موازنة "التشبيح" والاقتصاد الأسود في أحضان المجلس...وسجال كاد أن يفجّر الجلسات قبل أن تنطلق

استأنف مجلس النواب، في السادسة مساء اليوم، مناقشة مشروع قانون موازنة العام 2024 كما عدلته لجنة المال والموازنة، بعدما تحدث في الجولة الاولى من الجلسة اليوم سبعة نواب بدءا برئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الذي تلا تقرير اللجنة.
 
ثم تحدث رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان الذي اعتبر "ان هذه الموازنة تعتبر استمرارا للموازنات السابقة ولا تحمل اي استمارات او اصلاح ضريبي، فيما اعلن النائب ميشال معوض انه سيصوت ضد هذه الموازنة، أما النائب جميل السيد فوصفها بانها سيئة، وأكد النائب حسن فضل الله ان ما يُعتبر هو كيفية حماية بلدنا والتصدي لمخاطر المشروع الاسرائيلي، فيما النائب راجي السعد اعتبر ان الموازنة جاءت بدون رؤية اصلاحية شاملة.
 
وكانت الجلسة شهدت سجالا حادا بين الرئيس بري والنائب ملحم خلف الذي دعا بالنظام الى انتخاب رئيس للجمهورية، مشيرا الى "ان الجلسة يجب ان تتحول الى انتخاب الرئيس. وأدى الامر الى مشادة بينه وبين الرئيس بري وأعضاء من كتلة التنمية والتحرير. وتدخل النائب فراس حمدان مهاجما النائب علي حسن خليل الذي وصفهم بـ"المافيا"،  فيما دافعت النائبة بولا يعقوبيان عن زميليها خلف وحمدان.

افتتاح الجلسة
وكان بري افتتح الجلسة قبل الظهر، في حضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء والنواب.
 
بدأت الجلسة بأسماء النواب المتغيبين بعذر، وهم: أحمد الخير، ستريدا طوق وطوني فرنجية، ثم وقف الحضور دقيقة صمت على أرواح النواب السابقين الراحلين: محمد ياغي، محمد يوسف بيضون وإيلي عون. بعدها تليت مواد الدستور والنظام الداخلي المخصصة لمناقشة مشروع الموازنة.


سجال واتهامات متبادلة
وقال النائب ملحم خلف: "بالنظام: الاولوية لانتخاب رئيس". فقاطعه الرئيس بري بالقول: "ان جلسة الانتخاب عندما تبدأ تكون حكمية". وعندما تابع خلف الكلام. قال الرئيس بري للنائب خلف: سأخرجك من القاعة.
-النائب فراس حمدان: "ما حد بطلع حدا".
النائب جهاد الصمد: "عندما ينتهي تقرير اللجنة نتحدث".
النائب قبلان قبلان: "لسنا في جلسة حكمية، وأي كلام آخر هو خلاف للدستور".
النائبة بولا يعقوبيان: "حق النواب الحديث بالنظام، وليس كما تريدون تفسرون الدستور والنظام غب الطلب".

وتوجهت الى خليل الذي قال "انكم قرطة مافيا"، بالقول :" مطلوب للعدالة وعم تحكي عن مافيات؟".
 
قبلان: "لا أحد يأخذنا بنصوص دستورية على مزاجه. الجلسة الحكمية تبدأ عندما تبدأ العملية الانتخابية".
 
وعندما حاول النائب خلف متابعة الكلام، تدخل النائب علي حسن خليل قائلا: "لا نريد مسرحيات". فرد فراس حمدان: "صرلك 30 سنة بتعمل مسرحيات".

وحصل هرج ومرج، وقال علي حسن خليل: "ما حدا شايفكم اصلا".
وتدخل عدد من النواب لتهدئة الاجواء.

ثمّ تحدّث رئيس "لجنة المال والموازنة" النائب إبراهيم كنعان عارضاً التعديلات التي وضعتها اللجنة على مشروع قانون الموازنة العامة الصادر عن حكومة تصريف الأعمال.

وقال: "لاحظت لجنة المال والموازنة غياب الرؤية الاقتصادية والاجتماعية لمشروع الموازنة المحال إليها وتدني نسبة الاعتمادات المخصصة للنفقات الاستثمارية وتميّزه بالعشوائية في استحداث الضرائب والرسوم وبالعشوائية في بعض الاعتمادات".

وأوضح أن "لجنة المال ألغت مواد متعلّقة بتعديلات ضريبية واستحداث ضرائب ورسوم جديدة لمخالفتها الدستور وهدف الحكومة تأمين إيرادات إضافية للخزينة من دون مراعاة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقدرة الاقتصاد على التمويل وقدرة المواطنين على التحمّل"، مؤكدا أن " الحكومة تجهل ما حصّلته من إيرادات تفصيلية خلال العامين 2022 و 2023 وتجهل ما حققته دولرة بعض الرسوم خلال العام 2022 ولاسيما رسوم المطارات والمرفأ وتجهل ما يمكن أن يوفره من إيرادات كل تعديل أجرته بموجب مواد مشروع الموازنة".

ورأى أن "غياب الرؤية يتلازم مع غياب وحدة المعايير في التعديلات المقترحة على الرسوم القائمة فبعض الرسوم رفعت قيمتها 10 أضعاف كرسوم السير، ورفعت قيمة سواها 40 ضعفًا كبعض رسوم الطابع المالي، وتمّ رفع البعض الآخر 180 مرة كالرسوم على المواد الكحولية المنتجة محلياً".

أضاف: "خلافاً لما قاله بعض الإعلام فلجنة المال لم تلغ المادة 58 من مشروع الموازنة التي تتعلق بكيفية تحصيل ضريبة 10% من ايرادات الأسهم والسندات والودائع الخاصة باللبنانيين في الخارج بل باتت المادة ٤٢ من المشروع المعدّل من اللجنة".

تابع: "نفضنا الموازنة كما اتت من الحكومة وقمنا بإصلاحات جوهرية على صعيد المالية العامة. إن لجنة المال شطبت المادة العاشرة التي كانت تجيز تغطية فوائد القروض الإنمائية بعدما تبين مدى الزبائنية التي اكتنفت منح هذه القروض، وتفرد حاكم مصرف لبنان بتقريرها، وما أدرانا ما القروض المدعومة ومن استفاد منها".

وشرح أن "لجنة المال  خصصت اعتمادًا بقيمة 10 آلاف مليار ليرة للأدوية السرطانية والمزمنة واعتمادًا بقيمة ألف مليار ليرة للانتخابات البلدية والاختيارية وعدّلت الاعتمادات الخاصة ببعض الإدارات حيث تبينت الحاجة إلى ذلك لاسيما ما خص نفقات التغذية والمحروقات السائلة لدى الأجهزة العسكرية والأمنية وسواها".

ولفت إلى أن "الواردات بحسب كتاب رسمي من وزارة المال ارتفعت من ٢٧٧ الف مليار الى ٣٢٠ الف مليار أي بفارق أكثر من ٤٠ الف مليار".

وبعد أن أنهى كنعان كلمته، تحدّث النائب ملحم خلف، فعبّر عن اعتراضه على عقد جلسة مناقشة مشروع الموازنة في ظلّ الشغور الرئاسيّ. 

وقال خلف: "إنقاذًا للوطن ولانتظام الحياة العامة وكون الجلسة منعقدة، فلا بدّ من الشروع إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وعلينا أن نقرّر شأننا بهذا الموضوع، ولا يُمكن أن يتحوّل الوضع إلى متوتر كلّما أردنا الحديث عن القانون والدستور". 

وشدّد على أنّ "الاستمرار بهذه الجلسة هو انقلاب على النظام والدستور؛ والاستمرار بهذا النهج سيدمّر الجمهورية، وإن لم نبدأ بانتخاب رئيس فسأشرع بالخروج كبطل من هذه القاعة". 

ليخرج بعدها من القاعة مغادراً الجلسة.

وقال النائب جورج عدوان في كلمة له: "عبثاً نُحاول الحديث بالموازنة إذا لم نؤمّن الاستقرار لوطننا، لذا، يجب حصر قرار الحرب والسلم بالدولة اللبنانية، وحصر التفاوض حول الحدود بالدولة".

وأضاف: "حصلت سرقة العصر والمسؤول الأوّل هو الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، وحوالي 5 دول أصدرت في حقّه مذكرات توقيف والقضاء اللبناني لم يتحرّك". وقال "هناك مشكلة كبيرة في القضاء يجب معالجتها، ولم نرَ إحالة أي قاضٍ على التفتيش في ملفّ رياض سلامة".

وقال: "الحكومة لم تقم بأيّ خطوة جدّية باتجاه معالجة موضوع الوجود السوري في لبنان الذي يشكل خطراً على البلد و33 في المئة من الموقوفين في السجون من السوريين".

أما نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب فقال إنه "من السهل وصف الموازنة بالكارثة والقول إنه ما من أحد يريد السير بها"، وأضاف: "نريد أن نشكر أعضاء لجنة المال على الجهد التي تمّ بذلها ولكن من الصعب الخروج من الشعبوية". 

وأكمل: "لا نعلم من نقوم بخداعه في حال قلنا إن لدينا 0 عجز في الموازنة.. أو إذا كان هذا الكلام رسالة، فلمن هي موجهة؟"

وأردف: "لجنة المال حاولت قدر المستطاع إجراء إصلاح في الموازنة وفُرِض على المجلس مناقشتها بمختلف العلل ولا صفر عجز فيها. هذه الموازنة لا تلبّي مطالب الاستشفاء والتربية ولا المؤسسات ولا القوى الأمنية ولا العسكريين".

وفي سياق آخر، قال بو صعب: "يجب أن نتحاور لننتخب رئيساً للجمهورية لأنّ لا أكثرية قادرة على انتخاب رئيس وقد مرّ 450 يوماً على الشغور الرئاسي والدستور لا يمنع الحوار".

وأضاف: "يجب تحكيم العقل في ملف الرئاسة، وخوفي أن يصبح هذا المجلس شاهد زور. لقد عقدنا 12 جلسة إنتخابية ولم نصل إلى نتيجة وكما يُقال لو بدا تشتي غيمت. أخاف أن نناقش الموازنة العام المقبل من دون رئيسٍ أيضاً". 

النائب ميشال معوّض لفت إلى أنّ الحرب الحالية قادرة بأي لحظة أن تتحوّل إلى حرب شاملة تدمّر كلّ لبنان "، مشيرا إلى ان "اللبناني عاجز عن تقرير مصيره".

وتوجه لميقاتي قائلا: "لا يحق لك تجيير صلاحيات رئيس الحكومة إلى أحد".

وعن الثوابت، قال: "لا بدّ من الاتفاق على 3 ثوابت هي أوّلًا أنّ كل لبنان يقف إلى جانب القضية الفلسطينية وثانيًا علينا الاتفاق على آلية القرار وكل آلية خارج الدولة والدستور تأخذ البلد إلى الانقسام وثالثًا التزام الطائف والدستور".

وعن الفساد، أكد معوض "أننا في واحد من أكثر البلدان فسادًا إنّما ليس هناك فاسدون وفي بلد فيه إجرام لكن ليس هناك مجرمون"، لافتا إلى أن "الحكومة تقف عاجزة أمام ارتفاع أرقام الاقتصاد غير الشرعي الذي بات يشكّل 50 إلى 60 في المئة".

وأضاف: "بعد "دعوسة" الدستور والقوانين نقع دائمًا بين خيار السيئ والأسوأ ووجودنا اليوم في الجلسة هو لتأمين النصاب كي لا تقرّ الموازنة بمرسوم وكي نحمي المواطن".

وعن موازنة 2024، أكد معوض أن هذه الموازنة تشجّع غير الملتزم والاقتصاد الأسود، مشيرًا إلى انها موازنة التشبيح وتجويع المواطن وضرب القطاع الخاص الشرعي لصالح أبطال التهريب وموازنة ضرب الموظّفين في القطاع العام ومؤسسات الدولة لصالح الزبائنية".

وختم قائلا: "الحلّ لا يكون من خلال الموازنة إنّما باستعادة الدولة لقرار السيادة وانتخاب رئيس وتشكيل الحكومة والشروع في الإصلاحات ولن نعطي ثقتنا للموازنة".

النائب راجي السعد اعتبر ان الإنجاز الوحيد هو ما قامت به لجنة المال والموازنة إذ إنّها رقّعت موازنة تشبه كلّ شيء إلّا الموازنة فهي بلا رؤية ولا خطّة ولا أرقام.

وقال: "ما قمنا به خلال لجنة المال والموازنة هو رأفة بالمواطن والقطاع الخاص والموظّف في القطاع العام ورأفة بالمرضى والعسكريين والضباط والأساتذة والطلاب والجامعة اللبنانية".

أضاف:" هدف الموازنة تسديد نفاقات القطاع العام ولم تأخذ تداعيات الانهيار الماليّ وانعكاسه على مختلف طبقات المجتمع".

مواقف النواب قبل الجلسة

وقبيل الجلسة، علّق عدد من النواب على الموازنة، فقال النائب فؤاد مخزومي: "نحن في حالة حرب و"بدّنا نروح نشحد حتى نعطي الجيش؟" وطلبتُ الكلام خلال جلسة مناقشة الموازنة والتعديلات التي طرحناها في لجنة المال لم توضع حرفياً".

من جهته، أشار النائب جورج عدوان في حديث للـ mtv ، الى أن مشروع الموازنة المطروح من الحكومة عبارة عن ورقة فيها أرقام غير دقيقة، وسنفنّد في تكتل "الجمهورية القوية" كل هذه المواضيع.

بدوره قال النائب ملحم الرياشي: "نرفض الموازنة لأنها من دون قطع حساب وسنصوّت ضدّها وهناك بعض البنود التي تحتاج الى تعديل".

وقال النائب وضاح الصادق: "للمرة الأولى تمكّنت مجموعة من النواب المنظّمين أن تجعل الموازنة أقل سوءاً من خلال نزع بعض الألغام التدميرية للمواطنين".

النائب أسعد درغام، لفت الى أن نواب من تكتل "لبنان القوي" ساهموا في إجراء التعديلات على مشروع الموازنة، وقال: "نحن نشارك في الجلسة اليوم ولا قرار بمغادرتها لكن سنرى مجرياتها ولباسيل كلمة وعلى ضوئها سنقرّر".

وأكّد النائب أشرف ريفي أن حضورهم إلى الجلسة هو لإسقاط الموازنة التدميرية وغير الدقيقة، وقال: "قد نذهب من الخطر الأكبر إلى الخطأ الأصغر لكننا في خطر".

وأما النائب ميشال الدويهي، فأكّد بدوره أن "الموازنة كما وردت من الحكومة هي كارثية ولجنة المال قامت بعمل كبير لتحسينها لكنها لا تزال غير كافية فهي من دون قطع حساب وبالتالي غير دستورية".