المصدر: النهار
الخميس 2 كانون الاول 2021 15:54:29
قد تبدو إعادة فتح ثلاث علامات تجارية عالمية (Pizza Hut وAdidas وReebok) في لبنان مستغربة، في أصعب الأزمات وخلال تسجيل الدولار أعلى مستويات الصرف، بينما أقفلت عندما كان سعر الصرف حوالي نصف قيمته الحالية. هي حالات استثنائية لا تشكّل ظاهرة أبداً، أو بارقة أمل، بل إنّ الهدف ممّا قامت به مجموعات تجارية تعتمد على مشاريعها خارج لبنان لتمويل هذه المشاريع، يصنّف في خانة إعادة التموضع. ولعلّ الأزمات أحياناً هي فرص تؤتي ثمارها على المدى البعيد لا القريب.
"نحن المغتربين، وخصوصاً في أفريقيا، نحلم بأن نؤسّس أعمالاً في لبنان منذ يوم رحيلنا"، وفق وكيل مطعم Pizza Hut في لبنان وأحد الشركاء في مجموعة Resto group لوكالات المطاعم، نادر هاشم.
هاشم هو وكيل علامات تجارية عالمية في مجال المطاعم في عدّة بلدان في أفريقيا، ومنها مطعم Pizza Hut. يقول لـ"النهار" أن "العلاقة الجيّدة مع العلامة هذه، فتحت الباب أمام إعادة فتح المطعم في لبنان، وقد وثِقت Pizza Hut بمجموعتنا ونحن حظينا منها بكلّ الدعم ونقدّر ذلك، وفي الوقت نفسه، لن نستسلم، فالأزمة في لبنان هي فترة وستمضي"، وفق هاشم.
وفيما أصبح هاشم الوكيل الجديد للمطعم في لبنان، التردّد في إعادة فتح Pizza Hut في هذا البلد لم يُعِق هاشم رغم الأزمات المتفاقمة في البلد، لكن نظرته مختلفة وليست كلاسيكية في التجارة، و"ليست بحت تجارية بل ننظر إلى هذا المشروع بأنّه امتداد عاطفي إلى بلدنا لبنان، وهو إشارة إيجابية ليدفع بغيرنا إلى الاستثمار في لبنان، وندري أنّنا لا ندخل إلى بلد فيه الجنّة، لكنّنا لن نتردّد في مواجهة التحدّيات الراهنة في لبنان".
ويوضح هاشم أنّ مطعم Pizza Hut في لبنان "كان مُهلَكاً عندما أقفل، وسنعيد إطلاقه بحلّة جديدة ومعايير عالية". ويرمي إلى افتتاح المطعم في لبنان قبل أواخر العام الجاري أو أوائل العام المقبل.
وعن توقّعاته بتسجيل الأرباح يجيب هاشم: "من المؤكّد كلا، لم نقم بهذا المشروع لتسجيل أرباح طائلة، فحتى بنية الأسعار التي نعمل عليها، هي أسعار بمتناول الجميع مع الحفاظ على نوعية عالية ومعايير Pizza Hut العالية والأساسية"، مضيفاً "حظينا بدعم كامل من العلامة التي جدّدت هذه الفرصة في لبنان".
ليس مطعم Pizza Hut الوحيد الذي سيعود إلى لبنان، إذ سبقته علامتا Adidas و Reebok اللتان عاودتا فتح محالّهما في لبنان، وأيضاً من قِبل مجموعة تجارية أخرى.
حالات استثنائية... المجموعات تتموضع
هناك حالات معيّنة وخاصّة تحصل في إطار عودة العلامات التجارية العالمية التي أقفلت من جرّاء الأزمة، وليس هناك علامات أخرى بصدد إعادة فتح محالّها في لبنان، على ما يقول رئيس جمعية تراخيص الامتياز في لبنان، يحيى قصعة، لـ"النهار".
هذه العلامات انتقلت وكالاتها من مجموعات تجارية إلى مجموعات أخرى. مثلاً في حالة محلّ Adidas انتقلت وكالتها إلى مجموعة Azadea. وهذه المجموعة هي مجموعة تجارية لبنانية تنتشر في المنطقة العربية وهي حاضرة بقوّة فيها، ومن مشاريعها خارج لبنان تدعم وجودها في لبنان.
فالمجموعات الثابتة والقويّة خارج لبنان، بحسب قصعة، هي مجموعات قادرة على الاستمرار برغم الأزمات، وعندما ترى في علامة تجارية قبولاً في السوق، تجدها فرصة لشراء وكالتها. فخلال الأزمات، هناك مجموعات تضعُف ومجموعات أخرى تقوى، وهنا تظهر عزيمة الأشخاص والمجموعات في الخضوع للأزمات أو مواجهتها.
"لكن للأسف"، يقول قصعة، "هذه الحالات نادرة جداً الآن، وليس هناك أرقام وحالات يُبنى عليها، لا بل على العكس، الحالات التي يُبنى عليها هي حالات الهروب الجماعي من لبنان، مع العلم بأنّ المجموعات التجارية التي تعيد تموضعها، تقفل فروعاً لها خارج العاصمة".
وعن تسجيل الأرباح لدى هذه العلامات وإمكانية أن تشكّل دافعاً لعلامات أخرى للعودة إلى لبنان، يشرح قصعة أنّه "في الوضع الحالي تشير الدراسات كلّها إلى أنّه إن لم يكن لأيّ مجموعة وجود في الخارج لدعم وجودها في لبنان، فلا جدوى من إعادة فتح العلامة في لبنان". فبهذه الطريقة، تُسجَّل نقاط في مجال المنافسة من خلال شراء وكالة علامة تجارية قد أقفلها أصحابها السابقون.
وما يحصل حالياً في التوجّه نحو اعتماد الدولار الجمركي، برأي قصعة، "سيدفع العلامات التجارية إلى المزيد من هجرة لبنان، فالسوق ينفجر، ومعدّل الفقر يزداد، والقدرة الشرائية تتهاوى".
وعن أهداف هذه العلامات، يؤكّد قصعة أنّ "العلامات التجارية المذكورة التي فتحت مِن جديد في لبنان، تهدف إلى إثبات الوجود لا أكثر، وإلى التموضع في السوق، ولا تسجّل أية أرباح".
ويُعدّ التموضع في السوق أمراً هاماً جداً، لأنّه يفتح الأبواب ويسهّل شراء وكالات العلامات التجارية خارج لبنان من قِبل اللبنانيين، "فاللبناني ليس فقط حامل امتياز، بل أحياناً هو حامل امتيازٍ للمنطقة وهذا يجعل حضوره أقوى، والتموضع جزء من هذه الاستراتيجية"، بحسب قصعة.
فرح نصور