المصدر: النهار
الكاتب: مجد بو مجاهد
الأربعاء 20 آذار 2024 07:46:42
يجتاز النوّاب الذين يتّخذون عنوان التغيير السياسيّ صدداً وهدفاً برلمانيّاً بعض المطبّات التي تحاول عرقلة خطواتهم، بدءاً من الحملات المتفاقمة في أنحاء مواقع التواصل الاجتماعيّ مبتغية تأليب الناخبين ضدّ فحوى انتخابهم السابق للنماذج الهادفة للتغيير.
وثمّة حملة أخرى مختصّة أيضاً في توجيه الانتقادات اللاذعة للنواب التغييريين المنتخبين عن بيروت بعد تنديدهم في المظاهر المنافية وجود الدولة نتيجة انتشار السلاح غير المنضبط في شوارع العاصمة اللبنانية. هذه الزحمة التي تشهدها مواقع التواصل استهدافاً للنواب التغييريين، تشمل خصوصاً النواب وضاح الصادق، إبراهيم منيمنة، بولا يعقوبيان، حليمة قعقور إضافة للنائب عن حزب "تقدّم" مارك ضوّ. ولا يتفاجأ النواب التغييريون من كلّ هذا الأزيز طالما أنّه آتٍ، وفق مقاربتهم، من ذبابٍ الكتروني لا حدود له أو ضوابط. ويعتبرون أنّ الغاية من التحامل الحاصل تكمن في الحدّ من فضح الممارسات الانقلابية على الدستور اللبناني التي ليست هناك استطاعة للعمل على تمريرها بسهولة تامّة شبيهة في المرحلة الماضية بعدما حصل تعطيل عمل السلطة القضائية وانتفى احترام سيادة القانون في زمن الانحطاط وغياب المعايير الموضوعية.
ولن ينكفئ النواب التغييريون أمام الرياح العاتية التي تحاول اقتلاع طراوة حضورهم البرلمانيّ، إنّما انتقوا المضيّ في مشروعهم السياسيّ ومواقفهم الصاخبة على أن يكون القرار للشعب اللبنانيّ في أيّ استحقاق انتخابيّ نيابيّ مقبل. ويختصر بعضهم أسباب محاولة الإجحاف القاذع في حقّهم كنواب تغييربين في أنّهم يحرصون على ضرورة استرداد الدولة اللبنانية العادلة، ما لا يرقى إلى طمأنينة الطبقة السياسية الحاكمة التي لا يعتبر التغييريون أنّها تيقّنت كيفية خدمة الناس إنّما تخويفهم بغية جعلهم رعايا فئات مذهبية في مواجهة نهج المواطنة والحقوق والواجبات والعيش معاً.
وعندما يريد النائب إبراهيم منيمنة الحديث عن الحملات التي تحاول الحدّ من صدى مواقفه وتصاريح زملائه الشاجبة إحياء المظاهر العسكرية المسلحة وإطلاق الرصاص في قلب بيروت، يقول لـ"النهار" إنّ "النواب التغييريين وضعوا الموقف المعبّر عن القناعات في ضرورة حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية ومن البديهي القول إن لا استطاعة لدى بيروت أن تتحمّل الظهور المسلح. إنّ حال الإفلاس التي تعيشها "الجماعة الإسلامية" من الناحية السياسية تجعلها تتخطى المبادئ المتعلقة بوحدة لبنان وحدوده. يحاول البعض اللجوء للتخوين كلّما انتقدنا السلاح غير الشرعيّ ما يشكّل مشكلة غير بسيطة". ويردّ على الاستفهامات في قوله "إنّني لم أتعرض للتهديدات وأستكمل المعركة السياسية رغم كلّ المحاولات التي يراد منها محاولة التأثير على الناخبين، لكنّنا لا نعمل على فكرة شعبية بل بحسب منطلقات وطنية ونعبّر عن قناعاتنا ونسرد للمواطنين التهديدات الحقيقية التي تواجههم. لا أحد في استطاعته أن يزايد على موقفنا من القضية الفلسطينية، إذ نسعى لاعتماد خطاب يجابه العدوّ الاسرائيلي، لكن ذلك لا يتنافى مع ضرورة وجود دولة لها دستورها وحدودها. وتكمن المشكلة في وحدة الساحات التي تتناقض مع فكرة قيام الدولة اللبنانية".
لا تنحصر الحدّة الهجومية التي تحاول استهداف النواب التغييريين في التصاريح السياسية، إنما تشمل أيضاً حملات منظّمة على مواقع التواصل الاجتماعي. وفق انطباعات النائب مارك ضوّ لـ"النهار"، إنّ "الهجوم ثابت انطلاقاً من سبب أساسيّ يكمن في اعتبار قوى السلطة أنّ النواب التغييريين يشكّلون حالة ظرفية مع محاولات للضغط عليهم، ما أدّى إلى شراسة هجومية أكبر وسط مواقف جريئة يعبّر عنها التغييريون في دفاعهم عن الحريات ومكافحتهم الفساد، فإذا بغالبية نواب التكتلات المناوئة على نطاق محور "الممانعة" خصوصاً يعمدون إلى الضجيج بعدما فشلوا في الحدّ من اندفاعة التغييريين وسط هجوم يراد من خلاله محاولة إرجاع بعض الناخبين نحو كنف أحزاب السلطة، بعدما استطاع نواب التغيير أن يحوزوا الأصوات المحسوبة سابقاً من حصّة التكتلات التقليدية". ولا يغفل مارك ضوّ أنّ "الحملات المكثّفة تأتي بشكلٍ أساسيّ من محور "الممانعة" الذي لا يوافق على دفاع النواب التغييريين عن السيادة اللبنانية والحريّات وموقفهم من استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، إضافة إلى محاولات ضخّ حملات في وجه بعض النواب التغييريين نتيجة مواقفهم السيادية انطلاقاً من اعتبارات مناطقية خاصّة. إنّ محاولات شيطنة النواب التغييريين تنتقل من مواقع التواصل الاجتماعي إلى التطبيقات من طريق الذباب الإلكترونيّ وسط محاولات التأثير على المواطنين، فيما لا يمكن ترجيح نتائج الانتخابات النيابية المقبلة أو معرفة الحوافز الانتخابية منذ الآن، إنّما معايير الاستحقاق الانتخابيّ تحدّد الصيغة".
وبينما يبقي النائب التغييري ملحم خلف على وقفته البرلمانية التي ثمة محاولات للاستخفاف بفحواها، فإنه لا يستغرب الهجوم على التغييريين في حديثه لـ"النهار"، ذلك أنه "عندما يكون أحدهم مرتاحاً في المزاولة السياسية التي يعتمدها منذ عقودٍ ويأتي أكثر من نائب تغييري ليرفض الأداء السابق سيكون هناك من ينزعج. لا يمكن إخفاء العجز وتعطيل إرادة غالبية النواب ليكونوا مجرّد أدوات لدى رؤساء الكتل والأحزاب مع استجداء الحلّ من الخارج من دون بلورة أيّ حلّ. نحن في زمن مضيعة الوقت وليس لدى الذين يهاجمون نواب التغيير ما يقولونه سوى الإمساك في الشوارع المتقابلة على أن يكون الثمن تقاسم الحصص".
ويستنتج النائب ملحم خلف أنّ "فضح الخروقات الدستورية مستهجن من قبل السلطة فيما ثمة من يقول إن إدارة البلد لا تحصل بهذه الطريقة بعد إقرار الدستور الذي دفعنا حقه عشرات الآلاف من الضحايا والمفقودين في حرب عبثية وتهجير وتهديم عدد من القرى وتدمير كلّيّ لمفاهيم الدولة. بعد اندلاع حرب أهلية حصل الخضوع لوصاية مع فاتورة كبيرة ونتائج وخيمة بعد سرقة المال العام ومال الناس، ولا تزال الطبقة الحاكمة تعتبر أنها ستنقذ البلد بعدما هدّمت مقوّماته وسط تفلت من سيادة القانون والعقاب وعدم احترام القضاء أو تداول السلطة أو القواعد الحقوقية البديهية التي ترعى الدولة. لا بدّ من ترسيخ قيم المواطَنَة واسترداد الدولة القادرة والعادلة والحاضنة والحامية لكلّ أبنائها والتي تقوم على سيادة القانون".