حكيم خلال مؤتمر "لبنان عند مفترق طرق" في باريس: الأمل هو غذاء الأمم ونحن نمتلك هذا الأمل

شارك عضو المكتب السياسي الكتائبي الوزير السابق البروفيسور اَلان حكيم في مؤتمر في قصر لوكسمبورغ في باريس تخت عنوان |لبنان عند مفترق طرق" من تنظيم جمعية “Association Lubnan”، وكان له كلمة جاء فيها:

في ظل الظروف الراهنة، لبنان يقف أمام مفترق طرق حاسم. لا يمكن مناقشة الاقتصاد والسياسة بشكل منفصل عن بعضهما البعض، إذ يرتبط الاثنان ارتباطاً وثيقاً منذ القدم. فمنذ أن طرح لويس توركيه دي مايرن في عام 1611 في كتابه "الملكية الأرستوديمقراطية" مفهوم الاقتصاد السياسي، مروراً بأنطوان دو مونكريستيان في عام 1615 في رسالته حول "الاقتصاد السياسي"، وصولاً إلى آدم سميث الذي يُعد الأب المؤسس لهذا المفهوم، كانت السياسة الاقتصادية دائماً تسعى إلى تحسين أداء الدولة. ورغم اختلاف هذين المفهومين، إلا أنه من الضروري أن يكمل أحدهما الآخر لتحقيق التوازن المطلوب.

أما في لبنان، فالوضع مختلف. هنا، الاقتصاد في خدمة السياسة الحزبية، المافيوية، والشخصية.

اليوم، تواجه الدولة اللبنانية خطرين أساسيين: الأول هو وجود حزب الله كميليشيا مسلحة تعمل لصالح دولة أجنبية، والثاني هو القيادة السياسية المليئة بالفساد، والسرقة، والاحتيال، واستغلال كافة الوسائل لتحقيق ثروات غير مشروعة.

في حال تم حل مشكلة حزب الله بأي طريقة كانت، فإن مستقبل لبنان الاقتصادي سيعتمد بشكل كبير على القيادة السياسية الحالية.

هذا يضعنا أمام ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل لبنان، بناءً على المعايير السياسية والاقتصادية. السيناريو الأول متشائم، الثاني انتقالي، والثالث متفائل.


 السيناريوهات الثلاثة تتراوح بين المحتمل وغير المحتمل وفقاً للواقع السياسي الحالي:
1.    السيناريو المتشائم: 
بعد التدهور وعدم الاستقرار السياسي الحالي، ستزداد التوترات الطائفية، مما سيغذي دائرة من العنف المستمر. سيظل لبنان ساحة لصراعات القوى الخارجية، مما يجعل الحلول السياسية شبه مستحيلة، ويزيد من شعور المواطنين والمعارضة بالعجز.  
اقتصادياً، ستتفاقم البطالة والفقر مع إغلاق الشركات وهروب رؤوس الأموال، بينما تستمر معدلات التضخم في الارتفاع. سيصبح لبنان أكثر اعتمادًا على المساعدات الإنسانية الدولية.  
النتيجة ستكون أن يغرق لبنان أكثر في أزماته، مع زيادة في عدم الاستقرار السياسي وتدهور الأوضاع الاقتصادية. الصراعات الداخلية ستتصاعد والتوترات ستشتد.

2.    السيناريو الانتقالي:  
في هذا السيناريو، تعمل المعارضة ضمن النظام السياسي الحالي دون إحداث تغيير جذري، لكنها تستفيد من مجرد وجودها. يبقى النظام السياسي هشًا، لكن منصات الحوار ستبدأ بالظهور بين الفصائل المختلفة.  
جيل الشباب، بفضل مشاركته الفعالة، سيبدأ في الدفع نحو إعادة تشكيل المعايير السياسية والاجتماعية، مما يهيئ الأرضية للتغيير المستدام.  
اقتصادياً، ستنشأ اقتصاديات غير رسمية لتلبية الاحتياجات الفورية، مما يعزز ريادة الأعمال المحلية. ستظهر مبادرات مجتمعية تهتم بالممارسات المستدامة والاقتصاد المحلي. رغم أن هذه المرحلة ستكون مضطربة، إلا أنها ستضع الأسس لتغييرات هيكلية مستقبلية. التوترات ستستقر مؤقتاً، وستبدأ الحركات الشعبية بإعادة تعريف السياسة والاقتصاد.

3.    السيناريو المتفائل:  
يقوم هذا السيناريو على نهضة الدولة من خلال إصلاحات هيكلية حقيقية. معارضة قوية وموحدة مدعومة بتصويت جماهيري في الانتخابات البرلمانية المقبلة ستقود إلى حكم أكثر شمولية وتمثيلية، مما سيعزز ثقة المواطنين.  
ستظهر مؤسسات أقوى تقلل من الفساد وتشجع الحوار بين الطوائف، وسيقوم المجتمع المدني بدور أكبر في توجيه البلاد نحو الشفافية والالتزام.  
اقتصادياً، سيتحسن مناخ الأعمال في لبنان، مما سيساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية. ستنمو قطاعات مثل السياحة، التكنولوجيا الرقمية، والزراعة المستدامة، مما يجعل لبنان مركزًا إقليميًا للابتكار.  
هذا سيمكن لبنان من تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية بدعم المجتمع الدولي.

في الختام:
كل سيناريو من السيناريوهات المذكورة يحمل فرصًا وتحديات وتهديدات. الطريق الذي سيسلكه لبنان يعتمد على قدرة المعارضة الحالية والمجتمع المدني والمغتربين على التحرك لدفع الإصلاحات الضرورية، تعزيز مفهوم المواطنة وكسب دعم الشعب والمجتمع الدولي، للتوجه نحو مستقبل أفضل.

علينا أن نختار السيناريو الأمثل، فلبنان والمواطنون يستحقون ذلك. الأمل هو غذاء الأمم، ونحن نمتلك هذا الأمل.