ضبط أطنان من الأدوية المزورة... الرقابة تبدأ من المعابر

تتوالى فصول قضية الأدوية المهربة والمزوّرة في لبنان، مع الكشف يوم أمس عن محاولة جديدة لتمرير شحنة أدوية عبر الأراضي اللبنانية باستخدام وثائق منسوبة زوراً إلى وزارة الصحة. وتأتي هذه التطورات في سياق سلسلة فضائح سابقة كانت "المدن" قد كشفت تفاصيلها، والتي تؤكد وجود شبكات تهريب منظمة تستغل ضعف الرقابة والخلل عند المعابر الحدودية.

ملابسات عملية الضبط في المطار

بعد كشف "المدن" أمس عن عملية ضبط مديرية الجمارك في مطار رفيق الحريري الدولي لشحنة أدوية حاول المتورطون إخراجها عبر المطار باستخدام تأشيرات مزيّفة تحمل اسم وزارة الصحة، أوضح مصدر رسمي من الوزارة بأن أدوية مزوّرة ومهرّبة يتم ضبطها بين الحين والآخر في البلد وهو ما دفع إلى إجراء حملة لتحديد مسارات الأدوية الشرعية التي تدخل عن طريق الوزارة مؤكداً أن منع إدخال الأدوية المهرّبة والمزورة يعتمد بشكل أساسي على الأجهزة الرقابية عند المعابر الحدودية حيث لا وجود للوزارة فيها.

تزوير وثائق

وكانت "المدن" قد كشفت أمس أن عملية التهريب وفق ما أظهرت التحقيقات لم تكن الأولى من نوعها، فثمة أكثر من 80 شحنة سابقة خرجت بوثائق مزورة.

أما الشحنة الأخيرة، فكانت آتية من الهند، بينما تشير التحقيقات إلى أن الشحنات السابقة وصلت من باكستان وتايلاند ودول أخرى. والمتورطون يعملون في مجال الشحن والتخليص، فيما تُتابع التحقيقات بإشراف النيابة العامة المالية، لتحديد المسؤوليات داخل المطار وخارجه.

الوزارة توضح

وفي تعقيب على عملية الضبط، أوضح مصدر رسمي في وزارة الصحة في حديث لـ"المدن" أن الوزارة تتابع منذ أيام شكاوى عدة من صيادلة حول صعوبة التمييز بين الأدوية الأصلية والمزوّرة، في ظل انتشار المكملات الغذائية والمنتجات الدوائية المقلدة في السوق. وأضاف: نحن نعمل على عدة إجراءات، أولاً: لا يسلم أي دواء إلى المستشفيات الحكومية إلا عبر الوزارة مباشرة.

وهناك نظام جديد يعتمد على (الكود) الذي يتيح التأكد من تسجيل الدواء في الوزارة، ويستطيع الصيدلي عبر هذا الكود معرفة ما إذا كان الدواء عابر من خلال وزارة الصحة فعلاً، ويظهر لديه مصدر الدواء وكميته الرسمية.

ووفق المصدر، فإن وجود أي دواء غير مسجل في الصيدليات يعني أن الصيدلي يحصل عليه من السوق السوداء، بمعنى أن كل دواء له موزع ووكيل، وفي حال وجود دواء مزوّر في صيدلية فهو حتماً وصل عبر قنوات غير قانونية.

وأشار إلى أن الوزارة، بالتعاون مع نقابة الصيادلة، أطلقت حملات تفتيش منذ شهري أيار وحزيران، شملت الأدوية المهربة والمزوّرة. وأكد أن المشكلة الأساسية تبقى على المعابر الحدودية حيث تمرّ الأدوية عبر مجموعات تهريب منظمة. والوزارة ليست لها وجود مباشر على الحدود، وبالتالي يبقى التشدد الجمركي والأمني الأساس للحد من هذا الخطر.

الأدوية المزورة والفاسدة

وكان سبق لـ"المدن" أن نشرت منذ أيام تحقيقاً حول انتشار الأدوية المزورةوالفاسدة في الأسواق اللبنانية، حيث وثقت حالات تسمّم عدة.

كما نقل التحقيق شهادات صيادلة يؤكدون تزايد حالات التسمّم، خصوصاً من مكملات غذائية وفيتامينات مجهولة المصدر، وسط اعتقاد واسع بأن بعض التجار بدأوا يتخلصون من مخزونات قديمة ومهربة بعد سنوات من الاحتكار والتهريب خلال الأزمة الاقتصادية.

وأشار التقرير أيضاً إلى أن غياب الرقابة الرسمية، وتحديداً على الحدود، أفسح المجال أمام مافيات دواء، مستفيدة من الإقبال على الأدوية الأرخص المستوردة من تركيا ومصر وسوريا.