ليس تفصيلاً ما يجري على طريق المطار، من تغيير جذري لمفهومية الإستقبال المناسب للقادمين من الخارج من لبنانيين وغير لبنانيين، بمظاهر سياحية وحضارية، توحي بأجواء من الإستقرار والمتعة الشخصية، في بلد إشتهر بحسن الضيافة، والتنوع المناخي، ومستوى مميّز من الخدمات في الفنادق والمطاعم، وأماكن السهر وااللهو.
لعلها المرة الأولى من سنوات عديدة، تغيب صور شخصيات سياسية ودينية من قيادات حزب االله والدولة الإيرانية، وتحل مكان الشعارات والرموز والألوان الحزبية، شعارات وطنية يزينها العلم اللبناني، وتوحي بمناخات التفاؤل مع إنطلاقة العهد الجديد.
«عهد جديد للبنان» عبارة توحي بما هو أبعد من بداية عهد الإصلاح والإنقاذ، إلى التأكيد بأن لبنان على أبواب مرحلة جديدة واعدة، وهو في طريقه لطوي صفحة الماضي القريب والبعيد، بكل ما لها وما عليها، والإستفادة من دروس وعبر التجارب المريرة التي دفع أثمانها اللبنانيون غالياً، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية التدميرية الأخيرة، والمستمرة فصولاً عبر الغارات والخروقات المختلفة حتى اليوم، دون رادع من قرار دولي، ولا حسيب من لجنة المراقبة الخماسية، التي تنصلت من مسؤولياتها، وأعلنت توقف أعمالها، خلافاً لما نص عليه إتفاق وقف العمليات العسكرية في ٢٧ تشرين الأول الماضي.
تجاوب بلديات الضاحية، والمراجع السياسية والحزبية مع مساعي الحكومة في ضبط الأمور في مطار بيروت، وإزالة الشعارات الحزبية من الطرقات المؤدية إلى هذا المرفق الحيوي، يفتح الأبواب أمام خطوات لاحقة، تعزز المساعي التي يبذلها الرئيسان جوزاف عون ونواف سلام، لإستعادة ثقة الخارج بالدولة اللبنانية، ومقدرتها على بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، وإنهاء الأوضاع المشكو منها في الداخل والخارج على السواء.
إن نجاح مثل هذه الخطوات في المرحلة الراهنة، وصولاً إلى معالجة قضية سلاح حزب االله، يعني عودة اللبنانيين، كل اللبنانيين إلى الدولة، والتسليم بأن الدولة، والدولة الدستورية وحدها، هي القادرة على توفير الأمن والأمان لكل اللبنانيين، دون أي تمييز طائفي أو مذهبي، أو حتى مناطقي.
كما أثبتت التجارب المريرة أن أي طائفة، أو أي حزب، لا يستطيع التفرد بالقرارات الوطنية الكبرى، ولا يستطيع أن يفرض قراراته وخياراته على الشركاء في الوطن، مهما بلغ فائض القوة لديه، وكائناً من كان حليفه وداعمه الخارجي.
لبنان أمام عهد جديد ومرحلة واعدة بدعم خارجي، عربي وغربي، غير مسبوق، فهل نلتقط هذه الفرصة الذهبية الأخيرة؟