روسيا عادت إلى سوريا فأيّ انعكاس على لبنان؟

استرعت زيارة الوفد الروسي للعاصمة السورية دمشق ولقاؤه بالرئيس الانتقالي أحمد الشرع اهتماماً لافتاً لجملة اعتبارات، أولاً لأن موسكو كانت حليفاً تاريخياً للرئيس المخلوع بشار الأسد، وقبله والده حافظ الأسد منذ أيام الاتحاد السوفياتي، وبالتالي ثمة قواعد عسكرية هي الأبرز في المنطقة موجودة في سوريا ولا سيما على الساحل، ومنها قاعدة حميميم التي تُعدّ الأكبر، إضافة إلى أن الروس كانوا الداعمين الأساسيين عبر الغطاء الجوّي للرئيس المخلوع الأسد، وحموا نظامه قبل أن يسقط، وسبق لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن قال منذ سنتين، إنه لولا سلاح الجوّ الروسي لسقط نظام الأسد في غضون أسابيع.

والسؤال المطروح: ماذا عن زيارة الروس للعاصمة السورية؟ ومن ثم هل ذلك سينسحب على لبنان؟

يشار بداية إلى أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي ترأس هذا الوفد، له باع طويل في العلاقة السورية اللبنانية، وهو على دراية تامة بالملف اللبناني، وسبق له أن حذر من أن ثمة حرباً مقبلة على لبنان. لذا فالروس كانوا منزعجين من الوجود الإيراني في سوريا وما يفعلونه في لبنان، وسبق لأكثر من مسؤول أن قالها في الهمس والعلن حول هذا المعطى، لذا هل هذه الزيارة ستفتح الآفاق ويعود دور موسكو إلى لبنان؟ الدور الروسي منذ الاتحاد السوفياتي وبعده مع سوريا، عزز حكم الأسد الأب والابن بالقبضة الحديدية على سوريا وكذلك على لبنان، من هنا الأمور تبدلت وتغيرت فثمة استقلالية لكلا البلدين، ما يظهر جلياً من خلال مواقف الشرع.  إضافة إلى عامل آخر، إذ ثمة معلومات موثوقة بأن هناك ترتيبات تجري على خط العلاقة الروسية السورية، وسيكون لها انعكاسها الإيجابي على لبنان. ولا يُستبعد أن يزور بوغدانوف لبنان، وسبق له أن كان بصدد القيام بهذه الزيارة لكن أجّلها مراراً، حيث كان الشغور الرئاسي قائماً، لكن النصيحة الروسية كانت بانتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي تشكيل حكومة والشروع في الإصلاحات.

وثمّة تماهٍ مع كل ما جرى في الآونة الأخيرة من خلال العلاقة المتينة التي تربط موسكو بالسعودية، ما يعني أن الدور الروسي عائد إلى سوريا من بوابة الاحترام المتبادل، والأمور لها مردودها الإيجابي على لبنان، بعيداً عن أي تدخلات كما كان يجري في المراحل السابقة، لكن ثمة من يقر بأن الملف اللبناني في قبضة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وهو ما تشير إليه روسيا بكل وضوح، إضافة إلى ما حصل أخيراً من تقاطع أميركي - سعودي أدى إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وكل ما يجري على الساحة اللبنانية ليس بمعزل عن روسيا، بل هي تدرك أن ملعبها كان سوريا، وسيعود لكن بأشكال مختلفة عما كانت عليه الأمور في السابق.

الخبير في الشؤون الروسية زياد منصور يقول لـــ"النهار" إن معلوماته تشي بأن الروس بحثوا سلسلة مواضيع مع الشرع، وتحديداً المطالبة بتسليم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وكان هناك تعتيم على هذه الناحية، إذ ثمة ديون لروسيا والقواعد وأمور كثيرة، وبمعنى آخر، إن كان هناك التزام بكل هذه المسائل فقد يصار لاحقاً إلى تسليمه، وهذا مرتبط بعدة عناوين، لكن لم يقفل الباب أمام هذا المعطى.

 أما بالنسبة إلى لبنان فيجيب: "بصراحة، الروس يقولون الرئيس أميركي ورئيس الحكومة كذلك، وواشنطن هي اللاعب الأساسي في لبنان، فكيف لنا أن نتدخل في هذا البلد، لكن العلاقات جيدة، ننتظر تشكيل الحكومة العتيدة لتفعيل الاتفاقات بين البلدين، وهي في مجالات متقدمة جداً، لكن الآن وفق المعطيات فالروس من خلال الضغوط التي تمارس عليهم من رجال أعمال لبنانيين يقولون لهم، بمعنى لماذا أدرتم ظهركم للبنان، يجب أن تعودوا إليه، لكن حتى الساعة باعتقادي ليس هناك ما يدل على أن هذا الدور سيكون فاعلاً على الساحة اللبنانية، فالعلاقة بين البلدين جيدة ومستقرة، ومن الطبيعي عندما يكون هناك استقرار لسوريا بعد كل ما حصل أن ينسحب على لبنان إيجاباً في هذا المنحى".