خريف تربوي ساخن: الأساتذة يرفضون وعود روابطهم والـ300 دولار

بدأ تسجيل الطلاب في المدارس والثانويات الرسمية يوم أمس الإثنين. ويفترض أن يبدأ العام الدراسي في التاسع من تشرين الأول المقبل. فقد وعد وزير التربية عباس الحلبي روابط المعلمين بنشر جداول الدفوعات الشهرية التي سيتقاضاها الأساتذة قبل التاسع من تشرين الأول المقبل. وتضمن قرار تعديل بدء العام الدراسي بنداً، أكدت فيه الوزارة أنه سيصدر عنها قرار آخر يتعلق بالتعويضات المالية للمعلمين وآلية صرفها قبل تاريخ بدء التدريس. واتفق الوزير مع الروابط على دفع مبلغ بالليرة اللبنانية بما يوازي 300 دولار شهرياً، يضاف إلى السبعة رواتب التي حددتها الحكومة لموظفي القطاع.

صدور جداول الحوافز
الوزارة في صدد إعداد الجداول لإصدار القرار بكيفية الدفع، المقرون بالحضور إلى دوام العمل. لكن الأمور غير واضحة بعد، خصوصاً أن مبلغ الخمسة آلاف مليار ليرة التي طلبها وزير التربية (تشكل ثلث المبلغ المطلوب لدفع الحوافز) غير متوفر إلا في الاستهلاك الإعلامي. هذا فضلاً عن أن صدور القرار بجدولة التقديمات لا يكفي لتأمين استقرار العام الدراسي. ففي السنة الفائتة صدر قرار عن وزارة التربية بجدولة الحوافز، وتقرر دفع 125 دولاراً لكل أستاذ شهرياً ولمدة أربعة أشهر. وفكت روابط المعلمين الإضراب. لكن الأمر انتهى بأن الوزارة لم تدفع منها إلا شهرين. ما حصل أنه بعد قرار الحكومة دفع أربعة رواتب لموظفي القطاع العام ألغيت الحوافز الدولارية، نظراً لوجود بند في الموازنة يمنع جمع الموظفين مساعدات من أكثر من جهة.

خريف ساخن بالقطاع الرسمي
السيناريو عينه يتكرر مطلع العام الدراسي الحالي. بمعنى أن صدور القرار بحد ذاته لا يعني تلقي الأساتذة المبالغ الموعودة، خصوصاً أن تخصيص الأساتذة بمبلغ الـ300 دولار، وأساتذة الجامعة اللبنانية بـ500 دولار، سيقترن بمطالبة موظفي القطاع العام مساواتهم مع الأساتذة. كما أن الميزانية الكلية التي طلبها الوزير لهذه الحوافز (150 مليون دولار) غير كافية لتأمين هذه المبالغ الشهرية لأكثر من 57 ألف أستاذ وموظف. ويدخل الأساتذة حينها في دوامة الوعود وذرائع الروتين الإداري الذي يؤخر دفع الحكومة التقديمات. 

قطاع التعليم الرسمي مقبل على خريف ساخن. فالمطالب التي رفعتها روابط الأساتذة، والتي يعتبرها الأساتذة هزيلة وغير كافية، لا تستطيع الحكومة تلبيتها. وحتى لو قبلت الروابط بوعود الحكومة فهذا لا يعني أن العام الدراسي سيستقر، ولا سيما في مرحلة التعليم الثانوي. فإشكالية التعليم الثانوي أن المفاوضات التي أجراها ما تبقى من أعضاء في الهيئة الإدارية لرابطة الأساتذة مع الوزارة، لا تمثل رأي جميع الأساتذة. ولم يعمل المفاوضون على أخذ رأي الأساتذة من خلال عقد الجمعيات العمومية. وفي حال صدر قرار جدولة التقديمات، لن تعود الرابطة إلى الأساتذة لاستفتاء رأيهم. فتجربة العامين المنصرمين دلت عن وجود شرخ كبير بين الأساتذة ورابطتهم بهذا الشأن. وهذا سيؤدي إلى امتناع جزء كبير من الأساتذة عن الالتحاق بمدارسهم، يقول أساتذة معارضون لـ"المدن". ويؤكدون أن الأيام المقبلة ستشهد ولادة لجنة لتمثيل الأساتذة للمطالبة بحقوقهم، بعيداً عن المفاوضات التي قام بها من تبقى من أعضاء الهيئة الإدارية (ثلاثة أعضاء من أصل 18 عضواً).

رفض تحويل الأساتذة إلى مياومين
وفي التعليم المهني يستعد الأساتذة لمفاجأة الرابطة برفض المفاوضات التي جرت، وسط إصرار بعدم قبول مبلغ الـ300 دولار. وهذا حال أساتذة كثر في مرحلة التعليم الأساسي. ويؤكد أساتذة من مختلف القطاعات لـ"المدن" أنهم يرفضون تحويل وزارةُ التربية الأساتذة إلى مياومين يعيشون على وعود تلقي حوافز دولارية لا تصل إلى جيوبهم. ورغم تلقي العديد منهم رسائل تهديد بعزم الوزارة على اتخاذ عقوبات بمناقلات تأديبية بحقهم، يواصلون استعدادهم لإعلان عصيان تربوي سيشمل امتناع مئات الأساتذة عن الحضور إلى مدارسهم الشهر المقبل. وهذا يجري بالتوازي مع تشكيل لجان تضم أساتذة من مختلف القطاعات، لتأسيس رابطة خاصة شبيهة بنقابة المعلمين في المدارس الخاصة، لأن روابط المعلمين في القطاع الرسمي تهيمن عليها الأحزاب السياسية، وترفض هيئاتها الإدارية الدعوة إلى انتخابات لتجديد الهيئات.