سيارة إسعاف ودبابة على طريق السراي...أي حكومة ننتظر؟

كتب أنطوان الفتى في "أخبار اليوم":

ربما يُمكن اعتبار ما قاله السفير السعودي في لبنان، وليد البخاري، من قصر بعبدا أمس، تتمّة للخطاب السعودي الموجّه الى روسيا في شأن الأزمة السورية مؤخّراً.

فبُعَيْد اللّقاء الذي جمعه برئيس الجمهورية ميشال عون، أكد السفير السعودي المواقف نفسها، التي دفع عَدَم الإلتزام بها، الى "الإنسحاب" العربي شبه التامّ من لبنان، قبل نحو عامَيْن، والى التوجُّس العربي من سوريا منذ ما قبل عام 2011، وتحديداً على صعيد تأكيد أهمية مضامين قرارات مجلس الأمن الدولي 1701، و1680، و1559، من أجل الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته. بالإضافة الى التشديد على أن اتّفاق "الطائف" هو المؤتَمَن على الوحدة الوطنية، وعلى السّلم الأهلي فيه. 

فرنسا

أما بالنّسبة الى فرنسا، صاحبة المبادرة بشأن الأزمة اللبنانية، فقد أكد عون لسفيرتها آن غرييو، تمسّكه بـ "المبادرة الفرنسية كمشروع إنقاذي للبنان"، مُشدّداً على العمل من أجل الوصول الى تشكيل حكومة جديدة، تواجه التحدّيات الراهنة على مختلف الصُّعُد.

فهل من فارق بين أن تكون المبادرة الفرنسية مشروعاً إنقاذياً للبنان، أو مشروعاً حكومياً له؟ وماذا عن إفهام فرنسا أن مواجهة التحدّيات يحتاج الى حكومة، غير تلك التي تشترطها مبادرة باريس؟

وماذا بعد سماع الكلام السعودي، بديبلوماسيّة محنّكة، حول أن لا أموال للبنان، إذا بقيَ النّفوذ الإيراني، السياسي والعسكري فيه، على حاله؟ 

اشتباك مباشر

شدّد الوزير السابق رشيد درباس على أن "الموقف السعودي من لبنان والمنطقة صار معروفاً، لا سيّما أن السعودية وسط معركة مصيرية، تُقصَف فيها مطاراتها ومنشآتها النفطية يومياً. وهي مع الدول العربية الدّاعمة للشرعية في اليمن، في اشتباك مباشر مع إيران، هناك".

واعتبر في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "أمام هذا الوضع، لن تغيّر الزيارات المواقف السعودية الأساسية من الصّراع. ولذلك، من المؤكَّد أن السفير السعودي، عندما وُجِّهَت الدّعوة إليه لزيارة الرئيس عون، خاطب الإدارة السعودية، واتّفق معها على ما قاله من قصر بعبدا أمس، كما ورد. وهو تقصّد الإشارة الى أن الزيارة أتت بموجب دعوة من الرئيس عون، وذلك حتى لا يُساء تفسير الشّكل، بمضمون غير صحيح. فالسفير السعودي قام بزيارات لبنانية أخرى سابقاً، بالتنسيق مع الإدارة السعودية، ولكنّه تعمّد القول إن زيارة القصر الجمهوري أمس، حصلت تلبية لدعوة رئاسية". 

تعطيل وطني؟

وعن التعبير "الرئاسي" عن التمسُّك بـ "المبادرة الفرنسية كمشروع إنقاذي"، وكأنها إطار عام، بدلاً من القول إنها مشروع حكومي، بوضوح، قال درباس:"هذا يُشبه الـ Thèse والـ Antithèse. فالمبادرة الفرنسية، تقول للّبنانيين ستحصلون على المال إذا أظهرتُم كيف أن مستوعبكم الخاصّ ما عاد مثقوباً. ولكن هذه الحالة لا تتحقّق إلا بحكومة تسير بموجب برنامجها، وبلا صراعات في داخلها. وهذا النّوع من الحكومات، يجب أن لا يكون مرتبطاً بقوى سياسية تلجمها عن اتّخاذ الإجراءات اللازمة. فبالتجربة، ظهر أن حكومات الوحدة الوطنية هي حكومات التعطيل الوطني". 

سيارة إسعاف

وعن التشديد أمام السفيرة الفرنسية، على العمل من أجل تشكيل حكومة جديدة، تواجه التحدّيات الراهنة على مختلف الصُّعُد، بما يوحي وكأن أي حكومة يتمّ تشكيلها بموجب شروط المبادرة الفرنسية، لن تكون قادرة على مواجهة التحدّيات، أجاب درباس:"حكومة المبادرة الفرنسية تُشبه سيارة إسعاف، بينما حكومة مواجهة التحديات، فهي مثل دبابة".

وختم:"الإنقاذ يحصل بواسطة حكومة تضع القطار على السكة الصحيحة، وتبدأ بلَجْم التضخُّم، وتفتح الأبواب للبنان مع "صندوق النّقد الدولي"، ومع الجهات المانحة، ومع الدّول الصّديقة، وتوفّر ولو بعض الإطمئنان لاستجلاب المستثمرين، ولجَذْب أموال اللبنانيين من الخارج. كما أن الإنقاذ لا يتحقّق إلا بإعادة اكتساب الثّقة، وهذه هي النّقطة الأهمّ".