حلم المعارضين في الجنوب تحقق: كرة الثلج تكبر قريبًا!

احتلّت الانتخابات النيابية حيّزاً كبيراً لأشهر في بلدتي الجنوبية بإقليم التفاح. فكانت حديث الشباب في سهراتهم، والعنوان الأول لعمل الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل. وفي البلدة يسيطر حزب الله على 60 في المئة تقريباً من القوة الناخبة. ووجود حركة أمل جيد، وهناك حضور لمعارضين.

"معاً نحو التغيير"
في هذا الاستحقاق الذي جاء بعد انهيار الاقتصاد، وتحركات 17 تشرين، وما تلاها من تغيّرات، لم يتبدّل المزاج العام في البلدة بنسبة كبيرة. لكنه نقل بعض من كان يدور في فلك الثنائي إلى ضفة المعارضين. إضافة إلى المعارضين الأوائل من مؤيدي الحزب الشيوعي واليسار بشكل أساسي. وهم كانوا في كل استحقاق انتخابي، نيابي وبلدي، يعارضون الثنائي في خياراته. ويملكون علاقات وصداقات جيدة بين أبناء البلدة الموالين لحزب الله وحركة أمل. وهذا ينطبق على أغلب القرى في الجنوب، حيث باتت المعارضة، ولو غير الموحدة على رؤية وأفكار، تملك وجوداً مختلفاً عن السابق. فهي لم تعد محصورة باليساريين إذا صحّ التعبير.
يوم الانتخابات كانت سترات لائحة "معاً نحو التغيير" داخل أقلام الإقتراع. قام هؤلاء بدورهم وحازت لائحتهم على 149 صوتاً من أصل حوالى 1900 مقترع في البلدة. تكررت هذه النسب في كل بلدة من قضاء النبطية، وساهمت بحصول لائحة "معًا نحو التغيير" على 30384 صوتاً في الدائرة، وتمكنت من تحقيق الخرق للمرة الأولى في الجنوب، بمقعدين: مسيحي ودرزي.

المقترعون للمعارضة
في انتخابات 2018 كانت نسبة الاقتراع في دائرة الجنوب الثالثة 48.9 في المئة. وتدنت في هذه الانتخابات إلى 45.7 بالمئة. وهذا التراجع مردّه إلى المزاج الشيعي والسني في الدائرة، الثاني خصوصًا. وكانت النسبة أدنى لولا مشاركة المغتربين بكثافة في هذه الدائرة، حيث وصلت أصواتهم إلى حدود 12 ألف صوت. وهذا رقم كبير.

لائحة "معاً نحو للتغيير"، التي تمكن داعموها من التوحد الذي حقق لها الخرق، لم تتأثر بالمشكلات التي ضربت الحزب الشيوعي قبل الانتخابات. والسبب هو اعتبار اللائحة "ملجأ" المعترضين في الدائرة. لذلك حصدت 7083 صوتاً تفضيلياً في النبطية، 4731 صوتاً تفضيلياً في بنت جبيل، والرقم المفاجأة جاء من مرجعيون- حاصبيا: أكثر 16252 صوتاً تفضيلياً.

المغتربون واعتراض على الثنائي
عندما كنّا نسأل داعمي هذه اللائحة عن توقعاتهم النتائج، لم يكن أكثر المتفائلين منهم يتوقع حصول الخرق بمقعدين. لكن خيارات لائحة "الأمل والوفاء"، واعتراضات شطر من جمهورها على أداء الثنائي، وتضافر جهود المعارضين القدامى والجدد في الدائرة، والأهم إيمانهم بإمكان التأثير، أفضت إلى تسجيل هذه الأرقام. وهذا إضافة إلى الدعم الكبير الذي حصلت عليه اللائحة من أصوات المغتربين.

في قضاء مرجعيون حاصبيا صُنع الفارق، حيث يتداخل الصوت الشيعي مع الصوت السني والصوت المسيحي والصوت الدرزي. لذا، حصلت لائحة المعارضة على أصوات المسيحيين والدروز. وكان الخرق من نصيب الياس جرادة وفراس حمدان. وهنا يمكن القول بوضوح إن خيار ترشيح أسعد حردان الذي لم يلق قبول حزبه أصلاً، كان مستفزاً للمنطقة. وخيار ترشيح مروان خير الدين، مرشح الحزب الديمقراطي، كان أكثر استفزازًا. وتشير المعلومات إلى أن الاشتراكيين الذين كانوا يتباهون قبل الانتخابات بقوتهم التجييرية في القضاء، وهي تصل إلى 6 آلاف صوت، صوتوا لفراس، ومنهم من لم يصوّت أصلاً.

الخرق تحقق.. فهل يكون كرة ثلج؟
في انتخابات 2018، عند اعتماد القانون النسبي للمرة الأولى، حلم معارضو الثنائي في الجنوب في تحقيق خرق وفشلوا. لكن حلمهم استمر وتعلموا الدرس في الجنوب الثالثة، فشكلوا لائحة موحّدة تمكّنت من تحقيق الحلم هذه المرة. فما المانع من أن يحلموا بالمزيد في الانتخابات المقبلة؟

من حيث الوقائع قد يكون اختراق الساحة الشيعية صعباً للغاية في القريب العاجل. لكن المقعد السني سيكون في خطر أكيد في الانتخابات المقبلة، إلى جانب المسيحي والدرزي، خصوصًا إذا ما استمر النائب قاسم هاشم في موقعه، وهو النائب المخضرم الذي لم يتمكن من الحصول سوى على 1215 صوتاً تفضيلياً في دليل واضح على رفض بيئته له. ومن لم ينتخب اليوم لعدم إيمانه بالقدرة على الفوز، سينتخب المرة المقبلة.

إنجاز الجنوب الثالثة، ربما ينسحب على الجنوب الثانية. فحسب الأصوات التي حصلت عليها اللوائح المعارضة، كان يمكن لها لو توحّدت أن تنال حاصلاً، ولتحقق الخرق بالمقعد المسيحي الذي يشغله اليوم ميشال موسى. فمعارضون مسيحيون له حصلوا على أكثر من ضعف عدد أصواته التفضيلية في القضاء.

هذا الواقع يفرض على الثنائي الشيعي تغيير أدائه وخياراته، وتحديداً حركة أمل التي عليها أن تنظر جيداً إلى الفارق الذي صنعه اختيار أشرف بيضون كوجه جديد للحركة. فهو تمكن من الحصول على أرقام نافس بها شخصيات حركية مخضرمة. الناس شاهدوا التغيير يتحقق. وهذا يفتح شهية أكبر للمستقبل.