دروز السويداء يتظاهرون.. مخططات اسرائيلية لتقسيم سوريا

شهدت ساحة الكرامة في مدينة السويداء مظاهرة معارضة للإدارة الجديدة في سوريا، الخميس، استجابة لدعوات انتشرت على مواقع التواصل ضد سياسات الإدارة، حسب شبكة "السويداء 24". وحمل المتظاهرون "رايات التوحيد" الخاصة بالطائفة الدرزية ولافتات تعبّر عن رفضهم لسياسات السلطة الجديدة برئاسة أحمد الشرع. وحسب الشبكة فإن المتظاهرين اعتبروا أن "الحكومة المؤقتة لا تسعى إلا للتمسك بالمناصب ولا نراها تبني دولة". وهتف المتظاهرون لتأييد شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء حكمت الهجري، ورفعوا صوره إلى جانب صور الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، وفق ما أفاد مراسل السويداء 24. فما الذي يحصل في السويداء؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان "السويداء لا تزال تبلور موقفها الصحيح وهناك اتجاهات ومواقف لتحديد وجودها وموقعها من سوريا الجديدة لأن الانخراط في سوريا بالنسبة للسويداء يختلف عن أي منطقة أخرى لأنها لم تدخل في مواجهة مع النظام ولم تتعرض للتدمير والقتل. السويداء لها طابع خاص مكونة من مذهب كان يلتزم بطبيعته عدم المواجهة مع النظام كي لا يدفع ثمن كبير وكانت تحمل شعار ألا يدخل الايراني وعصابات حزب الله إليها. كما أنها منذ بداية المعركة عبر مشايخها وناسها أخذوا قرارا بعدم الانصياع والتجنيد لمقاتلة السنة كي لا تصبح السويداء في مواجهة الأكثرية السنية السورية تجنبا لأية ردة فعل".

ويشير العزي الى ان "السويداء تعرضت لضغط كبير من ايران والنظام وداعش وحصدت عام 2017 اختطف فيها الرجال والنساء بأمر من النظام السوري من أجل فرض نوع من الإقامة الجبرية على السويداء للانصياع إلى النظام، لكن السويداء بعد العام 2017 تنفست الصعداء وأصبحت أكثر منطقة معارضة وتتظاهر في الشوارع وترفض التجنيد والانصياع للرئيس بشار الاسد.

وبالتالي تختلف عن باقي المناطق السورية التي انصاعت، بعد التحرير، الى المطلب العسكري للقيادة العسكرية. إذًا السويداء بخصوصيتها خلال هذه الفترة تكونت لديها ثلاثة توجهات، وما نراه اليوم هو نتيجة هذا الصراع وحتى الرئيس أحمد الشرع يفهم خصوصية السويداء ولذلك لم يوجه أي نداء لإدخال السويداء عنوة في السيطرة وإرسال قوات عسكرية بل يراعي هذه الخصوصية باعتبار ان الانتماء التاريخي لجبل العرب لا يخيف السوريين في عملية الانشقاق".

ويضيف: "لكن هذه التوجهات الثلاثة التي نراها في ظل توحيد السلاح السوري والقيادة السورية المركزية وضم المناطق السورية الى بعضها البعض. السويداء تخاف من النظام الذي قد يسيطر على المنطقة وان تكون في مواجهة مجددا مع نظام متطرف يضعها في أزمة ومواجهة عسكرية لأن حتى اليوم طبيعة النظام السوري الذي يبشَّر به لا يزال هناك العديد من النقاط المطلوب توضيحها، وهذه قد يوضحها الدستور القادم والحكومة القادمة وطبيعة العلاقات في سوريا ومع الاثنيات والمذاهب الموجودة في سوريا".

ويشدد العزي على ان "هناك من يحاول الاصطياد في المياه العكر من أجل تقليب السوريين على بعضهم البعض خاصة رفع شعار الانفصال لدى الدروز والتي ستشكل نقطة كبيرة لمصلحة العدو الاسرائيلي لأن من يشيع ويروج ويحاول ان يقدم نوع من المغريات وان يكون الحامي للدروز هو بنيامين نتنياهو لكن ليس بطلب من دروز السويداء وإنما محاولة من شيخ الطائفة الدرزية أمين طريف الذي حاول ان يعقد لقاءات كثيرة ويقوم بنوع من التنسيق بين مشايخ السويداء ومشايخ اسرائيل من أجل تأمين نوع من الحماية والانفصال والبقاء كمستقلين بمساعدة الدولة الاسرائيلية، لكن هذه الامور فشلت ولم يستطع تحقيق التقارب خاصة وان هضبة الجولان حيث يوجد قرى درزية موجودة ضمن الاحتلال ولا تزال ترى نفسها سورية وترفع العلم السوري الجديد وتؤيد العودة الى سوريا، لكن ما يحصل تحديدا في التوجهات داخل أبناء السويداء، هناك ثلاثة اتجاهات: الاول يراه الشيخ الهجري الذي يرى ان على السويداء ودرعا ان يكونا منطقة مستقلة مرتبطة بالدولة السورية عبر الجيش والخارجية لكن هنا يحاول ان يكون التوجه ليس انفصاليا بل إدارة ذاتية لهذه المناطق تؤمن لها حماية من الدولة السورية لكن لها طبيعة خاصة تستطيع ان تكون موجودة ولها قرارها ضمن مستقبل  الفيدرالية السورية، وهذا الشيخ هو ضمن مجموعة مشايخ يملك الى جانبه بعض المؤيدين وهناك عدة فصائل وطليعتها فصيل عسكري يقوده ابن الشيخ الهجري. وهذا التوجه او الفصيل الاول يدعو الى الاستقلالية.

والتوجه او الفصيل الثاني شيوخ الكرامة ورجال الكرامة مؤلف من شيوخ الكرامة يقوده مجموعة شيوخ فصيل عسكري يقوده رجال الكرامة أيضا بابن الشيخ البلعوص الذي اغتيل في العام  2014 واليوم يقوده نجله وحيد البلعوص وهذا الفصيل الى جانب ساحة الاعتراض التي انبثقت من المجموعات المدنية والحقوقية والتجمعات الشعبية التي استطاعت ابعاد رجال الاسد والمخابرات وبالتالي السويداء في العام 2021 حتى 2024 كانت خالية نهائيا من حكم الاسد وهذا ما اسقط شعار حماية الاقليات في سوريا. هذه المجموعات التي ترتبط بالاضافة الى عدة مجموعات صغيرة تؤيد توجهات شيوخ الكرامة والبلعوص تطالب بالاندماج الكامل مع سوريا واعتبار السويداء جزءا اساسيا من النظام السوري الجديد، وتاريخيا هذه المنطقة سميت باسم جبل العرب وليس باسم الدروز بالرغم من ان 90 في المئة من هذه المنطقة يعيش فيها دروز سوريا وهي بالتالي منفتحة على الاردن والسعودية وعلى العمق السوري.

الفصيل الثالث والخطير وهو الاقلية، يتألف من مجموعة من المشايخ وبعض الفصائل الصغيرة التي تعتبر ان الانفصال عن سوريا اساس وتشكيل دولة خاصة بهم  والابتعاد عن نظام دمشق والطبيعة الاسلامية التي يتخوفون منها وبالتالي فتح العلاقات حتى مع اسرائيل او الدول العربية ضمن الاستقلالية التي ينادون بها وهذه المجموعة صغيرة مرتبطة بمصالح خاصة مالية وروحية قد تكون مرتبطة مع دروز اسرائيل وبالتالي هم يرون ان السيطرة على هذه الامكانيات والقدرات لا يمكن ان يكون إلا بنوع من الاستقلالية والانفصال الكامل، وبالتالي تأسيس دولة درزية وهناك في هذه الخطورة، هذا المطلب يتلاقى مع توجهات بنيامين نتنياهو الذي يحاول ان يطرح في المضمون دولة درزية تمتد من الجولان السوري مرورا بدرعا ووصولا الى راشيا وحاصبيا في لبنان عبر منطقة الضاحية الغربية لريف دمشق وصولا الى دمشق وبالتالي هذه الدولة كاملة متكاملة يستطيع ان يسعى الى تأمينها بحال وجدت اكثرية لتبني هذا المشروع، لكن هذا يعني ان نتنياهو يعمل على نقطتين خطيرتين: اولا خلط الاوراق وتجميع مجمعات مذهبية للقول كأنه يعيد التاريخ الى العام 2005 عندما أنشئت إمارة حماس وكانت بطريقة معينة تناجي متطلبات نتنياهو ان هناك إمارة اسلامية في غزة، وبالتالي هناك دولة يهودية في مناطق الـ48. اليوم يحاول ان يوسع هذا البيكار ليقول ان المذاهب متساوية مع الدولة العبرية ويحاول مرة جديدة اللعب فيه على اساس إقامة دولة درزية في هذه المنطقة والخطورة بأنه يقول بأنه سيحمي الدروز وسيؤمن يد عاملة لهم في اسرائيل ويساعدهم اقتصاديا خاصة وان المرجعية الدينية الدرزية موجودة في اسرائيل، وبالتالي الدروز خدموا بثقة في اسرائيل في الجيش وتوصلوا الى اعلى المراتب وخاضوا معارك شرسة ضد الارهابيين أكانوا في جنوب لبنان او غزة وهذا نوع من الترويج لشيء غير صحيح".

ويعتبر العزي ان "الموقف الدرزي رافض وهذا ما نراه من خلال الاكثرية في السويداء الذين يرون وجودهم مع الدولة السورية. يقابله موقف وليد جنبلاط عندما كان يساجل مع امين طريف ويقول له بأنك لست شيخ العقل وتأمر باسم الدروز. خاصة وان جنبلاط شيخ عقل سياسي وهذا عندما ذهب الى السويداء مر بقصر الشعب واجتمع بالشرع للقول ان ليس للدروز  معبرا إلا عبر الدولة. ويسعى من خلال مندوب له من ال الغضبان لترتيب البيت الدرزي في الانتماء لسوريا وليس تأسيس دولة انعزالية ومتقوقعة ضمن أكثرية مذهبية تكون خنجرا للعرب".

ويختم: "موقف نتنياهو إذا التقسيم واستخدامه إذا نجح الورقة الدرزية لقلب الطاولة على الارض في لبنان وإعادة رسم الخريطة كما يحاول في الجولان في الجنوب السوري، ويتذرع بأنه يقوم بهذه الاعمال أكان لجهة الاحتلال او الضرب لمواقع عسكرية سورية تحسبا لعدم إقامة مجموعات عسكرية جديدة في الجنوب السوري، كما يريد فتح طريق ما بين حوران في صحراء تدمر وهذا لن يمر إلا إذا كان هناك استقلالية في جبل العرب، وهو يطمح لأن تحصل هذه الاستقلالية وبالتالي هذا الطريق الذي يريد فتحه من أجل الوصول الى القامشلي والحسكة عبر الصحراء وبالتالي يريد ان يدق الاسفين الثاني من خلال دعم أكراد الحسكة والقامشلي في تكوين نظام شبه ذاتي بدعمهم عسكريا وماليا وأمنيا وتأمين غطاء أميركي لهم ويسعى من خلاله نتنياهو الى تقسيم سوريا بطريقة او بأخرى لأن سوريا الضعيفة تسمح له بألا يخاطر عبر هذين المكونين إذا استطاع الى ذلك سبيلا".