"حزب الله" وحكاية الجندي الفيتنامي

حين انتهت حرب فيتنام، بقي أحد الجنود الفيتناميين مختبئاً في الأدغال لأكثر من شهر، صدفة التقى به أحد المزارعين وسأله لماذا هو مختبئ؟ "فقد انتهت الحرب"، ذُهِل الجندي وخرج من مخبئه وقال للمزارع: "لم أكن أعلم أن الحرب انتهت"!

ربما يجدر ببعض سياسيي الممانعة أن يُخبرهم أحد أن الحرب انتهت، وأنهم خسروا الحرب، وأن أداءهم وكأنهم في السابع من تشرين الأول 2023، حين بدأت حرب طوفان الأقصى، وحين تورطوا وورطوا البلد معهم، في اليوم التالي مباشرةً، أي في الثامن من تشرين الاول 2023، في "حرب الإسناد والمشاغلة"، لم يعد من الممكن تكراره.

اليوم، ما يجب أن تُدركه الممانعة أن المتغيرات الجذرية جعلت الكثير من المعطيات والوقائع والحقائق، قد ولّت إلى غير رجعة، ومن أبرز هذه الحقائق والوقائع:

غياب الأمين العام السابق لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، وهو كان في حد ذاته محور الممانعة، كما وصفه أحد الأركان العارفين في هذا المحور.

غياب كل قادة الصف الأول من عقائديين وخبراء عسكريين وأمنيين .

الضربة الموجِعة التي تلقتها قوة الرضوان، وهي القوة التي كان مخطط لها أن تقتحم الحدود إلى شمال إسرائيل، وآخر مناورة أجرتها، كان عنوانها:

"سنعبر".

تدمير خطَي الدفاع اللذين أقامهما "حزب الله" في قرى وبلدات الجنوب، واللذين كانا يتضمنان أنفاقاً وشبكة اتصال وغرفة عمليات مركزية.

تدمير مستودعات الذخيرة ومراكز تجميع الأسلحة.

والأهم من كل ذلك، والذي ولّى إلى غير رجعة، سقوط نظام الأسد في سوريا، وهي ضربة قاصمة لـ "حزب الله" الذي خسر بهذا السقوط مناطق في سوريا كانت تحت سيطرته الكاملة، ومستودعات ذخيرة ومصانع أسلحة ومعامل إنتاج "الكبتاغون"، والأهم من كل ذلك قطع شريان الإمدادات بين إيران ولبنان عبر العراق وسوريا.

كل ما سبق من معطيات ووقائع لن يعود ولن يتكرر. وهذه هي الخسارة الحقيقية. "الحزب" كان قائماً على ما سبق ذِكره، فكيف يستمر من دون هذه الوقائع والحقائق؟

ربما لم يعد أمام "حزب الله" سوى قول ما يقوله من أنه "استطاع في وقتٍ قياسي أن يرمِّم نفسه"، ولكن هل بالإمكان أن يقول كيف؟

إنها ثلاثية "الإنكار والمكابرة والتضليل"، وقد فات "حزب الله" أن عصر الثلاثيات قد انتهى، وما عليه سوى تذكُّر قصة الجندي الفيتنامي الذي جاء مَن يُخبره أن الحرب انتهت وأن عليه الخروج من الأدغال.