ضريبة القيمة المضافة على منصة صيرفة... أو بقرار مشترك بين الخليل وسلامة

أقر مجلس الوزراء مجدداً سلسلة من الرسوم والضرائب لتحقيق عائدات إضافية وتسديد المستحقات المترتبة على الدولة لا سيما تأمين مداخيل لتمويل أجور القطاع العام التي زادت 4 رواتب عدا بدلات النقل والإنتاجية، وما قد يتبع ذلك من طبع للعملة الوطنية ايضاً.

وهذه المرة جاءت المداخيل من باب الضريبة على القيمة المضافة، إذ تمّ تحديدها وفق سعر منصّة صيرفة اذا كانت الفواتير محدّدة بعملة أجنبية، او بقرار مشترك بين وزير المال يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة للبضائع عند الاستيراد.

وفي التفاصيل، عدّل مجلس الوزراء في المرسوم رقم 11230 المادة 18 من المرسوم رقم 7309 وتعديلاته، الضريبة على القيمة المضافة (تاريخ استحقاقها وأساس فرضها).

نص التعديل الجديد

ألغى مجلس الوزراء نص المادة 18 من المرسوم 7308 المتعلق بتحديد دقائق تطبيق احكام القانون رقم 379/‏2001 (الضريبة على القيمة المضافة) واستبدله بالنص التالي:

في حال كان ثمن الخدمة أو المال محدّداً بعملة أجنبية وبهدف احتساب أساس فرض الضريبة على القيمة المضافة ولحين اعتماد سعر صرف موحد، يعتمد ما يلي:

أولاً: عند الإستيراد يعتمد سعر صرف الدولار الأميركي الذي يحدد بقرار مشترك يصدر عن وزير المالية وحاكم مصرف لبنان لاستيفاء الرسوم الجمركية وأيضاً بالنسبة الى الضريبة على القيمة المضافة وسائر الرسوم التي تفرض عند الإستيراد.

ثانياً: في حال قيام المكلفين بالضريبة على القيمة المضافة بعمليات تسليم اموال أو تقديم خدمات لصالح اشخاص محترفين من غير المستهلكين بالعملات الأجنبية، تحتسب الضريبة على القيمة المضافة وفقاً لسعر الصرف الصادر عن منصّة صيرفة. ويتوجّب اظهار قيمة الضريبة على القيمة المضافة المتوجّبة على الفواتير أو المستندات المماثلة لها بالليرة اللبنانية.

ثالثاً: تحتسب الضريبة على القيمة المضافة المتوجبة على الفواتير الصادرة بعملة أجنبية من قبل الجهات الرسمية المعنية بتسليم الأموال وتقديم الخدمات المتعلقة بالإتصالات السلكية واللاسلكية لصالح المشتركين سواء كانوا من المستهلكين أو المحترفين على اساس سعر منصّة "صيرفة".

رابعاً: تحتسب الضريبة على القيمة المضافة المتوجبة على رسوم المطارات والمرافئ المحدّدة بالعملات الأجنبية على اساس سعر منصّة صيرفة.

 

b2b ولا علاقة للمستهلك

وفي قراءة لتداعيات هذا المرسوم، اكّدت مصادر مطلعة أن هذا المرسوم يتعلّق بالتجارة B2B (Business to Business)، وليس للمستهلك علاقة مباشرة به. وانه بدلاً من تسديد الضريبة على القيمة المضافة وفق سعر 15 ألف ليرة على المسعر بالعملات الأجنبية يتمّ تسديدها وفق سعر "صيرفة" البالغ حالياً 86500 ليرة لبنانية.

وهذا الأمر أكّد عليه رئيس نقابة اصحاب السوبرماركات نبيل فهد خلال حديثه الى "نداء الوطن" إذ قال إن "لا تأثير لذلك القرار على أسعار السلع في السوبرماركت لأنه يتمّ استيفاء الضريبة على القيمة المضافة في المتاجر والسوبرماركت على سعر صرف السوق السوداء، وما نحصّله من المستهلك نسدده الى الخزينة. لن يتغير أي شيء في هذا الخصوص، لكن ما يتغيّر هو أن المستورد أو المصنّع بات يسدّد قيمة الضريبة الى الخزينة بطريقة اسرع أي بظرف زمني قصير. وتأثيره هو على التبادل التجاري B2B فحسب".

فاذا سدّد صاحب سوبرماركت الضريبة على سلعة بقيمة 7 دولارات فإن ضريبة الـ TVA بقيمة 70 سنتاً، يسدّدها صاحب السوبرماركت 30 سنتاً والتاجر 70 سنتاً للخزينة، ووفق تلك المعادلة يدخل الى الخزينة دولار واحد ولا يتغير شيء اذ ستتقاضى الدولة نسبة 11% من السعر النهائي الذي يباع بالتجزئة وبالمفرق".

إلا أنه عاد وأكّد أن "ما يحصل بين التاجر وتاجر الجملة والمستورد، كل ذلك يحسم من الضريبة النهائية التي يدفعها المستهلك في نقطة البيع. وبذلك إن المبلغ الذي يدخل الى الخزينة لن يتغيّر ولكن التوقيت يتغيّر".

أي ضريبة تنعكس على الاستهلاك

من جهته لم يوافق الباحث الإقتصادي وخبير المخاطر المصرفية د. محمد فحيلي لجهة ان لا تأثير لذلك القرار على المستهلك، إذ رأى أن أي ضريبة من الكيان السياسي على الإستهلاك أو التجارة تنعكس على علاقة التاجر أو المستهلك مع الدولة. أي الدولة اذا فرضت ضريبة على التاجر، سيبحث الأخير عن النسبة التي يمكن تحميلها الى المستهلك أو الزبون وكيفية امتصاصه لتلك الضريبة من أرباحه، سواء كانت تطبق او تستوفى من علاقة تجارية بين التجار بين بعضهم أو علاقة تجارية بين التجار والمستهلكين أو زبائنهم. فالضريبة ستحصّل إما من أرباح التجّار أو من فاتورة الإستهلاك للزبون او المستهلك".

لذا فان قول إنها لن تطال المستهلك هو تبرير خاطئ لأن النظام الضريبي لا يعتمد تلك القاعدة. فاذا الدولة رفعت ضريبة الدخل على سبيل المثال، من يتقاضى راتباً بالدولار النقدي تحتسب الضريبة بطريقة مختلفة عن الطريقة التي كانت تحتسب عندما كان سعر صرف الدولار وفق 1500 ليرة. فربّ العمل يحصّل ضريبة الدخل ويسدّدها الى وزارة المالية ولكنه سيبحث بطريقة ما عن كيفية تخفيف أعباء الضريبة وتداعياتها عليه، اذ سيبدأ التوظيف بالسوق السوداء".

وبالنسبة الى مرسوم احتساب الضريبة وفق منصّة "صيرفة"، قال فحيلي: "إذا زادت الدولة ضريبة الدخل واحتسبتها وفق سعر منصة صيرفة أو غير ذلك، لم تتطرق حينها الى مسألة إشتراكات الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. ولكن من تداعيات ضريبة الدخل احتساب حجم إشتراكات ربّ العمل للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي".

الى مزيد من تهرّب وتهريب

ولفت الى أن "أي توجه من قبل القوى السياسية الى إقرار ضرائب أو رسوم إضافية في بلد يفتقد الى الرقابة بشكل نهائي سواء من وزارة المالية أو الإقتصاد، يشجع على التهريب والتهرّب. فمن الممكن أن تمنح الضرائب والرسوم مساحة إضافية للمحتكرين من تجار لزيادة الأعباء على المواطن اللبناني وإلزامه بتسديد رسوم إضافية على فاتورة الإستهلاك لتسديدها الى وزارة المال، أو في المقابل رفع الأسعار بحجة الرسوم الإضافية على مواد الإستهلاك، رغم أن جزءاً كبيراً أو قسطاً كبيراً من مواد الإستهلاك لا يخضع للضريبة على القيمة المضافة، ولكن سيجد التاجر طريقة للاستمرار في رفع الأسعار.

فالطحين مثلاً الذي يستخدم للخبز لا ضريبة قيمة مضافة عليه، ولكن السكر على العكس، والمازوت الذي يستخدم للكهرباء تفرض عليه TVA. من هنا يجب ان يكون تركيز السلطة السياسية على تأمين إيرادات إضافية تبدأ من الغاء كل الإعفاءات والإمتيازات الضريبية وإعادة دراستها لأنها ولدت من رحم الفساد. الغاؤها يبدأ مباشرة بتحقيق إيرادات إضافية لأن معظم الأفراد أو الكيانات التي تتمتع بإعفاءات وامتيازات ضريبية قادرة على دفع ضرائب عالية. وهذا الأمر مهم. لذلك اعتبر فحيلي أنها خطوة يضعها في إطار الأحلام، أكثر من عكسها واقعاً على الساحة الإقتصادية في لبنان التي ممكن أن تؤدي الى ايرادات إضافية الى المالية العامة.

في الخلاصة إن إطلاق عجلة المحاولة لتأمين ايرادات إضافية لتغطية النفقات التي أقرّتها الدولة، لا تبدأ من هنا بل، بحسب فحيلي، "من إعفاءات واستثناءات وامتيازات ضريبية التي لا تشكّل أعباء إضافية على المستهلك صاحب الدخل المحدود".