جثامين متناثرة وأطفال محاصرون.. شهود يروون تفاصيل فاجعة الكنيسة المصرية

جثامين أطفال مسجاة على الأرض وعشرات من الأهالي يحاولون إنقاذ أطفال آخرين حاصرتهم النيران وهددهم الدخان المنبعث من الحريق.

كان هذا هو المشهد القاسي في حادث حريق كنيسة أبي سيفين، بمحافظة الجيزة المصرية، الذي وقع صباح الأحد، والذي بدأ بصرخات سيدة تستغيث قرابة الساعة التاسعة صباحا، حسب ما قال صلاح بنداري، أحد شهود العيان الذي أمضى نحو ساعتين يشارك في عمليات إنقاذ الضحايا.

وقالت الكنيسة الأرثوذكسية إن الحريق شب أثناء القداس الإلهي صباح اليوم، وأسفر عن إصابة بعض المصلين، ثم أفادت وزارة الصحة المصرية أن عدد الوفيات بلغ 41 حالة و12 مصابا، بينهم 4 حالتهم "غير مستقرة".

وقال البنداري لموقع "الحرة": "أنا أسكن بجوار الكنيسة وبين الساعة الثامنة والتاسعة انقطع التيار الكهربائي عن المنطقة كلها، وعاد بعد نحو ربع ساعة ومع عودة التيار الكهربائي سمعت أصوات صراخ تأتي من اتجاه الكنيسة فاتجهت، ومعي العديد من السكان بملابس النوم إلى هناك وفوجئنا بسيدة في الطابق الثاني تصرخ وأعمدة الدخان تخرج من جميع نوافذ الطوابق الثلاث العلوية، ثم قفز شاب من الأدوار العلوية على مبنى مجاور للكنيسة هربا من الدخان".

وأضاف: "حاولنا الدخول لمبنى الكنيسة من كل مكان يمكن أن نصل به إلى الطوابق العلوية نظرا لكثافة الدخان المنبعث من الحريق، وتمكن بعضنا من الدخول عبر سلم المبنى بعد تغطية وجوههم بقطع قمش من ملابسهم، وبعضنا قفز من المباني المجاورة متشبثا بالنوافذ ليتمكن من الدخول حتى أصبحنا في الطابق الثالث الذي توجد به حضانة الأطفال".
المشهد داخل الحضانة كان مرعبا على حد وصف بنداري، "الأطفال ملقون على المقاعد وعلى الأرض لا يتحركون، وبعضهم فارق الحياة مختنقا بالدخان وبعضهم لا يقوى على التنفس لكنه لم يمت بعد، فبدأنا بالأطفال الصغار وراح كل منا يحمل من يستطيع منهم إلى الأسفل، وكانت هناك مغسلة سجاد بجوار مبنى الكنيسة أخذ الأهالي السجاد منها وفرشوه أرضا لنضع عليه جثامين الأطفال".

وتابع: "لاحظنا ونحن في الأدوار العليا أن الباب المؤدي لسطح المبنى مغلق، وهو ما ساهم في زيادة الدخان بالداخل وعدم تمكن الموجودين بالكنيسة لأداء الصلاة من الخروج نحو السطح واختناقهم"، مشيرا إلى أن النيران بدأت من أحد أجهزة التكييف في الطابق الثاني، وامتدت منه لباقي المبنى وقت الصلاة عند عودة التيار الكهربائي بعد انقطاعه.
وقد أكد بيان صادر عن وزارة الداخلية المصرية، أن فحص أجهزة الأدلة الجنائية كشف أن الحريق نشب بتكييف بالدور الثاني بمبنى الكنيسة، الذى يضم عددا من قاعات الدروس، ووقع الحريق نتيجة خلل كهربائي، وأدى لانبعاث كمية كثيفة من الدخان كانت السبب الرئيسي في حالات الإصابات والوفيات.

وعلى مدار الدقائق التالية كان بنداري ورفاقه من الأهالي نقلوا عددا من الجثامين من الكنيسة حتى حضرت سيارات الإطفاء وبدأت تتعامل مع المبنى، وتخرج من تبقى من المتوفين والمصابين.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان المصرية، حسام عبد الغفار، فقد تعاملت الطواقم الطبية مع الحادث بشكل سريع، وكانت عمليات نقل الضحايا سريعة جدا، حيث وصلت سيارات الإسعاف إلى موقع الحادث، ومنها إلى المستشفيات، في 10 دقائق، حسب تصريحات له نقلتها صحيفة "الشروق".

وتوفي كاهن الكنيسة، عبدالمسيح بخيت، نتيجة اختناقه بالدخان المنبعث من الحريق، بحسب ما أفادت مصادر رسمية.
طارق السيد، مدير مستشفى العجوزة الذي نقل إليه عدد من المصابين وجثامين الوفيات، قال لموقع "الحرة" إن: جميع الحالات التي وردت له، سواء الوفيات أو المصابين، كانت نتيجة اختناق بسبب الأدخنة المتصاعدة من الحريق، وفسر ذلك بأن الجميع في الكنيسة حاولوا الهرب إلى الأدوار العلوية والدخان يتصاعد لأعلى فحوصروا بالأدخنة وتعرضوا لاختناقات كانت السبب الرئيسي في وفاة المجني عليهم، بينما حالة المصابين مطمئنة وبعضهم تم وضعه على جهاز التنفس الصناعي فترة قصيرة ثم تحسنت حالته بشكل طبيعي".

ناجي الحناوي أحد سكان المنطقة قال لـ"الحرة" من داخل مستشفى إمبابة العام، الذي نقل له كثير من الضحايا، إنه فوجئ باتصال من زوجته تخبره بالحادث وأن السيدة التي تعمل لديهم في المنزل تعرض أقاربها للإصابة في الحريق، وحينما توجه إلى هناك وجد المئات من الأهالي يبحثون عن أقاربهم بين المصابين أو المتوفين، بينما بحث عن السيدة التي يريدها فوجد أربعة من اقاربها، بينهم والدها والدتها، بين المتوفين".
وأعلنت النيابة المصرية، في وقت لاحق الأحد، عن تحقيقات بدأتها بفريق كبير من المحققين للتحقيق في الحادث، انتقلوا لموقع الكنيسة.