زحمة ديبلوماسيّة من دون إيجابيّات... والحرب الموسعة "مُستبعدة"

زحمة ديبلوماسيّة شهدها مطار بيروت الدولي، الذي إستقبل على مدى الأيام الماضية عدداً من كبار الدبلوماسيين بدءاً من المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، إلى وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، إلى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي. إلّا أنّ كل هذا الضجيج لم يُنتج حتى اللحظة طحيناً يستفيد منه اللبنانيّون في إبعاد شبح الحرب الواسعة، نتيجة التعنت الإسرائيلي المستمرّ بعدم وقف إطلاق النار في غزة رغم الأجواء الايجابية التي أُعلنت بعد مفاوضات الدوحة.

وفي قراءةٍ لهذه الحركة الديبلوماسيّة، يُركز الكاتب والمُحلل السياسي جوني منيّر خلال حديثٍ مع جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة، على 3 نقاط أوضحها المبعوث الأميركي هوكشتاين خلال زيارته، وهي:

"شرح لرئيس المجلس النيابي نبيه بري على ما أعتقد، أن ما نُقِل عنه بأن هناك خط أحمر على بيروت والضاحية كان خطأً وأنه مُنزعج، وأنه لم يقل هذا الكلام، ووضح هذه النقطة. 

ثانياً، كرّر هوكشتاين القول بأن التهديدات الإسرائيلية جدية، وإنّ إسرائيل تنوي على الحرب، وبأنه يُفضّل إبعاد لبنان عن الحماوة لأن إسرائيل تريدها من أجل توسيع الحرب ولديها أهداف جدية وأعطى الصورة الفعلية وأعرب عن قلقه حيال هذا الموضوع.

وثالثاً، المشاريع المطروحة بشأن الجنوب وتطبيق الـ1701 والتي كانوا قد توصلوا إليها في السابق، وأنّ من المُفترض أن نبدأ ببعض الخطوات وان نضع جهداً أكبر ونبدأ من خلال خفض مستوى الحماوة في الجنوب، إذا لم يكن بالإمكان خفضه نهائياً بشكل مباشر".

من الواضح، حسب منيّر أن "الأمر مُتعلق بوقف حرب غزة، ومن هنا جاءت مسحة أو إشارة التفاؤل التي لمسناها منه، أهناك ضغطاً دولياً جدياً وقوياً وسيكون الذروة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار. وتمنى أن تثمر هذه الجهود وتقدم إلى  الأمام، لأن من شأن ذلك ان يفتح المجال تلقائياً للإنتقال على التفاوض في لبنان حول موضوع كيفية ترتيب الوضع".

وهنا يعتبر منيّر أن "لمعة" التفاؤل التي لاحظناها لا تسمح بالبناء عليها وبأنها أمر محتوم"، مشيراً الى أنّ "هوكشتاين لم يحمل أي جديد، والدليل أنه وصل الى لبنان عن طريق لندن، وغادر الى الولايات المتحدة الأميركية عبر الطريق نفسه، دون المرور عبر إسرائيل".

ووفق كل هذه الأجواء، يؤكّد منيّر أنّ لا مشروع جديد، بدليل ما قاله نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.

ويضيف: "زيارة هوكشتاين دليل على أنّ لبنان غير بعيد عن إهتماماتنا، لكن أيضاً للتنبيه وليس للتحذير، للتنبيه بأن هناك مخاطر جدية موجودة لتوسع الحرب، وأنّ الإستعدادات الإسرائيلية ليست مزحة بل جدية".

أما عن زيارة الوزير الفرنسي ستيفان سيجورنيه، فيرى منيّر "جاء بعد الأميركيين ليقول بأن دوره ما زال موجوداً. وأعتقد ان الفرنسيين بدأوا يرون أنّ هناك غيرهم مَن يدخل على خط لبنان، فالانكليزي أيضاً يحاول التهدئة في لبنان، وقد زار لبنان منذ أسبوع وزير الخارجية البريطاني دايفيد لامي برفقة وزير الدفاع جون هيلي. فزيارة سيجورنيه فقط للقول بأن فرنسا موجودة. ماذا جاء يفعل ومصير الحكومة في باريس غير واضح "طاير". كما أنه لا يحمل أي مبادرة أو  مجال أو قدرة، والمشاكل كبيرة في فرنسا على مستوى الحكومة. لهذا زيارته فقط لإثبات الحضور لا أكثر ولا أقل. في المقابل، تعلم فرنسا أنّ هناك مخاطر كبيرة، لهذا نبّهت أيضاً من مسائل أساسية موجودة تستوجب الحذر".

ويلفت إلى أنّ "المرحلة الحربية الصعبة مستمرة إلى حين دخول رئيس جديد إلى البيت الأبيض في الولايات المتحدة، أي حتى منتصف كانون الثاني المقبل. على ما يبدو لا حل قريباً لأن نتنياهو لن يقدم هدايا حاليا لرئيس مغادر اسمه جو بايدن، ولن يأتي مجدداً الى البيت الابيض. لكنه في المقابل سيوقف الحرب مع الرئيس الجديد، لذلك أمامنا خمسة اشهر مجال الخطر فيها كبير، إلّا في حال حصول أعجوبة".

ورداً على سؤال، يؤكد أنّ رد "حزب الله" وإيران حتمي، مشيراً إلى أنهما "مجبران على الرد، لأن هيبتهما على المحك. هيبة إيران تآكلت في الداخل وهذا ما سينعكس سلباً عليها ويضعفها داخلياً كما خارجياً. وحزب الله لن يستطيع عدم الرد لأنه سيضعف بشكل كبير، خاصة في ظل ما نشهده من إنتقادات تطاله، وهذه تؤذيه أكثر. ولست معهما في غرفة العمليات، لكن في المنطق والعلم لا يمكن لحزب الله وإيران إلا أن يردا. إسرائيل خرقت الخط الأحمر من خلال استهداف الضاحية، ويمكن للضاحية أنْ تصبح شبيهة بالجنوب وتتعرض كل لحظة لإعتداء". 

وفي الختام يستمرّ السؤال الذي يُقلق اللبنانيين والمنطقة "في حرب موسعة أو ما في"؟ منيّر يستبعد "حصول حرب موسعة لأن ظروفها غير متوفرة"، إلّا أنّه يُرجح أنّ "الحماوة العالية هي أحد الإحتمالات".