"حكومة إنجازات" لا تحصى... كيف ان عدّلت التعاميم المصرفية؟!

 قد يكون من السابق لأوانه تقييم التشكيلة الحكومية الجديدة وما يمكن ان تحققه من انجازات من تلك التي اشير اليها بالعناوين العريضة. فحاجات اللبنانيين والبلاد إلى  كل شيء ولا سيما المتصل منها بحاجات ومقومات الحياة اليومية يجعل من كل خطوة مهما كانت متواضعة انجازا، فإضاءة إشارة سير أو ترميم اي منشأة او  فتح اي من الدوائر الرسمية يوما إضافيا سيتحول انجازا فكيف ان اضافت ساعات التغذية بالطاقة الكهربائية متى تحققت القدرة على مواجهة العراقيل التي تحول دون هذه الخطوة ومثيلاتها في أكثر من مجال. .

على هذه الخلفيات، وقبل ساعات قليلة على أول جلسة اتخذت قبلها الصورة التذكارية وتشكيل اللجنة المكلفة بوضع البيان الوزاري قالت مصادر وزارية مطلعة لـ "المركزية" ان كل الاجواء التي رافقت الاعلان عنها توحي بالكثير من الآمال تجاه ما يمكن ان تنجزه الحكومة وما يمكن ان تنجح بتحقيقه. ولفتت الى جملة نقاط قوة يمكن ان تعزز هذه القناعة بحيث ان بلوغها لن يكون صعبا مهما قيل في عمرها القصير المرهون مسبقا بموعد الانتخابات النيابية في ايار العام 2026 .

وقالت هذه المصادر ان من بين ما يوحي بهذه المشاعر غير المستحيلة رهن ما هو متوفر من دعم خارجي للبنان في هذه المرحلة بالذات ان التزم أركان الحكم بما انتهى اليه تفاهم 27 تشرين الثاني الماضي بكل المراحل المقررة وتجاوز التفسيرات الموجهة الى الداخل اللبناني والتي لا يمكن ان تؤدي الى اقناع اي دولة رعت التفاهم ولا سيما منها الراعي الأميركي ومن بعده الفرنسي وصولا الى مجموعة الدول التي رحبت بالالتفاق ووعدت بوضع امكاناتها بتصرف القوى الراعية والمسؤولين اللبنانيين ان صدقوا بتنفيذ ما تعهدوا به. فالتفاهم واضح وان معظم بنوده الثلاث عشرة لا تحتمل اي تفسير كالذي يصر عليه حزب الله الذي يرعب بحصر الاجراءآت التي تمس مصير سلاح بجنوب الليطاني على ان تبقى الأمور خارج المنطقة على ما هي عليه قبل السابع من تشرين الاول 2023 تاريخ اعلان "طوفان الاقصى" وملاقاتها من قبل الحزب بحرب "الالهاء والاسناد" في اليوم التالي وما انتهت اليه الحرب في 27 تشرين الثاني الماضي.

وعليه، اضافت المصادر ان امام الحكومة مهمات داخلية وخارجية يمكن وضعها بين مسارين:

- الأول منها يتصل بتنفيذ مقتضيات التفاهم لانهاء الوضع الشاذ في الجنوب وانهاء الاحتلال الاسرائيلي للقرى الجنوبية المتفرقة التي احتفط بها جيش العدو تزامنا مع استمرار اعمال التفجير  التي تقوم بها الوحدات الهندسية بحجة اكتشاف اسلحة في المنازل والانفاق التي تركها مسلحو الحزب في معظم القرى وبداخلها مخازن اسلحة تمكنت قوات الاحتلال من وضع اليد على ما يزيد عن 90 الف قطعة سلاح مختلفة من بينها آلاف الصواريخ المضادة للدروع ومدافع واسلحة فردية مختلفة. وهي عملية لا تقل شأنا عن تسليم محتويات المخازن المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية من اقصى الشمال والبقاع الى مختلف اقضية جبل لبنان وصولا الى البقاعين الاوسط والغربي وبيروت والضاحية الجنوبية.

- والثاني يمكن الاشارة اليه على المستوى الاقليمي والدولي اذ انه سيكون على هذه الحكومة السعي الى اعادة ترتيب علاقات لبنان الاقليمية والدولية ولا سيما مع الدول الخليجية والعالم الغربي من خلال البت ببعض الاصلاحات الادارية والمصرفية والمالية والنقدية والقضائية المطلوبة من قبل المجتمع الدولي ليس من اجل تحسين حياة مواطنيهم بقدر ما هي من اجل اللبنانيين. وهي التي تستجلب الاستثمارات الخارجية وتعززها في اسرع وقت ممكن من اجل اطلاق برامج اعادة الاعمار لما تهدم على مستوى لبنان كله فاضرار الحرب التي جاءت بها  "الالهاء والاسناد" ليست محصورة بالجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع بعدما طالت مناطق مختلفة.هذا عدا عن كل ما هو مطلوب لتعزيز قدرات القوى العسكرية والأمنية المختلفة لتقوم بمهامها الضامنة للحدود وفي الداخل.

وما يؤكد اهمية هذه الملاحظات انها جاءت في الشق الداخلي منها متزامنة مع وضع اليد من قبل الجيش اللبناني على "شاحنة اسلحة الوردانية" قبل ايام وبعض مخازن الضاحية الجنوبية وقرى بقاعية مختلفة لتقطع الشك باليقين بوجود هذه المخازن في مناطق مختلفة من لبنان وخصوصا انها جنبت هذه المناطق غارات اسرائيلية كان يمكن ان تستهدفها بعد اكتشافها كما حصل في اودية مختلفة من قرى النبطية قبل فترة واستمرار اعمال القصف لمصانع ومخازن الاسلحة في جنتا وفي مناطق قريبة من الحدود اللبنانية – السورية عدا عن الحديث عن استهداف انفاق بين اراضي البلدين شبيهة بتلك التي اكتشفت في الجنوب.

اما على المستوى الاقليمي فمن المهم الاسراع باستغلال الاهتمام الدولي بتطورات المنطقة التي انقلبت رأسا على عقب وانهت وجود محور الممانعة بكامله بعد اغتيال موجهه  الاساسي الأمين العام لـ "حزب الله" وتدمير نسبة كبيرة من قدرات الحزب البشرية والعسكرية وشبكة اتصالاته ومقومات وجوده كقوة عسكرية انتشرت في لبنان وسوريا وقامت بأعمال التدريب والدعم في اليمن والعراق والبحرين والكويت حيث اكتشفت شبكاتها الخطيرة ولم يعد الحزب قادرا سوى على قطع طرقات المطار او تسيير الدراجات النارية في المناطق اللبنانية وخصوصا تلك التي لم تكن من بيئتها الحاضنة وقد  انهت حجم تضامنها وتعاطفها مع النازحين الذين انتشروا في كل لبنان ولقيوا عونا غير مسبوق.

الى كل هذه المعطيات ينبغي اعطاء الاهمية القصوى لما يمكن ان تنجزه هذه الحكومة. فاعادة التيار الكهربائي لساعات قليلة اضافية وانارة اشارات السير وتوفير الظروف لتفتح الدوائر الرسمية ابوابها امام المواطنين ساعات اضافية واحياء الدوائر العقارية وتأمين الخدمات في ادارة السير تعد من الإنجازات الكبرى. وان نجحت في تحسين اوضاع "الدكاكين المصرفية"  وتعديل التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان لتعزيز دخل عائلات اصحاب الحسابات المصرفية المصادرة سترفع اسهم نجاحاتها في اقرب وقت ممكن الى الحدود القصوى.