المصدر: الديار
The official website of the Kataeb Party leader
الجمعة 8 تشرين الأول 2021 10:51:09
ربح طارق البيطار جولة الحرب الاولى، ربح المعركة لكنه لم يربح الحرب بعد، فالحرب السياسية التي تشن عليه قد تقوى على الحرب القضائية التي يخوضها وصولا للحقيقة والعدالة في جريمة انفجار 4 اب . القرار التاريخي الذي سطره رئيس محكمة الاستئناف المدنية في بيروت نسيب ايليا برفض طلبات كف يد قاضي التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت ترك ارتياحاً لدى اهالي الضحايا وغالبية اللبنانيين، لا سيما بعدما قيل عن تهديدات، لا تزال حتى اللحظة لا مؤكدة ولا منفية من قبل المعني الاول حزب الله الذي لا يزال يلتزم الصمت حيال هذه المسألة.
صحيح ان البيطار كسب الجولة الاولى، لكن حربه مع السياسيين تتطلب كسب جولات وجولات لن تقل صعوبة عن الاولى، اذ تكشف المعلومات ان النائب نهاد المشنوق، الذي كان محاميه قد تقدم بطلب رد البيطار امام محكمة الاستئناف قبل ان تبته الاخيرة رفضا بالشكل لعدم صلاحيتها، يتحضر عبر المحامي نفسه نعوم فرح لتقديم دعوى بارتياب مشروع مع طلب رد جديد للبيطار عن تحقيقات المرفأ، لكن هذه المرة امام محكمة التمييز لا الاستئناف.
مصادر مطلعة على جو المدعى عليهم ترجح ان يقدم محامي المشنوق على هكذا خطوة في الايام القليلة المقبلة ،علما ان البيطار الذي كان استأنف عمله وتحقيقاته ، ما ان تبلغ رد محكمة الاستئناف المدنية طلب الرد المقدم من المشنوق،حتى بادر الى تعيين جلسات استجواب جديدة لكل من علي حسن خليل في 12 تشرين الاول ونهاد المشنوق وغازي زعيتر في 13 تشرين الاول.
مصادر قانونية تتوقف عند تواريخ جلسات الاستجواب لتقول بانه يبدو ان القاضي تقصّد تحديد الجلسات قبل 19 تشرين الأول، موعد عودة مجلس النواب للانعقاد بدورته العادية، ما يعني عمليا عودة المدعى عليهم من نواب للاستفادة من حصاناتهم، وبالتالي تشير المصادر الى ان ما يحاول البيطار القيام به هو الاستفادة من المهل باعتبار انه لا يجوز للقاضي اتخاذ أيّ إجراءات قضائية أو جزائيّة بحقّ أيّ من أعضاء البرلمان خلال دورة انعقاده، ما يجعله في الفترة الراهنة محررا من هذا القيد خارج فترة الانعقاد.
علما ان مطالعة اخرى دستورية قانونية لبعض الخبراء المتابعين للملف، تشير الى انه اذا ادعى القاضي على النواب بفترة اللاحصانات، اي عدم انعقاد مجلس النواب باي عقد لا عادي ولا استثنائي، فعندئذ يجرّدون من حصاناتهم حتى لو عاد البرلمان للانعقاد بدورة عادية.
وفي هذا السياق، تصب مطالعة الخبير الدستوري القانوني الدكتور عادل يمين، الذي يوضح لـ»الديار»، أنّ النواب الذين سبق وتمت المباشرة بملاحقتهم جزائياً والادعاء عليهم خارج دورات انعقاد البرلمان، لا يعود من حاجة للقضاء لطلب الإذن من البرلمان لمتابعة ملاحقتهم جزائياً عندما يدخل البرلمان في دورة انعقاد في 19 تشرين الأول الجاري.
مصادر مطلعة على جو المشنوق، اشارت الى ان التوجه لمحكمة التمييز اتى بعدما اغلقت كل الخيارات الاخرى، واصفة رد محكمة الاستئناف الطلب المقدم من محامي المشنوق بانه اتى عن غير وجه حق، وبالتالي كان لا بد من التفكير في وسيلة اخرى للمضي بالقضية.
وبانتظار الخطوة المقبلة لوكيل المشنوق، وكذلك مصير الدعوى الجديدة التي تضاف الى الارتياب المشروع التي تقدم بها الوزير السابق يوسف فنيانوس، وهي دعوى تزوير تواريخ بحق البيطار، فرئيس الحكومة السابق حسان دياب والذي حددت له ايضا جلسة استجواب في 28 تشرين الاول، لا يزال بحسب المعلومات خارج البلاد علما ان عودته مرتقبة بالاسابيع القليلة المقبلة وتحديدا قبل موعد جلسة استجوابه. الا ان اوساطا مطلعة على جو دياب اكدت ان قرار حضوره او عدمه جلسة الاستجواب يتخذ في حينه وهو لا يزال قيد الدرس.
امام هذا الواقع الذي يشير الى ان ايا من المدعى عليهم يبدو انه لن يحضر جلسة استجوابه ، سؤال يطرح : ماذا يفعل عندئذ القاضي بيطار واية خطوات قانونية اخرى قد يلجأ اليها؟
على هذا السؤال، يوضح الدكتور عادل يمين لـ «الديار» أنه استناداً إلى المادة 106 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لقاضي التحقيق ان يصدر ورقة دعوة يدعو فيها الى الجلسة التي يحددها ويعين فيها اليوم والساعة، وعلى المدعى عليه ان يحضر الى دائرة قاضي التحقيق بعد تبليغه ورقة دعوته وان يمثل امامه، اما في حال لم يحضر، من دون ان يعطي عذرا مشروعا، او خشي قاضي التحقيق فراره، فيصدر عندئذ القاضي مذكرة احضار في حقه تتضمن امرا خطيا الى قوى الامن لتأمين احضاره خلال اربع وعشرين ساعة من موعد الجلسة المقرر، وتتولى النيابة العامة مهام تنفيذ مذكرة الاحضار، ولكن بحسب يمين، فإنّ المادة 73 من القانون ذاته اجازت للمدّعى عليه عدم حضور الجلسة في حال قدَّم وكيله خلالها واحداً من الدفوع الشكلية التي تتضمنها، إذ تنصّ على أنه « يحق لكل من المدعى عليه أو لوكيله دون حضور موكله، ومن النيابة العامة ان يدلي مرة واحدة قبل استجواب المدعى عليه بدفع أو اكثر من الدفوع الاتية:
1ـ الدفع بانتفاء الصلاحية.
2ـ الدفع بسقوط الدعوى العامة باحد اسباب السقوط المحددة قانونا.
3ـ الدفع بعدم قبول الدعوى لسبب يحول دون سماعها أو السير بها قبل البحث في موضوعها.
4ـ الدفع بكون الفعل المدعى به لا يشكل جرما معاقبا عليه في القانون.
5ـ الدفع بسبق الادعاء أو بالتلازم.
6ـ الدفع بقوة القضية المحكوم بها.
7ـ الدفع ببطلان اجراء أو اكثر من اجراءات التحقيق. على قاضي التحقيق، بعد ان يستمع الى المدعي الشخصي ويستطلع رأي النيابة العامة، ان يبت الدفع خلال اسبوع من تاريخ تقديمه. لكل من الفرقاء في الدعوى ان يستأنف قراره».
وفي هذا الاطار ، وتماما كما كانت الديار ذكرت سابقا فقد كان مصير طلب القاضي البيطار من النيابة العامة التمييزية الادعاء على القاضي غسان خوري،» حفظ شكوى» ما يعني عمليا اهمالها ولا شيء عليه، اذ أصدر المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان قراراً بالكتاب الذي أحاله المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار الى النيابة العامة التمييزية في حال ارتأت نَسْب الإخلال الوظيفي للقاضي غسان الخوري.
وهنا تعلق مصادر في النيابة التمييزية على قرار حفظ الشكوى بحق خوري بالقول: «القرار اصلا لم يكن بمكانه»، لتضيف: «متل اللي طالب يدّعي على حالو»، علما ان مصادر مطلعة على الملف تؤكد ان الرائد النداف كان واضحا في التقرير الذي رفعه والذي سمى فيه الاشياء بأسمائها.
وعما قد يحصل بمصير التحقيقات بانفجار 4 آب، وما اذا كان المحقق العدلي سيستمر في مهامه تؤكد المصادر النيابة العامة التمييزية ان «الازمة تتأزم اكثر فاكثر، وواضح اننا دخلنا بمواجهة مفتوحة».
بانتظار ما قد تحمله الايام والاسابيع القليلة المقبلة على خط التحقيقات التي لا تزال بيد البيطار الذي ارتضى حمل كرة النار، الواضح ان المعركة المفتوحة التي يقودها بعض السياسيين بوجه القاضي البيطار، باتت اشرس من اي وقت مضى، ولو انها تبقى معركة غير محسومة النتائج، علما ان كل المعطيات تشير الى ان صبر البيطار لم ولن ينفد، وهو لن يستسلم، وسيبقى يقاتل حتى اللحظة الاخيرة في سبيل احقاق الحقيقة والعدالة في ابشع جريمة عرفها لبنان، وهو في سباق محموم مع الوقت. هل يغلب البيطار الذي يعول عليه اهالي الضحايا السياسيين ويسطر معه للمرة الاولى غلبة القضاء على الساسة والسياسة في لبنان؟
اوساط مطلعة على الملف تقول: «القاضي بيطار عين محققا عدليا في جريمة ضخمة تحتاج للجنة تحقيق «طويلة عريضة» وهو ماض حتى النهاية، وما يردده في بعض المجالس انه سيكمل بواجباته حتى النهاية، لكن اذا «وقفت كل الدولة بوجهه» فما الذي يمكن ان يقوم به؟ اليس غريبا ان تقف دولة بغالبيتها، كيلا نظلم جزءا مهما منها، بوجه قاض واحد باضخم جريمة عرفتها البلاد؟» وتضيف الاوساط «معروف عن البيطار شجاعته وعزمه وعناده وهو يعمل قانون لا سياسة ويتكل دائما على الله».
وعن الفريق الذي يتوجس من تسييس الملف ويتهم القاضي صراحة بذلك، حتى ان البعض اتهمه بانه ينفذ بتحقيقاته السياسة الاميركية، تجيب الاوساط جازمة: «لن نرد على هذه الاتهامات. القاضي البيطار «مش مع حدا، لا مع هيدا المحور ضد آخر، ولا مع بلد ضد آخر ، هو مع لبنان واللبنانيين وفقط مع لبنان».