجل، ما بين 60 و70 ألف ليرة، بحسب المناطق. وهو ما يقدر بنحو 10 في المئة تقريباً من الحد الأدنى للأجور، أو بعبارة أخرى، فإن الحد الأدنى للأجور في لبنان البالغ 675 ألف ليرة، بات يساوي نحو 10 كيلوغرامات من اللحم، وهو ما لا يكفي حقيقة، لإطعام عائلة مكونة من خمسة أفراد لمدة 10 أيام.
وحسب مصدر رفيع من وزارة الاقتصاد والتجارة، فإن ارتفاع أسعار اللحوم سببه محاولة بعض التجار الاستفادة من اللحوم المدعومة، لتخبئتها وإعادة بيعها بأسعار خيالية بهدف تحقيق أرباح مضاعفة.
المصدر لم يخف وجود مافيات تتحكم بالسلع الاستهلاكية، خاصة السلع المدعومة. وهي باتت تتحكم بالخبز، حليب الأطفال، المواد الغذائية، وصولاً إلى اللحوم، والبيض والدواجن وغيرها.
وعن آليات الردع التي تملكها الوزارة، اعتبر المصدر، أن الاجتماع الأخير، قد يساعد في ضبط الأسعار. لكن آليات الردع هذه، لا تعد أساساً لحل ارتفاع الأسعار، لأن المشكلة الرئيسية سببها غياب الدولار. ومع غياب العملة الصعبة، ستشهد أسعار السلع كافة ومنها اللحوم، ارتفاعات كبيرة.
مائدة من دون اللحوم؟
إن كانت أسعار اللحوم مرتفعة بهذا الشكل، فمن البديهي أن تلجأ العائلة الصائمة إلى بدائل أخرى، منها الدواجن. لكن وبنظرة سريعة على أسعار الدجاج، يتبين بأن الأخيرة شهدت أيضاً ارتفاعات غير مسبوقة. إذ وصل سعر الكيلوغرام من الدجاج إلى 20 ألف ليرة، والدجاجة الكاملة ناهز سعرها 50 ألف ليرة لبنانية. هذه الأسعار تجعل من الصعب على الصائم في لبنان شراء هذه المنتجات. ما يعني أن اللبنانيين لا يعانون من ارتفاع الأسعار وحسب، بل بدأت تطال معالم الأزمة صحتهم. إذ يكفي الإشارة إلى أن هذه الأسعار ستجعل من المستحيل على العائلة التي يصل راتب الأب فيها إلى مليون وخمسمئة ألف ليرة، كمعدل وسطي، أن يؤمن الأطباق الرئيسية على المائدة الرمضانية. فبحسبة بسيطة، تحتاج العائلة المكونة من 5 أفراد إلى 10 كيلوغرامات من اللحم، وما لايقل عن 7 كيلوغرام من الدجاج للشهر الكريم، بتكلفة تقارب 840 ألف ليرة فقط لشراء اللحوم، ما يوازي 50 في المئة من المعدل العام للأجور في لبنان.