خطا التهدئة الأمني وانتخاب الرئيس يتفاعلان عربياً ودولياً..

دخل لبنان في مسار طويل على كل المستويات، من خلال محاولات تبريد الأجواء جنوباً وعدم دخوله في الحرب الشاملة وهذا مدار اتصالات على أعلى المستويات، الأمر الذي أشار إليه وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون خلال زيارته لبيروت عندما قال إن المستوطنين يرغبون في العودة إلى منازلهم في إسرائيل والأمر عينه بالنسبة لأهل الجنوب، ما يعني وفق قراءة أكثر من ديبلوماسي، أن ثمة محاولات لمنع الحرب واستمرار اللعبة ضمن قواعد الاشتباك إلى أن يصار إلى وقف إطلاق النار وحصول التسوية الشاملة.

وثمة مسار آخر يتجه لانتخاب رئيس للجمهورية عبر الدور الذي تقوم به اللجنة الخماسية وتُوّج بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وانتقلت الأمور إلى الرياض للتحضير للقاء للسفراء المعنيين بمشاركة مستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، حيث الأوضاع تتجه نحو تزخيم هذا الدور والنشاط، وثمة أجواء ومعلومات عن تواصل سيحصل من قبل السفراء الخمسة مع المرجعيات السياسية والروحية لوضعهم في أجواء الآلية التي تقترحها اللجنة من أجل انتخاب رئيس وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه، بعد جوجلة اللقاءات والأفكار، ليتوّج ذلك عبر بيان شامل للجنة عندما تصل الأمور إلى نهايتها.

في هذا الإطار، يقول سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة لـــ"النهار"، إن معلوماته تشير الى أن الولايات المتحدة تتجه نحو تبريد الأجواء في لبنان والمنطقة، والأميركيون لا يريدون الحرب في الجنوب على غرار غزة، والمساعي التي يقومون بها من خلال الموفد الأميركي آموس هوكشتاين تصبّ في هذه الخانة، إلى دور أميركي كبير على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية وترسيم الحدود، يأتي في إطار التنازلات التي ستقدمها الأطراف الإقليمية والداخلية، ويمكن القول إن واشنطن دخلت على خط التهدئة وانتخاب الرئيس في إطار العمل الذي يحصل على خط اللجنة الخماسية، وبمعنى آخر، ثمة تفاهم دولي من واشنطن وباريس إلى المملكة العربية السعودية التي تقوم بدور بارز وأساسي ومعها مصر وقطر.

ويضيف طبارة أن اللجنة الخماسية وواشنطن والرياض تحديداً تسعى جميعها ليأتي رئيس الجمهورية بموافقة الأكثرية ولا تقاطعه شريحة كبيرة، فالعمل منصب على هذا الاتجاه، أما متى يأتي الرئيس؟ فيمكن القول إن القطار الدولي انطلق من واشنطن واللجنة الخماسية، والانتخابات عندما تتبلور الأمور وتحين التسوية في هذا السياق، فالخماسية لا تعمل على فرض مرشح يقاطعه نصف البلد، ولذا لم يدخلوا في لعبة الأسماء أو الترشيحات لتكون الأمور "مدوزنة"، الأمر الذي بدأت نتائجه تظهر من اللجنة الخماسية.

ويتابع السفير طبارة قائلاً: ما يهم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي حلّ القضية الفلسطينية ودون ذلك ليس هناك أيّ حلول في المنطقة، لكن المسار الرئاسي منفصل من خلال الخماسية التي تمثل دولاً لها وزنها غربياً وعربياً، إضافة إلى ذلك الولايات المتحدة تعمل لتطبيق القرار 1701 وعودة المستوطنين الإسرائيليين إلى الشمال، وهم يرفضون العودة إلا من خلال الوصول إلى تسوية ووقف إطلاق النار وحل حاسم وجازم لهذه المسألة والعمل ينصبّ في هذا الإطار، لكن لحين المرور في التسوية والوصول إلى النتائج، من الطبيعي أننا سنمر بمطبات وربما تفعيل العمل الميداني في غزة والجنوب وخروج الأوضاع عن قواعد اللعبة، لكن المسألة مضبوطة من قبل واشنطن، والجميع لا يريد الحرب من غزة إلى الجنوب، وهذا ما يعمل عليه عبر الموفدين الدوليين والمساعي الجارية على غير صعيد، وباعتقادي واشنطن تعمل من أجل حفظ ماء وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدما أصيب بنكسة كبيرة، وإقناع الإسرائيليين بالتسوية والحل العادل للقضية الفلسطينية، أي حل الدولتين.

ويلفت طبارة الى أن الرئيس الأميركي جو بايدن لا يريد الدخول في حرب شاملة على إيران واليمن وسوريا وفلسطين ولبنان، وقد يوجّه ضربة محدودة بعدما قال له الرئيس السابق دونالد ترامب، إنك خرّبت المنطقة فدعمت الحرب بين روسيا وأوكرانيا وكذلك في غزة، ما أدّى إلى كوارث، فنحن نريد السلام، ما يدفع ببايدن إلى تغيير أدائه في هذا المنحى.

ويخلص متوقعاً تنامي وتفاعل الدور السعودي، لكن ليس كما السابق، فالرياض لن تتخلى عن لبنان، والودائع والمساعدات باتت من الماضي، بمعنى أنه إن لم يكن هناك نظام في لبنان وإصلاحات، فالمملكة لن تدعم البلد والأمر عينه لدول الخليج والكثيرين، وفي حال التسوية، فعندئذ المملكة ستكون من أبرز الداعمين وكل ذلك يرتبط بعملية الإصلاحات التي ستقوم بها الدولة اللبنانية بعد انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة الجديدة.