شراكة اقتصادية بين الرهبانية ومشيخة العقل: 3 مشاريع في الأملاك الوقفية تعزز العيش المشترك

لعلّه الاتفاق الإنمائي - الحيوي المشترك الأول من نوعه في الجبل، في زمننا المعاصر ما بعد الحرب وصفحة التهجير التي طويت منذ زمن.

ليس إطلاق لمشاريع اقتصادية، تنموية، ريفية مشتركة، بقدر ما هو تكريس لهذه الشراكة التاريخية في بلدات الجبل وقراه، والتي لا تقوم إلا على الدرزي والمسيحي معا.


من هنا، شهدت دار الطائفة الدرزية قبل أيام توقيع اتفاق تعاون مشترك بين الرهبانية اللبنانية المارونية ومشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز، ووضع في إطار برنامج الشراكة الروحية والوطنية.
في الحضور، كان المشهد مكتملا عبر حضور شيخ العقل الدكتور سامي أبي المنى ورئيس الرهبانية الأب العام هادي محفوظ، إلى جانب حضور سياسي وديني وفاعليات من الجبل. 
وفي المضمون، عنوان عريض تخلله توقيع الاتفاق الأول، على أن تليه اتفاقات أخرى تحت شعار "مشاريع تخدم الطبقات الفقيرة وتدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة".


بين الدروز والموارنة علاقة متينة واستراتيجية وضعت أسسا ثابتة ومتينة، وتحديدا بين الرهبانية ومشيخة العقل، وتعمقت أكثر منذ مصالحة الجبل عام 2001. لذا، وقّع الاتفاق الأول منسقا المشروع الأب سمير غاوي والسيد نظام حاطوم، وليست مفارقة أن يكونا مكلّفين البرنامج، فالأول كان رئيس دير مار مارون المعوش ثم رئيس دير مار جرجس الناعمة، والثاني المدير العام لشركة B5 للدراسات والاستشارات وإدارة الاستثمارات، فالاثنان على تماس مباشر مع حياة اللبنانيين في الجبل ومقومات عيشهم.


ثلاثة مشاريع
ما هي المشاريع التي سيشملها الاتفاق؟


•    الأول: مشروع صناعي بيئي لإنتاج الفحم الطبيعي الطبي الخالي من السموم والمواد الكيمائية. سينشأ على أملاك الرهبانية اللبنانية المارونية في منطقة كفرمتى (قضاء عاليه – قرى الشحار الغربي). سينتج المصنع الفحم الطبيعي غير الصناعي. ويعدّ المشروع باكورة الاتفاقات، إذ أنهت الشركة الدراسة التقنية والمالية وأصبحت جاهزة لتسليمها لمن يرغب في المشاركة. وليست مصادفة أن تختار كفرمتى لتنفيذ المشروع الأول، لما تحمله من أكثر من دلالة ورمزية عند الدرزي والمسيحي معا.


•    الثاني: مشروع الزراعة المستدامة، ويعدّ الأول من نوعه في المنطقة حيث بني على قاعدة إعادة تأهيل البنية الزراعية بالشراكة مع كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية عبر إقامة مركز للأبحاث ومختبرات للتجارب العلمية وحقول زراعية على مساحة الوطن، تبدأ من ارتفاع صفر إلى أعلى قمم الجبال.
يسمح المشروع بإدخال عشرات الأصناف من الأشجار المثمرة الجديدة والأعشاب الطبية والعطرية، ويساعد على مكافحة التصحر وتخصيب التربة غير الزراعية وزيادة المساحات الخضر.


•    الثالث: معالجة تلوث المياه والنفايات العضوية. يقوم المشروع على المعالجة البيولوجية والفيزيولوجية المتكاملة حيث ستعالج النفايات العضوية والمطامر والمكبات العشوائية، فيساهم في تحويل النفايات إلى أسمدة عضوية.
في المعلومات، كلّف حاطوم وشركته إعداد دراسة اقتصادية - استثمارية تؤمن فرص العمل للمجتمعات الريفية في الجبل، عبر استثمار ما يصلح من الأملاك الوقفية. ثم عقدت شركة B5 للدراسات والاستشارات وإدارة الاستثمارات اتفاقات مع عدد من شركات تملك حقوق الملكية والفكرية وبالشراكة مع كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية وغيرها.


أما التمويل، فمن مستثمرين من الداخل والخارج، فيما ستعلن النقاط المالية والتنفيذية للمشاريع تباعا.
هكذا، وضع المدماك الأول لهذه الشراكة الاقتصادية، بعدما ثبتّت الشراكة السياسية هوية الجبل، فهل تكون هذه المشاريع الاقتصادية مدخلا لفرص عمل تثبّت الناس، ولاسيما الجيل الشاب، في أرضه من خلال تكريس هوية العيش المشترك الحقيقي، وبعيدا من "نغمة البعض الخاطئة" أن "الجبل يفتقر إلى مقوّمات العيش"؟!