نشأت الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية المعروفة باسم طالبان (جمع كلمة طالب في لغة البشتو) في ولاية قندهار (جنوب غربي أفغانستان) على الحدود مع باكستان عام 1994، على يد الملا محمد عمر مجاهد (1959-2013)، إذ رغب في القضاء على مظاهر الفساد الأخلاقي، وإعادة أجواء الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وهي حركة إسلامية سنية تعتنق المذهب الحنفي، وتعتبر الحكم الشرعي في مذهبها حكماً واحداً لا يحتمل الأخذ والردّ حوله، ومن ثم يصبح تنفيذ الأحكام الشرعية لدى طالبان حتى وإن كانت هناك مذاهب أو آراء أخرى تخالفها واجباً دينياً لا مفرّ من تنفيذه. أمّا من أهداف طالبان، فهي استعادة الأمن والاستقرار وجمع الأسلحة من جميع الأطراف، وإقامة حكومة إسلامية على نهج الخلافة الراشدة، على أن يكون الإسلام دين الشعب والحكومة معاً.

طالبان والنساء
حكمت طالبان في أفغانستان بين عامي 1996 و2001، وطبّقت وجهة نظرها المتطرفة للشريعة الإسلامية، ما أدى إلى فقدان النساء لأبسط الحقوق الإنسانية العامة، مثل التعليم والعمل وحرية الحركة، وقد حظرت العمل على النساء ومنعت الفتيات من الالتحاق بالمدارس، وفُرض على النساء ارتداء الملابس التقليدية والإلتزام بالبرقع، وعدم الخروج من المنزل والتّنقل في الأماكن العامة من دون محرم ومرافق من الرجال، وتعرّضت النساء اللواتي خالفن تعاليم التنظيم خلال فترة حكمها الأولى إلى ممارساتٍ مُذلّة، وإلى الجلد والإيذاء على أيدي الشرطة الدينية، بما في ذلك رجم النساء اللّواتي اتُّهمنَ بالزنا.
وحشيّة طالبان تجاه النساء لم تقف عند هذا الحدّ حيث سُجّل عدد كبير من الإنتهاكات بحقهنّ، منها قطع أصبع امرأة لأنها كانت تضع طلاء الأظافر، فيما تمّ رجم وجلد العديد من النساء بسبب اتّهامهنّ بالحديث مع الذكور، ارتياد المدرسة أو حتّى القيام بغسل الملابس في النهر، بالإضافة الى عقوباتٍ تتعلّق بالملابس.

الأمرُ واقعٌ لكن السكوت عنه جريمة
سيطرة طالبان باتت كاملة اليوم على الأراضي الأفغانية، وانسحاب قوات حلف شمال الأطلسي تمّ وعمليات الإجلاء المُفترض القيام بها قد انتهت، إلّا أن مشهداً واحداً عاد الى الواجهة، ألا وهو البطش التعسّفي من قبل جماعةٍ تُؤمن بالعنف وتُحلّله، فوضع النساء يسوء يوماً تلو الآخر من دون رادعٍ لأن من اختبأ في الكهوف لمدّة عقدين من الزّمن هرباً من الغارات الجوّية، بات اليوم في موقع سلطة على بلادٍ كبيرة ذات أهمّية جيو-استراتيجية وسط القارّة الآسيوية.
ولطالما أكّد قادة طالبان خلال محادثاتهم مع القادة الغربيين وغيرهم، أن المرأة ستستمر في التمتع بحقوق متساوية لكن وفقا "للشريعة الإسلامية"، بما في ذلك الحق في العمل والتعليم. إلا أن الواقع في المدن التي اجتاحها المتمردون، يظهر أن النساء بدأن خسارة وظائفهن لصالح الرجال.
لا يمكن السكوت عن حالة النساء والقمع الذي يتعرّضن له بشكلٍ "روتيني"، فلا يُجوز أن يقف المجتمع الدّولي مُتفرّجاً على هذه الجريمة في مُجتمع ذكوري لا يؤمن بالمساواة بين المرأة والرّجل ويتعدّى على حقوق الإنسان، ظنّاً منه أنه يطبّق شرع الله، فيما بالفعل أَوجَد مقبرةً مفتوحةً، ومنبعاً لكبت الحرّيات التي من المفترض أن تكون بديهية في القرن الـ21.