يستقبل أساتذة التعليم الرسمي العام المقبل بعدم الرضى على قرارات منحهم بدلات إنتاجية، ويلوحون بالتصعيد وصولاً إلى تنفيذ إضرابات شبيهة بمطلع العام الحالي، الذي ينتهي بعد بضعة أيام.
صحيح أن الفصل الدراسي الأول، الذي ينتهي غداً الخميس، لم يشهد اضطرابات، بعد قرار منح الأساتذة بدلات إنتاجية (300 دولار مرتبطة بالحضور الكامل للتعليم)، إلا أن نفاد أموال سلفة الخزينة (خمسة آلاف مليار ليرة) بعد دفع بدلات الإنتاجية للشهر المنصرم، وعدم ضمان حصول وزارة التربية على سلفة مشابهة لدفع بدلات إنتاجية لثلاثة أشهر إضافية، لا يبشر بأن العام 2024 سيكون مستقراً. هذا إذا لم يلق الفصل الدراسي الثاني المصير عينه للفصل الدراسي الثاني في مطلع العام 2023. وينضم حينها جميع طلاب المدارس الرسمية إلى زملائهم النازحين من المناطق الحدودية، الذين حرمتهم الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب من التعليم منذ مطلع العام الدراسي.
سلسة رواتب جديدة
عدم الرضى بين الأساتذة لا يقتصر على جيوش المتعاقدين الذين لم يتلقوا لا أجورهم ولا بدلات النقل عن الأشهر الثلاثة المصرمة، بل يشمل أساتذة الملاك الرافضين لمبدأ بدلات الإنتاجية. ويقول رئيس رابطة الأساتذة بالتعليم الأساسي حسين جواد لـ"المدن" إن الأساتذة قبلوا بهذه الحوافز كي لا يتهموا بتعطل التعليم وإقفال أبواب المدارس أمام الطلاب. ويكشف أنه بعد عطلة الأعياد الحالية سينتقل الأساتذة للمطالبة بإلغاء بدلات الإنتاجية لصالح إدخال كل المساعدات التي تدفعها الدولة في صلب الراتب. بمعنى آخر، سيبدأ الأساتذة العام 2024 بالمطالبة بتحديد سلسة رتب رواتب جديدة. إذ لا يجوز أن يقبض الأستاذ مساعدة أولى براتبين وثانية بأربع رواتب، وأخرى أيضاً بثلاثمئة دولار، فيما راتبه الأساسي لا يصل إلى عشرين دولاراً.
الحلبي يدير أذنه طرشاء
على ضفة الأساتذة المتعاقدين يلفت منسق حراك الأساتذة حمزة منصور، إلى أن المسؤولين في الوزارة، وعلى رأسهم الوزير عباس الحلبي، آذانهم الطرشاء إزاء مطالب الأساتذة ما يهدد مصير الفصل الدراسي المقبل. فصحيح أن الوزارة تستسهل قضم حقوق الأساتذة المتعاقدين بالتخويف والترهيب، لأنهم منقسمون سياسياً وطائفياً وينصتون لأوامر أحزابهم، لكن عدم تلقيهم أي قرش من مستحقاتهم وبدلات النقل منذ ثلاثة أشهر، سيدفعهم إلى الامتناع عن التعليم قسراً.
ويلفت منصور إلى أن الوزارة تتعمد تأخير دفع المستحقات وتتذرع بأن هناك إشكاليات في إدارات المدارس في إعداد جداول الدوام. وبما أن مسؤولي مديريتي التعلم الثانوي والابتدائي لا يشرحون سبب تأخير القبض، وبعد تواصل مع دائرة المحاسبة من دون نتيجة، توجه إلى وزير التربية عباس الحلبي شخصياً. لكن الحلبي عاد وأحاله إلى الإدارة. وعندما شكا من أن الإدارة لا تتجاوب، كان جواب الحلبي أنه "ليس مكتب خدمات". ثم قام الوزير بحظره على منصة واتساب لعدم تلقي أي رسالة منه.
الوزارة تتآمر على المتعاقدين
وشرح منصور زيف ادعاء الإدارة بأن ثمة مشاكل في إدارات المدارس لا بمديريات الوزارة. وأكد أن الأساتذة يوقعون بشكل يومي، وآخر كل الشهر تكون جداول الحضور جاهزة إلكترونياً وترسل إلى المديريات. كما أن الأساتذة يعودون ويتحققون من الجداول قبل أن يرسلها المدير إلى الوزارة، ولم يتبين أي تأخير من المدراء.
وأضاف متسائلاً: على فرض أن مدير مدرسة تأخر في إرسال الجداول شهر كانون الأول، ماذا عن الأشهر الثلاثة المنصرمة؟ ولماذا لا يحاسب المدير وتدفع الوزارة للأساتذة الذين أرسلت جداولهم؟ فهل يتم تأخير الدفع لآلاف الأساتذة لأن مدير من هنا أو هناك تأخر بإرسال جداول مدرسة في الشهر الحالي؟ هذه حجج غير منطقية. فأسباب تأخير الدفع للمتعاقدين باتت معروفة للجميع، وبات جلياً بأن الوزارة توفر المال من جانب كي تنفقه في مكان آخر، وعدم افتضاح العجز. والسبب أن كلفة المتعاقدين مرتفعة، نظراً لأعدادهم الضخمة، فيتم تأخير مستحقاتهم وكسب الوقت. وهذه مؤامرة على الأساتذة المتعاقدين الذين يشكلون أكثر من ثمانين بالمئة من الهيئة التعليمية. وكأن هؤلاء الأساتذة ليسوا بحاجة لمستحقاتهم كي يعيدوا مع أولادهم.
سيتأخر قبض الأساتذة المتعاقدين إلى ما بعد عطلة الأعياد ونهاية شهر كانون الثاني المقبل. وتأخير الدفع أتى بالتزامن مع رفع سعر صرف الدولار على منصة صيرفة. ما يعني أن الأساتذة سيخسرون الاف الدولارات كفرق عملة، توفرها الوزارة لتدفعها على أنشطة ومؤتمرات أو للمستشارين، الذين سيمضون الأعياد هانئين، فيما جيوب المتعاقدين فارغة، كما قال.