زار رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، والتقى خلال جولته الدبلوماسية وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، المبعوث الأميركي آموس هوكستين، ورئيس حملة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، مسعد بولس، الذي كان وسيطًا محتملًا في المفاوضات لإنهاء الحرب في لبنان.
الجميّل عرض في حديث مع صحيفة لوريان لوجور، رؤيته لفترة ما بعد الحرب والرسائل التي سعى إلى إيصالها خلال زيارته إلى باريس وواشنطن.
1- ما هدف جولتك في فرنسا والولايات المتحدة؟
هدف الجولة إنشاء "لوبي" والضغط لصالح لبنان في هذه الفترة الحساسة، لمنع أي تسوية إقليمية ودولية تنهي الحرب ولا تأخذ في الاعتبار مصالح لبنان وشعبه، ففي حين حزب الله يخدم مصالح إيران وإسرائيل تخدم مصالحها الخاصة، لا أحد يتحدث عن مصالح لبنان الغائبة عن طاولة المفاوضات وهذا أمر مأساوي.
بالنسبة لي، الهدف الرئيسي هو ضمان انتهاء هذه الفترة مع بارقة أمل للبنان لبناء دولة ذات سيادة، دولة قانون، وبلد متصالح مع نفسه.
2- هل تشعر أنه تم التجاوب مع مطالبك؟
نعم. تمكنت من إيصال ثلاث رسائل مهمة. الرسالة الأولى هي الحاجة الملحة إلى وقف إطلاق النار لوقف التدمير والعمليات العسكرية. إذ انني لا أؤيد الرأي القائل بأن الحرب يجب أن تستمر للقضاء على حزب الله فتدمير لبنان، والموت، واللاجئون، ومحو قرى بأكملها تشكل مأساة للبلاد والشعب اللبناني. فكلما طال أمد الحرب أصبح الوضع أكثر صعوبة مع خطر تفاقم التوترات الداخلية. ومع ذلك، يجب ألا يؤدي وقف إطلاق النار إلى تعزيز سيطرة الميليشيا على لبنان.
أما الرسالة الثانية فتتعلق بالدفاع عن السيادة المطلقة للدولة ونزع سلاح جميع الميليشيات المسلحة في لبنان.
والرسالة الثالثة تؤكد ضرورة التوصل الى حل شامل فإعادة بناء لبنان يجب أن تتم ذلك بمشاركة جميع اللبنانيين لذلك يجب أن نتجنب تكرار أخطاء الماضي مثل استبعاد بعض الفئات أو تحميل المجتمع الشيعي ثمن سياسات حزب الله.
حزب الله لا يختصر المجتمع الشيعي؛ إنه ميليشيا تخدم مصالح إيران في لبنان، كما انه لا يمثل كل الشيعة اللبنانيين الذين يرغبون في العيش في دولة لبنانية تحترمهم وتعاملهم كمواطنين.
3- في نقاشاتك مع آموس هوكستين ومسعد بولس، هل شعرت أنه من الممكن تحقيق وقف إطلاق النار قبل تنصيب دونالد ترامب في 20 كانون الثاني أو بعده بقليل؟
لا يزال آموس هوكستين يبذل جهودًا للتوصل إلى حلٍ يضمن وقف إطلاق النار. ومع ذلك، فإن هذا الاقتراح ليس مثاليًا للبنان لأنه لا يحلّ قضايا البلاد الأساسية إنما يتضمن انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، مع احتمال تعزيز وجوده في مناطق أخرى.
قد يصعب التوصل إلى حل قبل 20 كانون الثاني. ومع ذلك، يبدو واضحًا أن الإدارة الجديدة مصممة على إيجاد حلول للمشاكل في لبنان وفي الساحة الإسرائيلية-الفلسطينية، كما أنه ثمة التزام حقيقي بالعمل من أجل تحقيق سلام دائم في المنطقة.
4- لننتقل إلى النقطة الثانية: نزع سلاح حزب الله. هل يجب أن يكون جزءًا من مفاوضات إسرائيلية-إيرانية أو حوار داخلي لبناني؟
رفض حزب الله على مدى ثلاثين عامًا التفاوض حول قضايا السيادة ونزع سلاح الميليشيات، ما يجعل الحل الداخلي لهذه المشكلة غير واقعي. هو ليس مجرد فصيل لبناني بل أداة ضمن المشروع الإيراني، ويستفيد من الدعم العسكري الإيراني. لذلك، من الضروري أن يؤدي المجتمع الدولي دورًا أساسيًا في معالجة هذه القضية.
5- هل يجب أن يكون ذلك شرطًا لوقف إطلاق النار؟
ليس في الوقت الحالي، ولكن بعد كل ما حدث، الكثير من اللبنانيين مصممون على رفض العيش جنبًا إلى جنب مع ميليشيا مسلحة مستقبلاً ومن المستحيل بناء دولة تحكمها سيادة القانون أمر في ظل وجود ميليشيات مسلحة، بغض النظر عن هويتها.
مسألة حزب الله كأداة إيرانية على الحدود مع إسرائيل يجب أن تُعالج من خلال المجتمع الدولي. بعد ذلك، سيكون من مسؤوليتنا كلبنانيين أن نضع خارطة طريق تضمن انتقالًا سلسًا يسمح لنا ببناء دولة قابلة للحياة ونسعى الى تنفيذها. وهذا هو العرض الذي قدمته خلال جولتي.
6- حزب الله يرى في سلاحه سبباً لوجوده. إذا رفض نزع سلاحه، هل يعني ذلك حربًا لا نهاية لها؟
إذا تم احتواء دور حزب الله الإقليمي وتحول الى ميليشيا بأسلحة خفيفة داخل لبنان، فإن التعايش معه يظل مستحيلًا. عندها سيتحتم علينا الجلوس والتحدث، وإعادة النظر في إمكانية الانفصال. لكننا لسنا في تلك المرحلة بعد. على أي حال، لا يمكن العودة إلى الوضع قبل 7 أكتوبر.
7- هذا يقودنا إلى النقطة الثالثة: شمولية المجتمع الشيعي. كيف يمكن تحقيق ذلك؟ من خلال إصلاحات دستورية؟
ستكون الانتخابات البرلمانية المبكرة ضرورية بعد انتهاء الحرب، مما يسمح لجميع اللبنانيين، بما في ذلك المجتمع الشيعي، بإعادة انتخاب ممثليه. أو يمكن أن يكون تنفيذ اتفاق الطائف نقطة انطلاق خاصة في ما يتعلق باللامركزية، وإنشاء مجلس شيوخ، ونزع سلاح الميليشيات. بالإضافة إلى ذلك، يجب تصحيح الثغرات في الاتفاق، مثل غياب إطار زمني لتشكيل الحكومة بعد تعيين رئيس الوزراء.
8- ماذا عن الغاء الطائفية؟
أولاً، على النظام اللبناني ان يكون قابلاً للتطبيق ويجب أن تؤدي هذه التدابير في النهاية إلى المواطنة الحقيقية، وصولاً إلى الغاء الطائفية من الدولة. لكن يجب البدء بتحقيق خطوات الى الأمام. بعد ذلك، لدينا العديد من الاقتراحات لنقدمها، لكن الوقت ليس مناسبًا للحديث عنها الآن.
سنحتاج إلى النظر في الإصلاحات الدستورية لمعالجة مخاوف الشيعة. على سبيل المثال، امساك الثنائي الشيعي بوزارة المالية، ما يمنحه التوقيع الثالث ويؤمن له السيطرة على السلطة التنفيذية، ليس أمرًا قابلًا للاستمرار على المدى الطويل وسنحتاج إلى تقديم بدائل حقيقية لحل هذه المشكلة. ولكن لا يزال من المبكر التحدث عن التفاصيل.
9- هل بدأت مناقشة هذا مع رئيس مجلس النواب نبيه بري؟
لا، ليس بعد. من المهم ألا يشعر أحد في البلاد بالتهميش. يجب أن نعالج مخاوف المسيحيين، والسنة، والشيعة، والدروز، وكذلك جميع اللبنانيين الذين لا يريدون أن يعيشوا من خلال طوائفهم. كل شيء يبدأ بمبدأ المساواة بين المواطنين. لا شيء يمكن تحقيقه في ظل وجود ميليشيا مسلحة تُشوّه النظام بأسره.
10- هل هذه الرؤية لمستقبل ما بعد الحرب مشتركة داخل الطبقة السياسية اليوم؟
للأسف، الطبقة السياسية لا تفكر في هذا. هناك أنانية وطموحات شخصية، وأصبحت الرئاسة هاجسًا للعديد من الناس. لذا، الجميع ينتظر نتائج الحرب لرؤية التوازنات الجديدة التي ستنتج عنها. أعتقد أن هذا ليس هو الطريق لبناء بلد أو حل التوترات بين اللبنانيين. كما أن المصالحة الحقيقية منذ الحرب الأهلية لم تحصل بعد ويجب أن نتحدث فيها اليوم. وهذا يتطلب خطابًا صريحًا من جميع الأطراف ويجب أن تتم عملية الاعتراف المتبادل بالآخر.